شرح العقيدة الواسطية

من 1439-02-06 وحتى 1440-12-06
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 1743

التاريخ : 2017-12-03 05:04:42


قوله -رحمه الله-: "ولا يُقاس بخلقه سبحانه" أي: أنَّ الله تعالى لما كان ليس له نظير، ولما كان ليس له مثيل، ولما كان ليس له نِدّ، ولما كان ليس له كفء، فإنه لا يمكن أن يُستعمل في إثبات ما له من المعاني - قياسٌ يستوي فيه وغيره في أمرٍ من الأمور، بل الله -عز وجل- مُنزَّهٌ عن أن يكون له نظيرٌ أو مثيل.

ولهذا يوم القيامة عندما يدخل المشركون النار يشهدون على أنفسهم بالضلال المبين، وأنَّهم يستحقون ذلك العذاب الأليم؛ لأنَّهم سوَّوا الله بغيره، فالذين أشركوا بالله فعبدوا غير الله؛ الذين يعبدون الأصنام، يعبدون الأنبياء، يعبدون الملائكة، يعبدون الجن، يدعون غير الله، يستغيثون بغير الله، هؤلاء سووا غير الله بالله عز وجل؛ كما قال تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ[الأنعام:1]، أي: يُسوون به غيره، ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ [الأنعام:1]، أي: يسوون غير الله بالله في طلب الحوائج، والقدرة على إغاثة اللهفات، وإجابة الدعوات، وكشف الكربات، وهؤلاء في ضلالٍ مبين.

قال الله -جلَّ في علاه- عن أهل الشرك إذا أُلقوا في الجحيم يوم القيامة: ﴿قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (96) تَاللَّهِ [الشعراء:96 - 97] يحلفون بالله ﴿إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ [الشعراء:97]، لماذا؟ ﴿إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ[الشعراء:98]؛ يعني: يشهدون على أنفسهم بعظيم الضلالة، ويبينون سبب ذلك أنَّهم سووا غير الله بالله، فكل من سوَّى غير الله بالله فهو في ضلالٍ مبين.

براءة أهل السنة من ضلالة التمثيل:

ولذلك أهل السنة والجماعة، أتباع الرسل الذين يسيرون على ما كان عليه الصدر الأول من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان، أهل القرون المُفضَّلة، هؤلاء سالمون من أن يُمثِّلوا الله بغيره، أو أن يقيسوا الله بغيره، فـ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11].

المراد بالتمثيل المنفي:

لكن أشار المؤلف إلى أنَّ القياس الذي ينتفي عن الله هو قياس التمثيل وقياس الشمول الذي يفيد تسوية الله تعالى بغيره، أمَّا قياس الأَوْلى فإنه ثابتٌ فيما يتعلق بالعلوم الإلهية فيما يتعلق بالله وأسمائه وصفاته؛ لأنَّ الله تعالى قد قال:﴿وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى [النحل:60]، ﴿وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى[الروم:27]، ومعنى المثل الأعلى: يعني له الصفة العليا، فليس أعلى من صفاته، ولا أرفع مما أضافه إلى نفسه من الكمالات سبحانه وبحمده.

ولهذا استعمل سلف الأمة قياس الأَوْلى فيما يُضاف إلى الله عز وجل من المعاني، لكن يُعلم أنَّ ذلك لا بد أن يكون مستندًا إلى أصل، وأصله هو قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى [النحل:60]، ﴿وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى [الروم:27] سبحانه وبحمده.

وما يتعلق بقياس الأَوْلى الذي كان يسلكه السلف اتِّباعًا للقرآن هو طريقٌ فطريٌّ ضروريٌّ متفقٌ عليه لا إنكار فيه؛ لأنه يثبت الكمالات لله -عز وجل- التي لا نقص فيها، ويُنزهه -جلَّ وعلا- عن كل عيبٍ ونقص؛ ولهذا استعمله السلف وجاء به القرآن، ولا حرج في استعمال هذا النوع من القياس، القياس الأولوي، وهو إثبات الكمال لله -عز وجل الثابت لغيره، كل كمالٌ في المخلوق فالله موصوفٌ بما هو أعلى منه وأرفع منه ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ[الشورى:11] سبحانه وتعالى.

ولذلك يقول الله تعالى للمشركين الذي سووا غيره به، يقول: ﴿لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ[النحل:60]؛ أي: الصفة السيئة، ﴿وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى[النحل:60] سبحانه وبحمده.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق