شرح العقيدة الواسطية

من 1439-02-06 وحتى 1440-12-06
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 1845

التاريخ : 2017-11-05 12:17:52


أما بعد: "فهذا اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة، أهل السنة والجماعة"

هذه المقدمة التي قدم بها المؤلف -رحمه الله- أول بيانه في هذه العقيدة المباركة تقريرًا لما سار عليه المؤلف في بيان العقائد المتصلة بالله وأسمائه وصفاته، وما يتعلق بسائر أصول الإيمان، فهو سائر في ذلك على هذا النحو الذي ذكر في هذه المقدمة حيث إنه التزم بيان عقيدة الفرقة الناجية المنصورة أهل السنة والجماعة.

 وذلك أن الناس كانوا في أول العهد في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- على نحو واحد من الاعتقاد، يتلقون من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويأخذون عنه، وما أشكل عليهم رجعوا واستبانوا فيه من النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وما أدركه -صلى الله عليه وسلم- من خلل أو خطأ بين فيه الخلل والخطأ كما جرى في بيانه لخلل الخوارج، -صلوات الله وسلامه عليه- لما جاءه حاديهم ومقدمهم، فقال له اعدل يا محمد هذه قسمة لم يرد بها وجه الله، فبين النبي -صلى الله عليه وسلم- ضلاله وانحرافه،  وخطأ عمله، وأخبر عمن سيأتي في سبيله، ومسلكه، وطريقه ممن يقتفي أثره في معارضة النصوص، والخروج عن دلالات الكتاب والسنة بالأهواء والأوهام.

ثم جاء الصحابة سائرين على ما كان عليه النبي- صلى الله عليه وسلم- لا سيما في عهد الخلفاء الراشدين فإنه لم تحدث بدع كبرى سوى نوابت ما كان من عمل الخوارج ومن قابلهم.

ثم بعد ذلك طرأ الانحراف في الأمه وازداد، وكان بديات كثير من البدع قد ظهرت في أواخر زمن الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- ورد عليها الصحابة، وبينوا ضلالها وانحرافها.

ثم جاء التابعون فذهب عامتهم إلى اقتفاء ما كان عليه الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- فلزموا منهجهم وطريقهم، ولم يكن الانحراف فيهم متجذرا ولا واسعا، بل كان الانحراف على نحو ما كان في زمن الصحابة نوابت، وأصول للانحراف لم تتسع دائرتها، ولا يستطر شرها.

ثم جاء تابع التابعون على نحو هذا مع زيادة في ظهور البدع والانحراف فكان أهل هذه القرون الثلاثة، الصحابة، والتابعون، وتابعوهم هم أهل القرون المفضلة.

بعد ذلك عظم في الأمة الانحراف، وتباينت الطرق، وظهرت الفرق، وتنوعت الأفهام المعارضة لما دل عليه الكتاب والسنة، ولما كان عليه سلف الأمة؛ لهذا أكد المؤلف -رحمه الله- في بداية هذه العقيدة أن ما سيبينه هو جار على عقد أهل السنة والجماعة.

 وقد ذكر في بيات ذلك ثلاثة أوصاف:

-      أولا: قوله "أما بعد فهذا اعتقاد الفرقة الناجية"

فهمنا من هذا أن مضمون هذه  الرسالة هو بيان العقيدة، وتوضيح تفاصيلها وما دلت عليه من نصوص في الكتاب والسنة مما يتعلق بأمر العقائد، والاعتقاد أصله جزم القلب ويقينه، وهو مرتبة من مراتب العلم؛ ولذلك يفسر الاعتقاد بأنه جزم القلب وتصديقه، وأصله مأخوذ من عقد الشيء بربطه وتوثيقه، ذاك أن العقيدة أمر يعقد الإنسان قلبه عليها كما يعقد الحبل فيوثق ذلك توثيقا أكيدا، هكذا شأنه فيما يتعلق بعلمه بالله، فإن علمه بالله عقد يوثق فيه الإنسان معرفته بالله على نحو من الهدى إلا لزم الكتاب والسنة، أو على نحو من الضلالة إذا خرج عن دلاله الكتاب والسنة، وما كان عليه سلف الأمة.

فقوله رحمه الله: "فهذا اعتقاد الفرقة الناجية"  بيان لموضع الرسالة، وأنه في شأن العقيدة التي يجب أن تسكن القلوب، وأن تعتقدها الأفئدة، وأن يربط الإنسان عليها قلبه إقرارًا، وجزما، و تصديقا، إلا أن هذه العقيدة تميزت بأنها عقيدة الفرقة الناجية، المنصورة إلى قيام الساعة، أهل السنة والجماعة.

ذكر المؤلف -رحمه الله- في بيان ما كتبه من عقيدة أنه عقيدة الفرقة الناجية.

"المنصورة إلى قيام الساعة أهل السنة والجماعة"

وهذه أوصاف ثلاثة لهذه العقيدة ولمن اعتقدها، فقد تضمنت بيان عقد الفرقة الناجية، من هي الفرقة الناجية؟

الفرقة الناجية: هي السالمة من الانحراف، والخروج عن الصراط المستقيم في الدنيا، والسالمة من النار في الآخرة.

 فسميت هذه الفرقة بالناجية:

-      لنجاتها من الانحراف في الدنيا عن الصراط المستقيم.

-      ولنجاتها من النار في الأخرة.

وهذه الفرقة هي المشار إليها فيما رواه أصحاب السنن، والمسند من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، فواحدة في الجنة، وسبعون في النار، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة»[سنن الترمذي(2640)، وقال: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ»]

فهذه الأمة زائده، لماذا؟ 

لأن النبي أخبر أن هذه الأمة ستتبع سنن من كان قبلها حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه.

والفرق السابقة بلغت اثنتين وسبعين فرقة أخذت بما كان عليه الأمم السابقة من اليهود والنصارى، وفرقة واحدة سلمت من الانحراف فكانت هي الناجية.

ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار»

إما خلودا، وإما تعذيبا.

فقوله: «كلها في النار» ليس على وجه التأبيد؛ لأن هذه الفرق في الانحراف على مراتب ودرجات، كلها في النار أي موعودة بالنار.

 والنار من يدخلها صنفان:

-      صنف لا يخرج منها، وهو أهل الكفر كما قال الله تعالى: ﴿إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ﴾ [المائدة: 72]، هذا النوع الأول ممن يدخل النار، وهو دخول أبدي لا يخرج منه.

-      النوع الثاني: وهو دخول مؤقت بقدر الجرم إن لم يكن عفو الله ومغفرته، وإن لم ييسر الله -عز وجل- للعبد أسباب المغفرة التي تزيل عنه الآثام فيسلم من النار، نسأل الله أن يسلمنا وإياكم من النار، هذا النوع الثاني من الدخول.

فقوله: «كلها في النار » يشمل هذا وذاك، إما في النار مؤبدا، وذلك في الفرق التي خرجت عن الإسلام.

وأما في النار مؤقتا بقدر الجرم هو في الفرق التي لم تخرج عن الإسلام بالكفر بل بقيت في داخل الإسلام مع ما كان فيها من انحراف وخروج عن الصراط المستقيم، كلها في النار إلا واحدة.

ووصفها بالحديث جاء موضحا بسؤال الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- حيث قالوا للنبي -صلى الله عليه وسلم-: فمن هي يا رسول الله، قال: «من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي» أي من صار على نهجه، ونهج أصحابه  رضي الله تعالى عنهم .

وفي الرواية الأخرى قال -صلى الله عليه وسلم-: «هي الجماعة» وهي في مسند الإمام أحمد.

وهذه الأوصاف تبين أنها جماعة سائرة على ما كان عليه النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم، مجتمعة على الحق.

هذا الوصف الأول في قوله: "أما بعد فهذا اعتقاد الفرقة الناجية"

فنجاتها من وجهين:

-      الوجه الأول: نجاتها من الانحراف في الدنيا.

-      والوجه الثاني: نجاتها من العذاب في الآخرة.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق