مناسك الحج من الروض المربع

من 2024-06-01 وحتى 2030-06-17
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 141

التاريخ : 2024-06-03 10:39:45


بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على البشير النذير والسراج المنير نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد.

فقوله –رحمه الله-: (فإن عَدِمَه أي: عَدِمَ الهَديَ، أو عَدِمَ ثَمَنَه، ولو وجَدَ مَن يُقرِضُه فصَيامُ ثلاثَةِ أيَّامٍ). هذا هو القسم الثاني من الفدية، وهو ما كان الواجب فيه على الترتيب، وهو على ثلاثة أنواع فيما ذكر المصنف –رحمه الله-وقد تقدم معنى أن الفدية في الجملة تنقسم إلى ثلاثة أقسام.

القسم الأول: ما كان الواجب فيه على التخيير، وهذا مضى في قوله: (يخيَّرُ بفِديَةٍ أي: في فِديَةِ حَلقٍ فوقَ شَعرَتَين) إلى آخره.

والقسم الثاني: ما كان الواجب فيه على الترتيب، وهذا الذي ذكره المصنف –رحمه الله-.

قوله –رحمه الله-: (وأمَّا دمُ مُتعَةٍ وقِرانٍ: فيجِبُ الهديُ بشَرطِه السَّابِق) هذا مبدأ ذكر القسم الثاني من الفدية، وهو ما كان الواجب فيه على الترتيب وهو ثلاثة أنواع:

النوع الأول ما ذكره في قوله: (وأمَّا دمُ مُتعَةٍ وقِرانٍ: فيجِبُ الهديُ)، فدم المتعة والقران يجب على الترتيب، والواجب فيه أولا الهدي، وهذا لا خلاف فيه، والأصل في ذلك قوله تعالى: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ[البقرة: 196] والآية نص في وجوب الدم على المتمتع والقارن، أما المتمتع فبالنص باللفظ، وأما القارن فبالمعنى، لأن القارن متمتع، فالقران نوع من المتعة لأنه تمتع بإسقاط أحد السفرين.

وقيل: بل وجوب دم القران ثابت بالقياس على فدية التمتع، والأول أقرب إلى الصواب، ووجوب دم المتعة مشروط بما تقدم في شروط المتعة السابقة بأن يحرم بالمتعة في أشهر الحج ويفرغ منها ثم يحرم بالحج من عامه، وألا يكون أهله حاضري المسجد الحرام، وألا يسافر بينهما إلى آخر الشروط المذكورة سابقًا.

  

فإن عدم الهدي أو عدم ثمنه كما ذكر المصنف –رحمه الله-، فلا خلاف بين أهل العلم في أن المتمتع إذا لم يجد الهدي ينتقل إلى صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع، وبهذا تكتمل العشرة التي ذكر الله تعالى في قوله: ﴿تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ[البقرة: 196] والقدرة المشروطة هي القدرة في الموضع، فمتى عدمه في موضعه جاز له الانتقال إلى الصيام، وإن كان قادرا عليه في بلده بمعنى أنه لا عبرة بقدرته في بلده، إنما القدرة في موضع وجوب الهدي؛ لأن ما كان وجوبه مؤقتًا اعتمدت القدرة عليه في موضعه، هذه القاعدة كالماء في الطهارة، فإنه إذا عدمه في مكانه انتقل إلى التراب، ولو كان قادرًا عليه في موضع آخر غير موضع ما يجب عليه ما وجب عليه من الوضوء في هذا الموضع.

  

وقوله –رحمه الله-: (والأفضَلُ: كونُ آخرِهَا يومَ عَرفَةَ) أي: إن الأفضل في صيام الأيام الثلاثة التي في الحج أن يصومها المتمتع بعد إحرامه بالحج، بحيث يكون آخرها يوم عرفة، لأنه يكون آتيًا بها في الحج، وهذا زمن الفضيلة.

وعن أحمد رواية أن الأفضل أن يجعل آخرها يوم التروية، لأن صوم يوم عرفة بعرفات غير مستحب، وأما زمن الجواز فزمن الجواز يكون بعد إحرامه بالعمرة، وقبل يوم عرفة، كل هذا يجوز فيه الصيام، لأن العمرة أحد إحرام التمتع فجاز الصوم بعده كإحرام الحج، ولحديث جابر:« دخلت العمرة في الحج» [صحيح مسلم(1218)]، فإنه إذا أحرم بالعمرة تمتعا فقد شرع بالحج؛ فجاز صيامها فيه، وإن أخرها عن أيامها صامها بعده، وعليه دم مطلق أي: إن المتمتع إذا لم يصم الأيام الثلاثة التي في الحج قبل  أيام التشريق، فإنه يجب عليه صيام الأيام الثلاثة فيها أي في أيام التشريق لما روي عن ابن عمر وعائشة رضي الله تعالى عنهما قالا: « لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ، إِلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الهَدْيَ » [صحيح البخاري(1997)] رواه البخاري، وإطلاق الصحابي هذا اللفظ ينصرف إلى النبي –صلى الله عليه وسلم-أنه لم يرخص رسول الله –صلى الله عليه وسلم-في صيام أيام التشريق، إلا لمن يجد الهدي.

