مناسك الحج من الروض المربع

من 2024-06-01 وحتى 2030-06-17
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 76

التاريخ : 2024-06-03 10:56:53


 الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد.

يقول المصنف –رحمه الله-: (بابُ حكمِ صيدِ الحرَمِ).

هذا شروع في بيان أحكام صيد الحرم، وما يلتحق فيه من مسائل.

وقوله: (أي: حرمِ مكَّةَ).

بيان المقصود بالحرم في قوله صيد الحرم، فإن المراد في الحرم في هذا الباب حرم مكة، فالألف واللام للعهد الذهني، ويلتحق به حرم المدينة.

  

 وقوله –رحمه الله-: (يحرمُ صيدُه على المحرمِ والحلال، إجماعًا؛ لحديث ابن عباس) أخرجه البخاري (3189)، ومسلم (1353) .

أي أن صيد حرم مكة حرام مطلقا على كل أحد محرم أو حلال، وهو محل إجماع كما قال –رحمه الله-:إجماعا.

ودليل ذلك حديث ابن عباس الذي ذكر الشارح، ولم يذكر الشارح ـ اللهم اغفر له ـ موضع الشاهد فيه، وهو قوله –صلى الله عليه وسلم-: «ولا يُنفر صيدها» أخرجه البخاري (3189)، ومسلم (1353). والنهي عن التنفير نهي عما هو أعلى من التنفير، وقد استدل أهل العلم بقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ[المائدة: 95] قالوا: وهذا يتناول الحرام بالإحرام، والحرام بالحرم؛ لأنه سمى محرما لكونه في الحرم، فإن ثبت ذلك فكل معنى يسمى به محرما فإنه يدخل في الآية, فمتى قتل الصيد فيه كان مضمونا بالجزاء كالإحرام.

  

وقوله: (وحكمُ صيدِه كصَيدِ المُحرِمِ، فيه الجزاءُ، حتى على الصغيرِ والكافر).

 أي إن حكم صيد الحرم كحكم صيد المحرم في الحرمة فيما يترتب على الصيد من جزاء، وحرم مكة ما أحاط بها وطاف بها من جوانبها جعل حكمها في الحرمة تشريفًا لها يعني مكة وما أحاط بها داخل في مسمى الحرم، فكما أن المحرم لا يجوز له قتل الصيد وعليه الجزاء، فكذلك الصيد في الحرم حكمه في الجزاء حكم صيد الإحرام، لأنه مثله في التحريم فكان مثله في الجزاء هذا معنى قوله: وحكم صيده حكم صيد المحرم في التحريم وفي الجزاء، فلا يحل صيد الحرم لكل أحد سواء كان محرما أم حلالا، صغيرا كان أم كبيرا.

وكذلك لو كان كافرا فإنه يضمن، ويحكم عليه بالجزاء.

  

وقوله: (لكنْ بحريُّهُ لا جزاءَ فيه).

أي إن تحريم صيد الحرم يشمل صيد البحر، فصيد البحر في التحريم كصيد البر، والدليل عموم قوله –صلى الله عليه وسلم-: «ولا يُنفر صيدها» أخرجه البخاري (3189)، ومسلم (1353). وهما في المحل سواء، فلا فرق فيه بين صيد البر وصيد البحر من جهة التحريم، إلا أنه لا يجب في صيد البحر إذا صاده بالحرم جزاء لعدم وروده، فهو محرم لكن لا جزاء فيه والعلة في عدم الجزاء عدم ورود الجزاء عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم.

وفي رواية أن صيد البحر لا يحرم في الحرم والعلة قالوا لأنه لا يحرمه الإحرام، فلم يحرمه الحرم كالسباع، والمراد بصيد البحر الحيوان الذي يعيش في الماء ويبيض فيه ويفرخ فيه كالسمك والسلحفاة والسرطان ونحو ذلك.

  

ولا فرق بين حيوان البحر المالح وبين ما في الأنهار والعيون، فإن اسم البحر يتناول الكل فكل ما عاش في الماء سواء كان حلوا أو مالحا، بحرا أو نهرا كان يدخل في اسم البحر الذي يجري عليه حكم صيد البحر قال الله تعالى: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا[فاطر: 12] ولأن الله تعالى قابله بصيد البر، فيشمل كل ما كان فيه ﴿وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا [المائدة: 96] فدل على أن ما ليس من صيد البر فهو من صيد البحر، وسائر الحيوانات حكمها في الحرم حكمها في الإحرام، فما حرمه الإحرام من الصيد حرمه الحرم، وما أبيح فيه من الأهل وغير المأكول لم يحرمه الحرم لقوله –صلى الله عليه وسلم-: «خمس فواسق يقتلن في الحل والإحرام». أخرجه البخاري(3314), ومسلم(3314) ، واستثنوا من ذلك القمل فلا يحرمه الحرم رواية واحدة.

  

قوله: (ولا يَملِكُهُ ابتداءً بغيرِ إرثٍ).

 أي إن مما يندرج في تحريم صيد الحرم أن الصيد لا يملك في الحرم ملكا متجددًا لا بشراء ولا اتهاب ولا اصطياد، فلا يحل أن يشتري صيدا في الحرم ولا أن يتهب صيدا في الحرم، كما لا يحل اصطياد صيد في الحرم؛ لأن الله حرم الصيد فيه، وهذا يشمل جميع أوجه التملك، ويدل لذلك حديث صعب بن جثامة في صيده حمارا وحشيا أهداه إلى النبي –صلى الله عليه وسلم-فرده عليه –صلى الله عليه وسلم-وعلل ذلك قال: «إنا لم نرده عليك إلا أنّا حُرم» أخرجه البخاري(1825), ومسلم(1193). وهذا نص في الهدية لا يملك الصيد بها من المحرم وكذلك في الحرم وغير الهدية مساو لها في المعنى، وحكي وجه بصحة ملك الصيد بالشراء والاتهاب في المذهبينظر: الإنصاف(8/ 294).

واستثنى المصنف –رحمه الله-من أسباب التملك: الإرث. قال: بغيرِ إرثٍ. فاستثنى الإرث من أوجه تملك الصيد في الحرم فإنه يملك بالميراث؛ لأنه يدخل في ملكه قهرا، فهو تملك قهري، ولأن الملك بالإرث لا فعل للوارث فيه، فهو جار مجرى الاستدامة.

وقيل: لا يملك المحرم الصيد بالإرث، والأول هو المذهب.

  

وقوله: (ولا يلزمُ المحرمَ جزاءَان).

أي إن المحرم لو قتل صيدا في الحرم لم يلزمه بذلك جزاء للحرم، وجزاء للإحرام بل عليه جزاء واحد، وذلك لدخول أحدهما في الآخر لعموم الآية ﴿فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ[المائدة: 95] فإن الله أوجب جزاء واحدا، ومن أوجب جزاءين فقد أوجب مثلين، ولأنه صيد واحد فلم يجب فيه جزاء، وقيل بل يلزمه جزاء للحرم وجزاء للإحرام، والأول أصوبينظر: تصحيح الفروع (6/6).

  

 قوله –رحمه الله-: (ويحرمُ: قطعُ شجَرِه...) إلى آخر ما ذكر مما يتعلق بالنبات.

 أي إن مما يحرم بالحرم قطع شجر الحرم، وهذا ثاني ما ذكره المؤلف من الأحكام التي تتعلق بالحرم، ونبات الحرم قسمان في الجملة من حيث تحريم القطع.

القسم الأول: ما يحرم قطعه: وهو ما لم يزرعه آدمي من شجر وحشيش إذا لم يمت بأن كان أخضر لم ييبس فهذا الإجماع منعقد على تحريم قطعه، ويدل له عموم الأحاديث التي ذكرها الشارح وهو قول النبي –صلى الله عليه وسلم-«لا يُعَضد شجرها ولا يُحش حشيشها» أخرجه البخاري (112)، ومسلم (1355) من حديث أبي هريرة، بشطره الأول، وأخرجه ابن أبي شيبة 13/373 من حديث أبي سلمة ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب مرسلًا بشطره الثاني.. وفي رواية: «لا يُختلى شوكها» أخرجه البخاري (112)، ومسلم (1355) من حديث أبي هريرة.

