"فإذا فَرَغَ من الطواف فإنه يُسنُّ له أن يصلي ركعتين عند المقام إن تيسر له ذلك، وإلا فحيث تمكَّن.
وهذا الطواف ركنٌ من أركان العمرة، وهو سنةٌ في حق الحاج المُفْرِدِ والقارن".
فإذا فَرَغَ من الطواف شُرِع له أن يتوجه إلى المقام؛ فإنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد أن فرغ من طوافه اتجه إلى المقام، وتلا قول الله تعالى: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ [البقرة:125] أخرجه مسلم (1218) .
ويُسنُّ أن يصلي ركعتين يجعل المقام بينه وبين البيت، ويُخَفِّف في هاتين الركعتين، يقرأ في الأولى بـــــ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾[الكافرون:1]، وفي الثانية بــــ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾[الإخلاص:1].
فإن لم يتيسر له الصلاة عند المقام فإنه يُصلي حيث تيسَّر له من الحَرَم، لاسيما في أوقات الزحام؛ فإنَّ قَصْد هذا المكان يترتب عليه مشقة وعناء، يَشُق على نفسه ويؤذي غيره.
فالطائفون أحقُّ بالمطاف من المصلِّين؛ ولذلك ينبغي أن يُصلي بعيدًا عن هذا المكان، وإنْ جعل المقام بينه وبين الكعبة وإن كان عن بُعْد فقد أتى ببعض المقصود، على أنَّ من العلماء من يقول: إن قوله تعالى: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾[البقرة:125] المقام يشمل كل أماكن العبادة التي تَعَبَّد فيها إبراهيم لربه -جلَّ في علاه- وهذا أحد قولي المفسرين، لكن فيما يتعلق بركعتي الطواف؛ لا خلاف بين العلماء أنه يُسنُّ أن تكون في هذا الموضع إن تيسَّر للطائف أن يأتي إليه ويصلي ركعتين.
ثم إذا فرغ سُنَّ له أن يرجع إلى الحَجَر فيستلِمَه كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهذا في زماننا فيه عُسْر لاسيما في أيام المواسم.
وعليه: فإن السُنَّة إذا فرغ من هذا أن يتوجَّه إلى المسعى ليأتي بالسعي بعد فراغه من ركعتي الطواف.
وركعتا الطواف سُنَّةٌ في قول جمهور العلماء، فلو تركهما لم يؤثِّر ذلك على حجه ولا على عمرته، ولا على صحة طوافه، لكنه ينبغي أن يحرص عليهما.
وذهب الإمام أبو حنيفة إلى: أنَّ هاتين الركعتين واجبتان.
والصواب: ما عليه الجمهور من أنَّ هاتين الركعتين مستحبتان وهما سنةٌ مؤكدة.
هذا الطواف تقدَّم أنه ركنٌ في حق المعتمر، وهو سنةٌ في حق المفرد والقارن، أما المتمتع وهو مَن جاء بعمرة فطوافه ركنٌ من أركان العمرة لا تصح عمرته إلا به.