وعن الإمام أحمد رواية: أنه لا يصومها في أيامها؛ بل يصوم بعد ذلك عشرة أيام وعليه دم، وعنه رواية ثالثة: أنه إن ترك الصوم لعذر لم يلزمه إلا قضاؤها، وإن تركه لغير عذر فعليه دم، والأقرب والله تعالى أعلم أنه لا دم عليه، وإنما يكون قد وقع في مخالفة ما أمر الله –عز وجل-، وأما إيجاب الدم فيحتاج إلى دليل، وليس هذا شيء من النسك حتى يقال من ترك من نسكه شيئا؛ فليذبح شاة.

وقوله –رحمه الله-: (ولا يَجبُ تتابُعٌ ولا تَفريقٌ في الثلاثَةِ، ولا السَّبعَةِ)أي: إنه لا يجب تتابع في صيام الأيام العشرة، فيجوز صومها متفرقة كما لا يجب تفريقها، فيجوز صومها متتابعة، وكذلك في الأيام السبعة فلا يجب فيها تتابع ولا تفريق، فيجوز صومها متتابعة ويجوز صومها متفرقة، وكذلك بين الثلاثة والسبعة إذا قضاها أو قضى شيئا منها، فلا يجب تتابع ولا تفريق، لأن الأمر ورد بها مطلقًا والأمر المطلق لا يقتضي جمعا ولا تفريقًا.

  

وأما ما يتعلق بصوم الأيام السبعة التي بعد الرجوع، فلها أيضًا وقتان؛ وقت اختيار، ووقت أفضلية، نحن عرفنا أن الأيام الثلاثة التي في الحج لها ثلاثة أوقات؛ جواز، وجوب، فضيلة.

أما الجواز فمن إحرامه بالعمرة إلى يوم عرفة، وأما الفضيلة فمن إحرامه بالحج إلى يوم عرفة في قول إلى يوم التروية في القول الثاني، وأما الوجوب ففي أيام التشريق، وأما السبعة فلها أيضًا وقتان؛ وقت اختيار، ووقت جواز.

أما وقت الاختيار فإذا رجع إلى أهله للآية في قوله تعالى: ﴿وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ[البقرة: 196]، وقد جاء بيانها في حديث ابن عمر أن النبي –صلى الله عليه وسلم-قال: «فمَن لَمْ يَجِدْ هَدْيًا، فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أيَّامٍ في الحَجِّ وسَبْعَةً إذَا رَجَعَ إلى أهْلِهِ»[صحيح البخاري(1691)، ومسلم(1227)] متفق عليه.

وأما وقت الجواز فمنذ تمضي أيام التشريق؛ فإنه يجوز أن يصومها سواء كان في مكة أو في الطريق أو إذا وصل إلى أهله، وقد سئل الإمام أحمد عن صومها في الطريق وفي مكة قال: كيف شاء.

والعلة أن كل صوم لزم وجاز في وطنه، جاز قبل ذلك كسائر الفروض، والآية لبيان جواز التأخير وليس للوجوب.

  

قال –رحمه الله-: (والمُحصَرُ يَذبَحُ هَديًا، بنيَّةِ التحلُّلِ؛ لقولِه تعالى: ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ[البقرة: 196] هذا هو النوع الثاني مما تجب فيه الفدية على الترتيب، وهو فدية الإحصار، فالمحصر وهو من حيل بينه وبين الوصول إلى البيت يلزمه الهدي لقوله تعالى: ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ[البقرة: 196] فيذبح هديا بنية التحلل من الإحرام، فيجب عليه أن يذبح هديا بنية التحلل من الإحرام، والنية شرط للتحلل، ولم تعتبر في غير المحصر، لأن غيره قد أتى بالأفعال الواجبة في النسك، فقد أتى بما عليه، أما المحصر فإنه يخرج من العبادة قبل إكمالها، والذبح قد يكون لغير الحل، ولذلك اشترطت النية، لهذا يجب عليه أن يذبح هديا بنية التحلل من الإحرام.

ووجه اشتراط النية للتحلل مع أنها لم تعتبر في غير المحصر؛ لأن غير المحصر يتحلل بفعل ما يجب عليه من أعمال النسك، وأما المحصر فإنه يخرج قبل إكمال النسك، ولما كان الذبح قد يكون لغير الحل اشترطت النية.

 فإن لم يجد المحصر الهدي صام عشرة أيام ثم حل، ووجهه أنه دم واجب فكان له بدل ينتقل إليه كدم التمتع.

وقيل: إن لم يجد هديا فلا يجب عليه الصوم.

 في زاد المعاد: "فمن أوجب عليه القضاء والهدي، احتج بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه نحروا الهدي حين صدوا عن البيت، ثم قضوا من قابل، قالوا: والعمرة تلزم بالشروع فيها، ولا يسقط الوجوب إلا بفعلها، ومن لم يوجبهما قالوا: لم يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الذين أحصروا معه بالقضاء، ولا أحدا منهم، ولا وقف الحل على نحرهم الهدي بل أمرهم أن يحلقوا رءوسهم، وأمر من كان معه هدي أن ينحر هديه" [زاد المعاد(3/334)] ، هذا يبدو أنه أقوى الأقوال.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق