"قال تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ [المائدة: 6] وقال تعالى: ﴿حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ [البقرة: 222] الآية أي إذا اغتسلن وقد أمر النبي –صلى الله عليه وسلم- بالغسل من تغسيل الميت وأمر من أسلم أن يغتسل".
ما يتعلق بالأدلة فقد ذكر المؤلف –رحمه الله- جملة من الأدلة، ثم عاد إلى ذكر الردة عن الإسلام وأنها من موجبات الغسل، والردة داخلة في الإسلام كافر لأنه سواء كان مسلمًا ثم ارتد أو كان كافرًا أصليًا، فهذا لا نحتاج إلى ذكره.
قال –رحمه الله- بعد ذلك في ذكر أدلة وجوب الغسل بالجنابة قال قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ [المائدة: 6] وهذا ذكر لأدلة وجوب الغسل بسبب الجنابة؛ حيث إن الله تعالى قال: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ [المائدة: 6] وأما الغسل وهذا يشمل الصورتين المتقدمتين ما إذا كانت الجنابة بسبب الإنزال أو كانت الجنابة بسبب الجماع الذي لم يكن فيه إنزال.
ثم وجوب الغسل بخروج دم الحيض والنفاس دليله قوله تعالى: ﴿وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ﴾ [البقرة: 222] هذا دليل على أن خروج دم الحيض عند النساء يوجب الغسل، هذا لا خلاف فيه بين أهل العلم، والاغتسال بسبب النفاس ملحق بالاغتسال بالحيض في قول عامة العلماء؛ إذ أحكام الحيض هي أحكام النفاس.
قوله –رحمه الله-: وقد أمر النبي –صلى الله عليه وسلم- بالغسل من تغسيل الميت وهو ما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه قال: «من غسل ميتًا فليغتسل ومن حمله فليتوضأ»، وهذا الحديث قد ضعفه أهل العلم؛ ولذلك رأوا أنه لا يجب بغسل الميت غسل، وإنما يستحب له الوضوء، كما جاء ذلك عن عبد الله بن عمر وعن عبد الله بن عباس.
وقوله –رحمه الله-: "وأمر من أسلم أن يغتسل" يشير بذلك إلى حديث قيس بن عاصم حيث إنه قال: «أتيت النبي –صلى الله عليه وسلم- أريد الإسلام فأمرني أن أغتسل بماء وسدر» وقد تقدم أنه حديث في إسناده مقال، أي أنه ضعيف، وإذا كان الحديث ضعيفًا فإنه لا يعتمد عليه في إثبات الأحكام، إذ الأحكام الشرعية لا تثبت إلا بالأدلة الصحيحة.