"فصل فإن كان عليه خفان ونحوهما مسح عليهما إن شاء".
قوله –رحمه الله-: "فصل" وهذا الفصل بين فيه –رحمه الله- صلة ما يتعلق برفع الحدث الأصغر، فالوضوء بينه الله –عز وجل- في قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾[المائدة: 6] وفي قراءة: «وامسحوا برءوسكم وأرجلِكم إلى الكعبين» فالرجلان فيهما صفتان للتطهير؛ الغسل وهذا إذا كانتا مكشوفتين، والمسح وهذا إذا كانتا مستورتين، فبيَّن المؤلف –رحمه الله- ما يتعلق بالمسح على الخفين، وبالتبع ذكر المؤلف –رحمه الله- ما يتعلق بالمسح على الخفين، وبالتبع ذكر ما يتعلق بالمسح على الجبائر استطرادًا وتكميلًا لما يمسح في الطهارة.
والمسح على الخفين رخصة ثابتة، دلَّ عليها الكتاب والسنة، وأجمع عليها أهل السنة.
وأما بيان ذلك في كلام المؤلف فقد قال: "فإن كان عليه" أي كان على قدميه خفان ونحوهما "مسح عليهما إن شاء".
وذلك أن ما يتصل بفرض الرجلين في الوضوء له حالان؛ إما أن تكون مستورتين فهنا يصل إلى المسح، وإما أن تكون مكشوفتين، فهنا يجب الغسل.
وحقيقة المسح إمرار اليد على الشيء الممسوح، فمسح الخفين هو إمرار اليد عليهما مبلولتين.
وأما الخفان فهما مثنى خف، وهو كل ما يستر به القدم، سواء كان من جلد أو من صوف أو من وبر أو من قطن أو من غير ذلك مما تستر به الأقدام، فجميع ذلك يأخذ حكم الخف.
وظاهر كلام المؤلف –رحمه الله- التسوية بين الغسل والمسح يعني لا فرق بينهما.
لقوله: "فإن كان عليهما خفان ونحوهما مسح عليهما إن شاء" واختلف العلماء في المفاضلة، وظاهر كلام المؤلف عدم المفاضلة بينهما.
والصواب فيما يتعلق بالمفاضلة أن الأفضل فيما إذا كانتا القدمان مستورتين المسح، وإذا كانتا مكشوفتين الغسل، فلا يستر ليمسح، ولا يخلع ليغسل، هذا هو الأفضل فيما يتعلق بأيهما يقدم المسح أو الغسل.