فالعموم يشمل الشجر والحشيش ومما يدخل في عموم ما يمنع قطعه من الشجر ما فيه مضرة كشوك ونحوه، وقال أكثر الأصحاب لا يحرم ما فيه مضرة كالشوك وعوسج لأنه مؤذي بطبعه كالسباع فيجوز قطعه.

القسم الثاني من أقسام نبات الحرم: ما يجوز قطعه.

وأنواعه ستة :

 الأول: ما يبس من شجر الحرم وحشيشه؛ لخروجهما بموتهما من الاسم الداخل في النهي، وذلك أنه لا يعضد وحينئذ يجوز له قطعه والانتفاع به.

قال في الفروع: وفيه احتمال يعني التحريم لظاهر الخبر احتمال أنه لا يجوز قطع شجر الحرم سواء يبس أو لم ييبس هذا النوع الأول مما يجوز قطعه.

النوع الثاني: الثمرة؛ وعللوا ذلك بأنها تستخلف فلا تدخل في النهي، وهذا تعليل, والأولى أن يقال لعدم الدليل, ثم بعد ذلك لا بأس من ذكر التعليل.

ثالثا: مما يجوز قطعه ما زرعه آدمي من بقل وريحان وزروع إجماعا، ومن ذلك ما أنبته من الشجر وذهب بعض أهل العلم وهو احتمال ذكره بعض الحنابلة أن المأذون فيه من النبات هو دون الشجر، مما أنبته الآدمي، وأجيب: بأن النهي عن شجر الحرم هو ما أضيف إليه, أي ما أضيف إلى الحرم مما لا يملكه أحد، وأما الشجر الذي أنبته الإنسان فيضاف إلى مالكه فلا يعمه الحظر ينظر: الإنصاف(9/49) .

رابعا: مما يستثنى من النبات الكمة والفقع، فيجوز أخذه في الحرم، وعللوا ذلك قالوا لأنه لا أصل له فلا يدخلان في الشجر ولا في الزرع ولا في الحشيش.

خامسًا: مما يستثنى الإذخر, وهو نبات طيب استثناه النبي –صلى الله عليه وسلم-لما قال له العباس: (( يا رسول الله: إلا الإذخر فإنه لِقَيْنِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ)) أخرجه البخاري (3189)، ومسلم (1353) والقين هو الحداد والصائغ ومعناه يحتاج إليه القين في وقود النار .

سادسًا: ما زال من شجر الحرم أو انكسر من غير فعل آدمي، وبهذا يكون قد استوعبنا ما يتعلق بما ذكره المؤلف –رحمه الله-حيث ذكر التحريم قطع الشجر والحشيش الأخضرين.

ثم قال: (ويجوزُ: قطعُ اليابسِ).  هذا واحد من المستثنيات، الثمرة اثنين، زرع الآدمي ثلاثة، الكمة والفقع أربعة، والإذخر خمسة، ويباح انتفاع بما زال, هذا ستة.

  

قوله – رحمه الله-: (وتُضمنُ شجرةٌ صغيرةٌ عُرفًا: بشاةٍ. وما فوقَها: بـبقرةٍ. ويُفعَلُ فيهِمَا كجَزَاءِ صيدٍ).

 أي إن التعدي على نبات الحرم يوجب الضمان، فبدأ بضمان الشجر فتضمن الشجرة الصغيرة عرفا بشاة، وتضمن ما فوق الصغيرة من الشجر وهي الكبيرة المتوسطة ببقرة، ودليل ضمان الشجرة الكبيرة والصغيرة بما ذكر ما روى ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: في الدوحة بقرة وفي الشجرة الجزلة شاة، ولأنه أحد نوعين ما يحرم إتلافه لحرمة الحرم، فكان منه ما يضمن بمقدار الصيد.

وعن أحمد رواية أنه تضمن الشجرة الكبيرة ببدنة، وعنه تضمن الكبيرة والصغيرة بقيمتها لا بشاة ولا ببدنة، وأما ما يفعل بالضمان من شاة أو بدنة أو قيمة على رواية القيمة.

قال: يفعل فيهما كجزاء الصيد يعني يفعل بالشاة والبقرة كما يفعل بجزاء الصيد، بأن يذبح ويفرق ويطلق بمساكين الحرم كما سبق.

  

قال: (ويُضمَنُ حشيشٌ وورقٌ: بقيمتِه، وغُصنٌ: بما نقَصَ).

 أي إن التعدي على حشيش الحرم يوجب الضمان؛ فيضمن الحشيش والورق بقيمته، فلأن الأصل وجوب القيمة لما تقدم، هذا تعدي على حشيش الحرم يوجب الضمان، فيضمن الحشيش والروق بقيمته لأن الأصل وجوب القيمة هذا الأصل، لما تقدم في الصيد ترك ذلك في الشجرة الكبيرة والصغيرة لقضاء الصحابة رضوان الله عليهم، فيبقى فيما عداهم على مقتضى الدليل، لأن الأصل في الضمان القيمة، ولأنه متقوم يفعل في قيمته كما يفعل بما ذكر في جزاء الصيد.

وقوله: (وغُصنٌ: بما نقَصَ).

أي يضمن الغصن, ومعنى هذا أن تُقوم الشجرة قبل قطع الغصن وبعده، وما نقص فهو جزاء الصيد، وضمان غصن بما نقص؛ لأنه نقص حصل بفعل فكان الواجب عليه ضمان ما حصل من جناية.

قوله –رحمه الله-: (فإن استخلَفَ شيءٌ منها، سقَطَ ضمانُه، كرَدِّ شجرةٍ فتَنبُتُ، لكن يَضمنُ نقصَها).

 أي أنه لو قلع غصنا من شجر الحرم ونبت آخر مكانه، فإن الضمان يسقط بسقوط موجبه، وهو القطع الحاصل ويبقى لإثم كان تعمد القطع للنهي عنه، لكن يضمن نقص الشجرة الممدودة إذا نقصت بالردم، يعني إن كانت بعدها إذ رجع غصن ناقصة فيضمن النقص.

وفي وجه آخر أنه لا يسقط الضمان بقطع الغصن، لأنه كان غير الأول، فهو كما لو حلق المحرم شعرا فعاد.

  

وقوله: (وكُرِه: إخراجُ تُرابِ الحرمِ وحجارتِه إلى الحِلِّ، لا ماءِ زمزَمَ. ويحرمُ: إخراجُ تُرابِ المساجدِ وطيبِها؛ للتبرُّكِ وغيرِه).

أي أنه يكره إخراج تراب الحرم، وإخراج الحجارة إلى الحل، لما جاء عن ابن عمر وابن عباس في ذلك، وهو بخلاف ماء زمزم فإنه لا يكره إخراجه من الحل كما روت عائشة أنها كانت تحمل من ماء زمزم وتخبر أن النبي –صلى الله عليه وسلم-كان يحمله. والحديث في الترمذي أخرجه الترمذي(963), وقال: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الوَجْهِ»، ولأنه يستخلف كالثمرة، لكن يحرم إخراج تراب، ويحرم أيضًا إخراج تراب المساجد سواء في الحرم أو في غيره، وإخراج طيبها سواء كان ذلك للتبرك أو لغيره من الأسباب؛ لأن ذلك انتفاع بالموقوف في غير جهته فلم يحل.

ولهذا قال الإمام أحمد –رحمه الله-: فإذا أراد أن يستشفي بطيب الكعبة لم يأخذ منه شيئا؛ لأنه لم يجعل لذلك. 

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق