شرح العقيدة الواسطية

من 1439-02-06 وحتى 1440-12-06
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 1662

التاريخ : 2017-12-03 05:04:21


 

قول المؤلف: "ولا يكيِّفون ولا يمثِّلون صفاته بصفات خلقه؛ لأنه سبحانه لا سمي له، ولا كفء له، ولا ند له".

قوله -رحمه الله-: "ولا يكيِّفون ولا يمثِّلون"، هذا ردٌّ على بدعة الممثلة الذين يُمثِّلون الله تعالى بخلقه فيما أخبر به عن نفسه من أسمائه وصفاته، فالله تعالى سلَّم طريق أهل السنة والجماعة من التكييف والتمثيل.

نفي التكييف ومعناه:

التكييف: هو طلب حقيقة ما أخبر الله تعالى به عن نفسه، طلبُ صورة ذلك وطلب كنهه، والله -سبحانه وبحمده- لا يحيط العباد بإدراك حقيقته وكنهه سبحانه وبحمده، حقيقة ذاته وكنهه سبحانه وبحمده، لا يحيط العباد علمًا بشيءٍ من ذلك، فهو سبحانه وبحمده الذي لا يحيط العباد به علمًا كما قال: ﴿وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا[طه:110]، بل لا يحيطون علمًا ببعض صفاته كما قال -سبحانه وتعالى-: ﴿وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ [البقرة:255].

فالله -سبحانه وتعالى- مُنزَّهٌ عن أن يُدركه العباد؛ ولذلك لا يستطيع الخلق أن يكيفوا صفاته، ما أخبر به عن نفسه لا يستطيع الخلق أن يكيفوا صفات الرب جلَّ في علاه، لماذا؟ لأن العقول قاصرة عن إدراك حقيقة ذاته فضلًا عن إدراك حقيقة صفاته، وهذا يدركه الإنسان ويُقرُّ به في كثيرٍ من الأمور التي تحيط به مما يقصُر عنها إدراكه، ولكنَّه يُسلِّم بوجودها ويُسلِّم بأنَّ لها حقيقة، وإن كان لا يدرك حقيقتها ولا يدرك كيفية تلك الإضافات والصفات التي يضيفها إلى ما لا يعلم حقيقته.

أضرب لكم مثلًا بالروح، الروح أمرٌ غريبٌ على الإنسان؟ الجواب: لا، الروح تسكن كل ابن آدم، فكل ابن آدم له روح، لو قيل له: كيف روحك؟ صف لنا روحك، هل أحد يستطيع أن يصف روحه؟ ما يستطيع أحد، لماذا؟ لأنَّ العقل يقصُر عن إدراك حقيقة الروح؛ ولأنَّ الروح أمرٌ لا سبيل إلى إدراكه، لم يره أحد حتى يمكن أن تُوصف هذه الروح؛ كيف هي؟ وكيف تصعد؟ وكيف تتصل بالبدن بعد الموت؟

كل هذا مما لا يدركه الناس، ولا يدركون كيفياته، لماذا؟ لأنهم لا يدركون حقيقة الروح؛ قال الله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [الإسراء:85]، فيُدرك الناس هذه الحقيقة ويُقرُّون بها، ما في أحد في الدنيا ينكر أنَّ للإنسان روحًا، لكن ليس ثمة بشر يمكن أن يُرينا روحه أو أن يصف لنا روحه، إذا كنت عاجزًا عن إدراك حقيقة روحك التي بين جنبيك والتي تلازمك من ولادتك إلى موتك، فكيف تريد أن تدرك وأن تحيط بكيفيات صفات رب العالمين -جلَّ في علاه- الذي لا يحيط الخلق به علمًا جلَّ في علاه؟!

ولهذا أهل السنة والجماعة لا يُكيِّفون صفات الله، فإذا جاء أحدٌ يسأل: كيف ينزل ربنا إلى السماء الدنيا؟ كيف يستوي على العرش؟ كيف يسمع الخلق؟ كيف يراهم؟

يُقال له: نُثبت كل ما أخبر الله به عن نفسه، نثبت أنه يسمع، وأنه يُبصر، وأنه مُستوٍ على عرشه، وأنه الصمد، وأنه الذي يقضي الحوائج، وأنه وأنه.. مما أخبر الله تعالى به في كتابه، أو أخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته، لكننا لا نتطرق إلى كيفية ذلك، فهذا علمه إلى الله؛ قال الله تعالى: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ[آل عمران:7] أي: حقيقته وكنهه ﴿إِلَّا اللَّهُ [آل عمران:7]، ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ[آل عمران:7]على قراءة الوقف، وأما على قراءة الوصل فيعلمه الذين أوتوا العلم ﴿الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ[آل عمران:7]، لكن يكون التأويل هنا بمعنى التفسير، فيعلمون تفسيره الذي أراده الله عز وجل.

هذا ما يتصل بالكيفيات، أهل السنة والجماعة لا يكيِّفون صفات الله عز وجل.

نفي التمثيل ومعناه:

"ولا يمثِّلون صفاته بصفات خلقه"؛ أي: لا يقولون: سمعه كسمعنا، بصره كبصرنا، يده كأيدينا، تعالى الله عما يقول الجاهلون علوًّا كبيرًا، فهو السميع البصير، وهو -جلَّ وعلا- الذي ليس كمثله شيء في أسمائه، ولا في صفاته، ولا فيما يجب له سبحانه وبحمده.

وقد نفى الله عن نفسه المثل بأسماء متعددة في كتابه؛ فنفى السميَّ، ونفى النِدَّ، ونفى الكفء، ونفى المثيل، قال الله تعالى: ﴿فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:22]، ومن جعل لله مثيلًا فقد جعل له ندًّا، وقال تعالى: ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا [مريم:65]؛ أي: نظيرًا مشابهًا مماثلًا، تعالى الله عن أن يكون له نظير أو أن يكون له مثيل سبحانه وبحمده، وقال -سبحانه وبحمده-: ﴿لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:4]؛ أي: ليس له مكافئ ولا له نظير ولا له مثيل جلَّ في علاه، وقال -سبحانه وبحمده-: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11].

فأهل السنة والجماعة يثبتون كل ما أخبر الله تعالى به عن نفسه في كتابه أو سنة رسوله بصدورٍ منشرحة مؤمنة موقنة بصدق خبر الله وصدق خبر رسوله، ولا يتطرقون إلى تحريف، ولا إلى تعطيل، ولا إلى تكييف، ولا إلى تمثيل، نؤمن بما جاء عن الله وعن رسوله على مراد الله وعلى مراد رسوله، لا ندخل في ذلك بآرائنا متوهمين، ولا بظنوننا مُكذِّبين، ولا بخيالاتنا مفسدين لدلالات النصوص، بل نُقرُّ بها على ما دلَّت عليه من كمالاتٍ للرب جلَّ وعلا.

نفي الطريق المفضي إلى التكييف والتمثيل:

ولما كان أهل السنة والجماعة لا يُكيِّفون ولا يُمثِّلون؛ نفى المؤلف الطريق الذي يُوصل إلى التمثيل والتكييف وهو القياس؛ ولذلك قال: "ولا يُقاس بخلقه سبحانه"؛ فالمجيء بهذا بعد أن نفى التكييف والتمثيل، نفى الطريق الذي يُوصل إلى ذلك وهو ماذا؟ القياس.

  

"ولا يمثِّلون صفاته بصفات خلقه"؛ أي: لا يقولون: سمعه كسمعنا، بصره كبصرنا، يده كأيدينا، تعالى الله عما يقول الجاهلون علوًّا كبيرًا، فهو السميع البصير، وهو -جلَّ وعلا- الذي ليس كمثله شيء في أسمائه، ولا في صفاته، ولا فيما يجب له سبحانه وبحمده.

وقد نفى الله عن نفسه المثل بأسماء متعددة في كتابه؛ فنفى السميَّ، ونفى النِدَّ، ونفى الكفء، ونفى المثيل، قال الله تعالى: ﴿فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:22]، ومن جعل لله مثيلًا فقد جعل له ندًّا، وقال تعالى: ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا [مريم:65]؛ أي: نظيرًا مشابهًا مماثلًا، تعالى الله عن أن يكون له نظير أو أن يكون له مثيل سبحانه وبحمده، وقال -سبحانه وبحمده-: ﴿لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:4]؛ أي: ليس له مكافئ ولا له نظير ولا له مثيل جلَّ في علاه، وقال -سبحانه وبحمده-: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11].

فأهل السنة والجماعة يثبتون كل ما أخبر الله تعالى به عن نفسه في كتابه أو سنة رسوله بصدورٍ منشرحة مؤمنة موقنة بصدق خبر الله وصدق خبر رسوله، ولا يتطرقون إلى تحريف، ولا إلى تعطيل، ولا إلى تكييف، ولا إلى تمثيل، نؤمن بما جاء عن الله وعن رسوله على مراد الله وعلى مراد رسوله، لا ندخل في ذلك بآرائنا متوهمين، ولا بظنوننا مُكذِّبين، ولا بخيالاتنا مفسدين لدلالات النصوص، بل نُقرُّ بها على ما دلَّت عليه من كمالاتٍ للرب جلَّ وعلا.

نفي الطريق المفضي إلى التكييف والتمثيل:

ولما كان أهل السنة والجماعة لا يُكيِّفون ولا يُمثِّلون؛ نفى المؤلف الطريق الذي يُوصل إلى التمثيل والتكييف وهو القياس؛ ولذلك قال: "ولا يُقاس بخلقه سبحانه"؛ فالمجيء بهذا بعد أن نفى التكييف والتمثيل، نفى الطريق الذي يُوصل إلى ذلك وهو ماذا؟ القياس.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق