مناسك الحج من الروض المربع

من 2024-06-01 وحتى 2030-06-17
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 73

التاريخ : 2024-06-02 05:16:51


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد.

يقول البهوتي –رحمه الله-في شرح الزاد في كتاب الروض المربع.

قوله –رحمه الله-: (ثم يحرم بالحج في عامه من مكة، أو قربها، أو من بعيد منها) أي: أن المتمتع إذا أراد أن يحرم بالحج بعد فراغه من العمرة؛ فإنه يحرم بالحج من مكة، أو من قريب منها، أو من بعيد منها، وهذا مقيد بما إذا لم يكن رجع إلى الميقات، أو إلى مسافة قصر من الحرم، وذلك لأنه إذا رجع إلى الميقات أو ما دونه مما هو سفر لزمه الإحرام منه، فإذا كان بعيدا فقد أنشأ سفرا بعيدًا لحجه؛ فلم يترفه بترك أحد السفرين فلا يكون متمتعا؛ لأن المتعة تنقطع بذلك على المذهب.

فقوله: (أو بعيد منها) مقيد بما إذا لم يكن قد بلغ حد السفر أي بلغ مسافة سفر.

وقوله –رحمه الله-: (والإفرادُ: أن يُحرِمَ بحجٍّ، ثم بعُمرَةٍ بعدَ فراغِه مِنهُ)، هذا بيان لصفة بيان ثاني أنواع النسك وهو الإفراد، وهو أن يحرم بحج وحده بأن يقول: لبيك حجة، ثم إذا وصل للبيت طاف للقدوم، ثم سعى للحج وبقي على إحرامه حتى يحل منه يوم النحر، ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ[البقرة: 197]، ولم يذكر العمرة أي دليل مشروعية الإفراد هو قوله تعالى: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ[البقرة: 197].

وأما قوله –رحمه الله-: (ثم بعمرة بعد فراغه منه)؛ فهذا لا علاقة له بصفة الإفراد، يعني لا يلزم في الإفراد أن يعتمر بعد حجه، وإنما جرى كلام العلماء رحمهم الله في ذكر العمرة بعد فراغه من الحج في صفة الإفراد لكون العمرة تتيسر له من قريب، ففي الزمن السابق يكون الوصول إلى البيت فيه مشقة وعناء؛ فإذا لم يكن قد اعتمر مع حجه إما قرانًا أو تمتعًا؛ فإنه يعتمر فعند الحج لا سيما إذا كان هذا فيما يتعلق بالعمرة الواجبة على ما ذهب إليه من قال بوجوب العمرة فإنه ينتهز الفرصة ويبادر إلى أداء ما فرض الله تعالى عليه.

  

قوله –رحمه الله-: (والقِران أن يحرم بهما معا أو بها ثم يدخله أي الحج عليها أي العمرة قبل شروع في طوافها) أي: طواف العمرة، ومن أحرم به ثم أدخلها عليه لم يصح إحرامه بها، هذا بيان لصفة ثالث أنواع النسك وهو القران، وقد ذكر المؤلف –رحمه الله-صورتين تندرجان في القران؛ الصورة الأولى أن يحرم بالحج والعمرة معا جميعا ويتحلل منهما جميعا يوم النحر، والدليل على مشروعية ذلك قول الله تعالى: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ[البقرة: 196]، والمتعة تشمل القران.

الدليل ما في الصحيحين من حديث عمر رضي الله تعالى عنه قال: «سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بوَادِي العَقِيقِ يقولُ: أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِن رَبِّي، فَقالَ: صَلِّ في هذا الوَادِي المُبَارَكِ، وقُلْ: عُمْرَةً في حَجَّةٍ»[صحيح البخاري(1534)]، وهذا يصدق على هذه الصفة، وهي القران بأن يحرم بهما جميعًا من الميقات.

وأما الصورة الثانية التي تدخل في القران أن يحرم بالعمرة ثم يدخل عليها الحج قبل طواف العمرة، ويتحلل منهما جميعا يوم النحر، فهذه أيضًا من صور القران، ودليل ذلك ما جاء في الصحيح في خبر عائشة رضي الله تعالى عنها لما حاضت بسرف وكانت أحرمت بالعمرة فقال لها النبي –صلى الله عليه وسلم-: «إنَّ هذا أمرٌ كتبه اللهُ تعالى على بناتِ آدمَ؛ فاغتسِلي، وأهلِّي بالحجِّ»[صحيح البخاري(1040)، ومسلم(1211)] فأمرها النبي –صلى الله عليه وسلم-أن تدخل الحج على العمرة، وبهذا يتبين أن أعمال الإفراد والقران متفقة، وأنهما إنما يفترقان في أمرين؛

الأمر الأول: النية، فالقارن ينوي العمرة والحج، أو العمرة ويدخل عليها الحج، فينوي الحج معها، أما المفرد فإنه ينوي الحج، ويبقى على ذلك إلى أن يتحلل منه.

والفرق الثاني: وجوب الهدي على القارن دون المفرد، فالقارن يجب عليه هدي، وأما المفرد فلا يلزمه هدي والدليل قول الله تعالى: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ[البقرة: 196].

وقوله –رحمه الله-: (ومَن أحرَمَ به، ثم أدخلَها عليه)، أي العمرة عليه، أي على الحج (لم يصح إحرامه بها) أي بالعمرة، فمن أحرم بالحج ثم أدخل عليها العمرة لم يصح إحرامه بالعمرة، ويبقى مفردًا؛ لأنه لم يرد في إدخال العمرة على الحج أثر يستند إليه، وليس ثمة فائدة فلا يصير قارنًا، ولا يلزمه بالعمرة شيء.

وقيل: بل يصح إدخال العمرة على الحج قياسا على إدخال الحج على العمرة، ويستفيد بذلك الجمع بين النسكين، ويلزمه الهدي، وهذا هو القول الثاني في هذه المسألة، وهو -فيما يظهر والله تعالى أعلم- أقرب إلى الصواب.

  

قوله –رحمه الله-: (ويجبُ على الأُفُقِيِّ وهو مَن كان مَسافَةَ قَصرٍ فأكثَرَ من الحَرَمِ، إن أَحرَمَ متمتِّعًا، أَو قارِنًا دَمُ نُسكٍ، لا جُبرانَ، بخِلافِ أهلِ الحرمِ، ومَن مِنه دونَ المسافَةِ، فلا شيءَ عليه؛ لقولِه تعالى: {ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام} [ البَقَرَة: 196])  أي: إنه إذا كان المتمتع والقارن أفقيا، الأُفُقي بضمتين نسبة إلى الأفق، وهو الناحية من الأرض أو السماء.

والمراد به هنا من كان بينه وبين الحرم مسافة قصر، هذا هو الأفقي فإنه يجب عليه دم نسك أي دم عبادة وقربى لا جبران؛ لقول الله تعالى: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ[البقرة: 196] وهذا دم قربى ونسك لا دم جبران؛ فإن هدي الجبران يكون لترك واجب أو فعل محرم، لا يثبت إلا مع العذر فليس شيئا يخير فيه الإنسان بين الفعل والترك؛ إنما يكون في حال العذر فيما إذا ترك واجبا أو فعل محرما، فإنه يأتي بدم.

وأما هدي النسك فإنه يفعله قربى، وهو قد ندب إلى التمتع من غير عذر، قال الله تعالى: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ[البقرة: 196]، فعلم أنه دم عبادة، دم نسك، ويدل لذلك أيضًا جواز الأكل من دم المتعة والقران بخلاف دم الجبران، قد قال الله تعالى: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ[الحج: 28-29]، وجاء بذلك الأحاديث الصحيحة، هذا فيما يتعلق في غير حاضر المسجد الحرام، أما أهل الحرم أو من كان من الحرم دون مسافة قصر على المذهب، فهو من حاضر المسجد الحرام فليس عليهم هدي، ولم يلزمهم شيء بتمتعهم في قول الله تعالى: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ[البقرة: 196].

