أما ما يتعلق بالنحر، فمبدؤه: من فجر يوم النحر، وأما منتهاه: فإن منتهاه بغروب شمس يوم الثالث عشر من ذي الحجة على الراجح من قولي العلماء.

فالإجماع منعقد على أنه لا يجوز تأخير ذبح الهدي عن أيام التشريق.

لكن فيما يتعلق بنهاية وقت الذبح للعلماء قولان:

الأول: أن آخر وقت ذبح الهدي غروب شمس آخر أيام التشريق، وهو مذهب الشافعي، ورواية في مذهب أحمد، وهو الراجح الذي ذكرناه قبل قليل.

القول الثاني: أن آخر وقت ذبح الهدي غروب شمس يوم الثاني عشر من ذي الحجة، وهو ثاني أيام التشريق، وهذا قول أكثر أهل العلم من الحنفية، والمالكية، والحنابلة.

يعني عندنا اتفاق وهو أنه لا يجوز تأخيرها عن ماذا؟ عن أيام التشريق.

الخلاف في: هل يمتد وقتها إلى غروب شمس آخر يوم من أيام التشريق، أو أنه ينتهي وقتها بغروب شمس يوم الثاني عشر؟ هذا الخلاف.

الجمهور على أنه بنهاية ثاني يوم من أيام التشريق ينتهي وقت النحر، والإمام الشافعي يرى أن النحر يمتد وقته إلى غروب شمس يوم آخر يومٍ من أيام التشريق.

ومدار الخلاف على الاستدلال بقول الله تعالى: ﴿وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ﴾ الحج:28، فمن قال: آخر وقتها غروب يوم الثاني عشر قال: إن أيام جمع قلة، والمتيقن منه ثلاثة: يوم النحر، ويوم الحادي عشر، ويوم الثاني عشر، فجمع القلة أقله المتيقن منه والمتحقق ثلاثة، قد يزيد، لكن اليقين ثلاثة، فما زاد فمشكوكٌ فيه، فبالتالي ينتهي وقت النحر بغروب شمس يوم الثاني عشر.

وأما من قال بأنها تنتهي بغروب شمس أيام التشريق، قال: هي أيامٌ سَوَّى بينها الشارع في الأحكام، فمن ميَّز يحتاج إلى دليل، فقد قال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ، وَشُرْبٍ، وذِكْرٍ لله» أخرجه مسلم (1141) .

وقال الله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ﴾  البقرة:203، وهن أيام التشريق.

وجاء في المسند من حديث جبير بن مطعم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «وَكُلُّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ» أخرجه الإمام أحمد في المسند (16751)، وصححه ابن حبان (3854) .

وكل هذا يدل على أن النحر ينتهي بغروب شمس آخر يومٍ من أيام التشريق، وهذا هو الراجح من قولي العلماء، وهو مذهب الإمام الشافعي -رحمه الله.