المشعر الحرام يُطلَق، حتى في زمن الصحابة، على الجبل المتوسط الذي عليه الآن المسجد، وإن كان الحكم في الإقامة والنزول في مزدلفة ليس خاصًّا بهذه البقعة، بل قد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«وَقَفْتُ هَاهُنا، وَجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ» أخرجه مسلم (1218).يعني مزدلفة كلها موقف، كما قال ذلك صلى الله عليه وسلم في عرفة:«وَقَفْتُ هاهُنا، وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ»أخرجه مسلم (1218). .
إذن نحن فهمنا لماذا سميت بهذه الأسماء.
النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء - أيها الإخوة والأخوات - إلى جمع امتثل ما أمر الله تعالى به، في قوله: ﴿فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ﴾ البقرة: 198، إذا خرجتم من عرفات، وسرتم منها، فاذكروا الله عند المشعر الحرام، أمر الله تعالى بذكره عند المشعر الحرام. وأولُ امتثال لذلك هو ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه أول ما جاء إلى المشعر الحرام أمر المؤذن فأذن، ثم توضأ صلى الله عليه وسلم وأقام للمغرب، قبل أن ينزِل الناس رحالهم، يعني: وما زالت إبلهم واقفة، ومتاعهم عليها، أول ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم هو وضوءه، ثم صلاته، فصلى المغرب، ثم أناخ الناسُ رِحالهم، وأنزلوا شيئًا من متاعهم، وأقام العشاء، صلوات الله وسلامه عليه، وصلى العشاء، ثم اضطجع، فكان أول ما فعله عند المشعر الحرام امتثالًا لما أمر الله بذكره عند المشعر الحرام أن ذكر الله بالأذان والصلاة، ثم بعد ذلك اضطجع صلى الله عليه وسلم. اضطجع لأنه كان يومًا شاقًّا، فيه من العناء، لاسيما في الزمن الأول، الناس عرضة للشمس، والتعب، والركوب على الدواب التي الركوب عليها فيه من التعب ما فيه. اضطجع فنام؛ نقضًا للتعب الذي أدركه في يوم عرفة، واستعدادًا لما يكون من الأعمال في يوم النحر.. نام صلوات الله وسلامه عليه.
وقد اختلف العلماء؛ هل أوتر النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة أو لا؟ والصواب أنه أوتر، وأما من لم ينقل وتره، فإنه لم ينقل ما كان عليه عمله، صلوات الله وسلامه عليه، فإنه لم يترك الوتر لا في سفر ولا في إقامة، صلى الله عليه وسلم.