قوله –رحمه الله-: (ويشترط أن يحرم به من ميقات، أو مسافة قصر فأكثر من مكة وألا يسافر بينهما، فإن سافر مسافة قصر فأحرم فلا دم عليه) أي: إن مما يشترط في وجوب دم المتعة إضافة إلى ما تقدم أن يحرم بعمرة من ميقات، أو من مسافة قصر فأكثر من مكة، وذلك أن من كان من مكة دون مسافة قصر فهو من حول المسجد الحرام كما تقدم؛ فيشمله قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ[البقرة: 196]، وكذلك مما يشترط في وجوب دم المتعة، ألا يسافر بعد العمرة مسافة قصر، فإن سافر مسافة قصر عن مكة ثم رجع للحج؛ لم يكن متمتعًا؛ لأنه خص كل نسك بسفر، والمتعة مدارها على إسقاط أحد السفرين بجمع النسكين.

  

وقوله –رحمه الله-: (وسُنَّ لمفرِدٍ وقارِنٍ فَسخُ نِيَّتِهِمَا بحجٍّ، ويَنويانِ بـإحرَامِهِمَا ذلك عُمرَةً مُفردَةً؛ لحديث «الصحيحين» السَّابِقِ، فإذا أحَلَّا أحرَمَا به؛ ليَصيرَا مُتمتِّعَينِ، ما لم يَسوقَا هَديًا، أو يَقِفَا بعرَفَةَ).

لما كان التمتع أفضل الأنساك، فإنه يسن لمن أحرم بالحج مفردا، أو أحرم بالحج والعمرة قارنا، ولم يسق الهدي أن يفسخ نيتهما بالحج مفردا أو بالقران إلى عمرة، ويبقى أصل الإحرام كمن أحرم إحراما مطلقًا، فيصرفانه إلى العمرة فينويان بإحرامهما ذلك عمرة مفردة، فإذا حل من العمرة أحرم بالحج يوم التروية، (ليَصيرَا مُتمتِّعَينِ) وهذا يسن ولو طافا وسعيا، فيقصران ويحلان، ما لم يسوقا الهدي كما تقدم، أو يقفا بعرفة، فلو فسخ في هاتين الحالين أي في حال سوق الهدي، أو بعد الوقوف بعرفة فلغو، أي أنهما على إحرامهما إفرادا أو قرانا لحديث جابر أن النبي –صلى الله عليه وسلم-أمر أصحابه لما طافوا وسعوا أن يجعلوها عمرة إلا من ساق الهدي، وثبت على إحرامه –صلى الله عليه وسلم-لسوق الهدي وتأسف بقوله: «لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِن أَمْرِي ما اسْتَدْبَرْتُ ما سُقْتُ الهَدْيَ، وَلَحَلَلْتُ مع النَّاسِ حِينَ حَلُّوا».[صحيح البخاري(1651)، ومسلم(1216)]

  

ثم قال –رحمه الله-: (وإن ساقه متمتع) أي ساق الهدي متمتع وهو من أحرم بعمرة، (وإن سَاقَهُ متمتِّعٌ، لم يكُنْ له أَن يَحِلَّ، فيُحرِمُ بحجٍّ إذا طافَ وسَعَى لعُمرَتِه قبلَ حَلقٍ).

هذا بيان أنه إن ساق المتمتع الهدي لم يكن له أن يحل من عمرته بعد فراغه من الطواف والسعي، بل يحرم بحج إن طاف وسعى لعمرته قبل تحلله بالحلق، وذلك لحديث ابن عمر «تَمَتَّعَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في حَجَّةِ الوَدَاعِ، بالعُمْرَةِ إلى الحَجِّ وأَهْدَى»[صحيح البخاري(1691)، ومسلم(1227)] فتمتع الناس مع النبي –صلى الله عليه وسلم-بالعمرة إلى الحج، فكان من الناس من أهدى فساق الهدي، ومنهم من لم يهد، فلما قدم –صلى الله عليه وعلى آله وسلم-مكة قال: « مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَهْدَى، فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ لِشَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ، حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّهُ »[صحيح البخاري(1691)، ومسلم(1227)]، وهذا شامل لكل من ساق الهدي من قارن ومتمتع ومفرد.

  

قوله –رحمه الله-: (فإذا ذبَحَه يومَ النَّحرِ، حلَّ مِنهُمَا) أي: إن من ساق الهدي فإنه يثبت على إحرامه ولا يتحلل من الحج والعمرة حتى يذبح هديه يوم النحر؛ لقول النبي –صلى الله عليه وسلم-:«من كان معه هدي فإنه لا يحل حتى يقضي حجه»[سبق]، وإنما نص المؤلف –رحمه الله-على أن التحلل يكون بذبح الهدي يوم النحر مع كون عامة العلماء يرون أنه لا مدخل للنحر في التحلل لبيان الوقت الذي يحصل به التحلل من الحج، التحلل من الإحرام بالحج وهو يوم النحر الذي هو موضع لذبح الهدي الذي سوقه مانع من التحلل.

  

قوله –رحمه الله-: (وإن حاضَت المرأةُ المتمتِّعَةُ قبلَ طوافِ العُمرَةِ فخَشيَت فَواتَ الحجِّ أحرَمَت به وجوبًا وصَارَت قارِنَةً لما روى مسلم أَنَّ عائشةَ كانَت متمتِّعَةً فحَاضَت، فقال لها النبي ﷺ: «أَهلِّي بالحجِّ».[سبق] وكذا: لو خَشيَهُ غَيرُها)، أي: إن المرأة المتمتعة وهي من أحرمت بالعمرة في أشهر الحج إذا حاضت؛ فخشيت امتداد حيضها الذي يمنعها من التحلل من العمرة إلى أن يفوتها الحج؛ فإنه يلزمها الإحرام بالحج وجوبا أي تدخل الحج على العمرة، فتكون قارنة، وذلك لما في الصحيح من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها أنها لبَّت بالعمرة في حجة الوداع، فكانت متمتعة فحاضت بسرف فقال لها النبي –صلى الله عليه وسلم-: «أهلي بالحج».[سبق]، فأمرها –صلى الله عليه وسلم-أن تدخل على ما لبت به من العمرة الحجَّ، والأصل في الأمر الوجوب، وهي أن الحج يجب على الفور، فلو لم تحرم به لفاتها هذا العام، ولأنها إنما شرعت في العمرة من أجل الحج في الواقع، فإنها لم تقدم في هذا الزمان إلا للحج والعمرة بين يدي الحج، ولا يمكن أداء الحج قبل التحلل من العمرة، والتحلل من العمرة في هذه الحال غير ممكن؛ لأن الحائض لا تطوف، حيث قال –صلى الله عليه وسلم-: «افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت»[صحيح البخاري(1650)، ومسلم(1211)]، فلم يبق لها مخرج إلا أن تحرم بالحج، فتكون قارنة؛ وهذا ما وجه النبي –صلى الله عليه وسلم-عائشة في قوله: «أهلي بالحج»[سبق]، وإدخال الحج على العمرة يجوز من غير خشية الفوات، فمعه أولى، وكذا الحكم لو خشيت غير من حاضت من المتمتعات بأن خاف المتمتع فوات الحج إن اشتغل بالعمرة، فإنه حينئذ يحرم بالحج؛ لتعينه، ويصير حينئذ قارنا، فيحصل له العمرة والحج معا وليس عليه قضاء.

والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق