هذا تفصيل لما تقدَّم في قوله جلَّ وعلا: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾[الشورى:11]، من دلائل الآية: نفي التمثيل، ومن دلائلها: نفي التعطيل.
بدأ المؤلف - رحمه الله - ببيان ضلال طريق المُعطِّلة الذين ينفون عن الله تعالى صفاته.
من أسباب التأكيد على نفي ضلالة التعطيل:
والسبب في تركيز المؤلف - رحمه الله - على هذه الضلالة: أنَّ هاتين البدعتين – بدعة التعطيل وبدعة التمثيل - هما من الإلحاد في أسماء الله وصفاته؛ بدعة التمثيل منفية، قليلٌ القائل بها؛ وذلك لأنها تنافي الفِطَر، بدعة التمثيل قليلةٌ في الناس، كانت موجودة وزالت وانقرض القائلون بها؛ وذلك لمنافاتها ما دلَّ عليه الكتاب والسنة وأجمع عليه سلف الأمة، ولمنافاتها للفِطَر وما ركزه الله تعالى في قلوب العباد من تعظيمه، وأنه ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾[الشورى:11] سبحانه وبحمده.
أما بدعةُ التعطيل فإنها بدعةٌ باقيةٌ؛ ولهذا أطال المؤلف - رحمه الله - وغيره في بيان ضلالها وتقرير ما يُبطلها وينفي التورط فيها؛ فقال -رحمه الله-: "فلا ينفون عنه ما وصف به نفسه"، أي: مما سار عليه أهل السنة والجماعة - الفرقة الناجية المنصورة - أنهم لا ينفون عنه ما وصف به نفسه؛ وذلك أنَّ نفي ما وصف الله تعالى به نفسه من الإلحاد في أسمائه وصفاته، وقد نهانا الله تعالى عن ذلك وحذَّرنا من هذا المسلك؛ فقال: ﴿وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾[الأعراف:180].
هذا ما قرَّره - رحمه الله - في قوله: "فلا ينفون عنه ما وصف به نفسه".