شرح العقيدة الواسطية

من 1439-02-06 وحتى 1440-12-06
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 1743

التاريخ : 2017-11-08 08:56:03


قوله -رحمه الله-: "بل يؤمنون بأن الله سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير".

من الإيمان بأسماء الله وصفاته: الإيمان بأنَّ الله سبحانه ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ[الشورى:11]، وهذا جزءُ آيةٍ في سورة الشورى، ذكر الله تعالى فيها كماله جلَّ في علاه، وبيَّن عظمته سبحانه وبحمده، فنفى -جلَّ في علاه- أن يكون له مثيل، أو أن يكون له نظير، أو أن يكون له كفء، أو أن يكون له سَمِيٌّ، فهو -جلَّ وعلا- الذي لا ندَّ له ولا كفء ولا سمي ولا نظير ولا مثيل، ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ[الشورى:11]، ونفى ذلك لإثبات كماله، وأنَّ الخلق مهما بلغوا في العلم به فإنهم لن يدركوا حقيقة ذاته ولا حقيقة صفاته؛ كما قال تعالى: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ [آل عمران:7]؛ وهذا لأجل عظمة شأنه جلَّ في علاه.

الله تعالى أعظم وأجل من أن نحيط بكماله:

الخلق مهما أُوتوا من قوةٍ في عقولهم وقدرةٍ في أذهانهم تقصرُ عقولهم وتضعُف أذهانهم عن إدراك كمالات الله عز وجل، ولا عجب في هذا، فأنا أسأل الآن: الإنسان الحي، كل واحدٍ منا، مركبٌ من جسدٍ وروح، الجسد يعرفه بيده وأنفه وسائر أعضائه، لكن الروح أين هي؟ وكيف هي؟ وما صلتها بالبدن؟ هل تدرك عقولنا حقيقة أرواحنا وهي خلقٌ من خلق الله عز وجل؟!

الجواب: اسمعه من القرآن ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [الإسراء:85]، إذا كانت عقولنا تعجز عن إدراك حقائق وحقيقة أرواحنا، فكيف بإدراك الله -جلَّ في علاه- في ذاته وأسمائه وصفاته! لا شك أنَّ العجز عن ذلك أعظم، وأنَّ العجز عن ذلك أكبر؛ ولهذا يوم القيامة يرى المؤمنون ربهم جلَّ في علاه، لكن مع هذا الإبصار وهذه الرؤية للملك العلَّام جلَّ في علاه لا يستطيع الخلق أن يحيطوا به؛ لبهائه وجماله وجلاله وعظمته وحمده ومجده سبحانه وبحمده؛ ولذلك يقول جلَّ في علاه: ﴿لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ[الأنعام:103]، وهذا واقع، فإنك ترى الشيء ولا تدركه.

الآن أترون هذا الكتاب؟ ترونه، أتدركون ما كُتب فيه؟ الآن على بعد، لا تدرك ما كُتب فيه؛ لأن قدرتك البصرية تعجز عن أن تدرك ما في هذا الكتاب، فكيف بالله -جلَّ في علاه- الذي لا يحيط به العباد لعظمته وجلاله، فهو الكبير المتعال سبحانه وبحمده! يراه العباد يوم القيامة – أهل الإيمان – يرونه ويتنعمون بالنظر إليه، لكن مع هذا لا يستطيعون إدراكه ولا الإحاطة به، وكذلك في الإحاطة العلمية، هذه الإحاطة البصرية الحسية، كذلك الإحاطة العلمية؛ العباد عاجزون عن الإحاطة به سبحانه وبحمده؛ ولذلك يقول الله -جلَّ في علاه-: ﴿وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا[طه:110] سبحانه وبحمده، فمهما بلغ الناس معرفةً بالله فإن عقولهم تقصُر عن إدراك كمالاته جلَّ في علاه، ﴿وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا [طه:110]، وقال الله تعالى في صفةٍ من صفاته – صفة العلم – قال: ﴿وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ[البقرة:255]، فانتفت الإحاطة به علمًا والإحاطة به حسًّا، فلا إحاطة علمية معنوية، ولا إحاطة بصرية حسية، كل ذلك منفيٌّ؛ لأنه -جلَّ وعلا- ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]؛ فلهذا يجب اعتقاد هذا الكمال في رب العالمين، وأنَّه مهما جاء الخبر في الكتاب والسنة عنه فإنَّ هذا الخبر لا يمكننا الإحاطة به، ولا يدرك العباد به حقيقة وكنه ما أخبر الله تعالى به عن نفسه؛ ولهذا هذه الآية دليلٌ لما ذكره المؤلف -رحمه الله- من التقرير السابق، حيث قال: "من غير تحريفٍ ولا تعطيل، ومن غير تكييفٍ ولا تمثيل"، دليل انتفاء التكييف والتمثيل: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ[الشورى:11]، ودليل نفي التعطيل قوله تعالى: ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ[الشورى:11]، فإنَّه أثبت سمعًا وبصرًا، وأثبت أنَّه سميعٌ بصير جلَّ في علاه، وهذا يردُّ على نفاة الصفات الذين عطَّلوا الله تعالى عما أخبر به عن نفسه سبحانه وتعالى.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق