قول المؤلف: "فلا عدول لأهل السنة والجماعة عما جاء به المرسلون، فإنه الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين".

أهل السنة والجماعة "لا عدول لهم"؛ أي: لا ميل لهم ولا انحراف "عمَّا جاء به المرسلون"، بل هم لازمون لما جاء في الكتاب وما جاءت به الرسل صلوات الله وسلامه عليهم؛ ولهذا سُموا أهل السنة والجماعة؛ لأنهم أهل عملٍ بالسنة المُبيِّنة للقرآن، وقبولٍ لها؛ ولأنَّهم مجتمعون على الحق والهدى، فلا فرقة بينهم، ولا خلاف في عقائدهم وما يدينون لله تعالى به مما يتعلق بأصول الإيمان التي يجب الإيمان بها.

هذا هو الصراط المستقيم:

قوله -رحمه الله-: "فإنه الصراط المستقيم" وهذا لأنَّه سيرٌ على ما جاء به القرآن الكريم، وموافقة لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال الله تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ﴾ [الأنعام:153]، وهو ما جاء في القرآن، وقال في شأن رسوله: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الشورى:52]، فمَن لزم ما جاء عن الله وعن رسوله فهو على صراطٍ مستقيم؛ لأنَّ الله بيَّن صراطه الذي يُوصل إليه؛ ولأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم يدعو إلى هذا الصراط، فمن لزم ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم كان على الصراط المستقيم؛ ولهذا يقول: "فإنه الصراط المستقيم"، الطريق القويم المُوصل للهدى واليقين وجنة رب العالمين.

قوله -رحمه الله-: "صراط الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين" هذا ما ذكره - رحمه الله - فيما يتصل بالمقدمة التي قدَّم بها بيان عقيدة أهل السنة والجماعة فيما يتصل بالإيمان بالله عز وجل؛ فأهل السنة والجماعة يؤمنون بما أخبر الله تعالى به عن نفسه، أو أخبر به عنه رسوله من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.

من أعظم السور إخبارًا عن الله تعالى:

ثم بعد هذا الإجمال والبيان العام يذكر أمثلة ونماذج لطريقة أهل السنة والجماعة في النصوص التي جاءت فيما يتعلق بالخبر عن الله، وبدأ بأعظم السور خبرًا عن الله، وهي سورة الإخلاص، فإنها السورة التي أُخلصت لصفة الله عز وجل وبيان ما له من الكمالات.