مناسك الحج من الروض المربع

من 2024-06-01 وحتى 2030-06-17
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 74

التاريخ : 2024-06-03 10:58:13


  الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد.

قوله –رحمه الله-: (ويحرمُ: صيدُ حرمِ المدينةِ؛ لحديث علي: «المدينة حرامٌ ما بينَ عَيرٍ إلى ثَورٍ، لا يُختَلى خلاها...) أخرجه أبو داود (2034، 2035). وصححه الألباني في صحيح أبي داود (1774). وفي الإرواء تحت حديث (1058). إلى آخر ما ذكر المؤلف –رحمه الله-.

بعد ما فرغ من أحكام صيد مكة، وحرمها وما يتعلق بنباتها انتقل إلى المدينة فقال: (ويحرم صيد حرم المدينة)، فحرم المدينة لا يحل صيده كحرم مكة لحديث علي الذي ذكره المؤلف: «المدينة حرامٌ ما بينَ عَيرٍ إلى ثَورِ، لا يخُتَلى خلاها، ولا ينُفَّرُ صيدُها» أخرجه أبو داود (2034، 2035). وصححه الألباني في صحيح أبي داود (1774). وفي الإرواء تحت حديث (1058). وقد بين النبي –صلى الله عليه وسلم-حدود المدينة فقال –صلى الله عليه وسلم-: «المدينة حرامٌ ما بينَ عَيرٍ إلى ثَورِ»، وفي حديث عبد الله بن زيد قال –صلى الله عليه وسلم-: «إني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة» أخرجه البخاري(2129), ومسلم(1360)، فحديث علي, وحديث عبد الله بن زيد وغيرهما يدلان على أن المدينة حرما.

يفارق حرم المدينة حرم مكة في أمور:

 هذا أولها، وهو أنه لا جزاء في صيده، فلا يلزم في صيد الحرم جزاء، ولا في قطع شجره فدية، والعمدة في ذلك ما ذكره المؤلف؛ لأنه لم يحكم في ذلك الصحابة بشيء، وأيضًا عللوا بأنه موضع يجوز دخوله بغير إحرام، فلم يجب فيه جزاء صيد، وعن أحمد رواية أن جزاء صيد المدينة سلب الصائد لما أخذه؛ لأن النبي –صلى الله عليه وسلم-حرم المدينة كتحريم مكة، فوجب الجزاء في صيدها على الجملة كمكة، ولحديث سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه أنه وجد عبدا يقطع الشجرة أو يخبطه، فسلبه فلما رجع سعد جاءه أهل العبد فكلموه أن يرد على غلامهم ما أخذ فقال: «مَعَاذَ اللهِ أَنْ أَرُدَّ شَيْئًا نَفَّلَنِيهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ»أخرجه مسلم(1364).

قال: (ويباح: الحشيش من حرم المدينة للعلف لما تقدم).

 أي إن مما يفارق فيه حرم المدينة حرم مكة إباحة حشيشه لإطعام الدواب، فيجوز الاحتشاش فيه لحديث علي رضي الله تعالى عنه الذي ذكر المؤلف، قال: « ولا يَصلُحُ أن تُقطَع منها شجرةٌ، إلا أن يَعلِفَ رجلٌ بعيرَه» أخرجه أبو داود (2034، 2035) ، فيحش حشيشه علف الدواب.

وقوله –رحمه الله-: (ويباح: اتخاذ آلة الحرث ونحوه كالمساند)، إلى آخر ما ذكر أي مما فارق فيه حرم المدينة حرم مكة إباحة أخذ ما تدعو الحاجة إليه من شجره كآلة الحرث والمساند،  وآلة الرحل، ونحوه لما ذكر المؤلف –رحمه الله-في حديث جابر حيث قال: فيما استثناه النبي –صلى الله عليه وسلم-: «القائمتان، والوِسادَةُ، والعارِضَةُ، والمَسنَدُ»قال المؤلف رواه أحمد, ولم أجده في المسند، ولم يرقم له ابن حجر في أطراف المسند، ولا غيرُه، وذكره السمهودي في «وفاء الوفاء» 1/126، ونسبه إلى ابن زُبالة ,  والقائمتان هما قائمتا الرحل التي تكون في مقدمه ومؤخره أي ما يوضع على الناقة مما يتكأ عليه في مؤخرته، وما يتمسك به في مقدمته، والوسادة خشب يوضع في البكرة التي يستثنى بها الماء، والعارضة خشب يوضع في سقف للمحمل، والمسند فسره المؤلف بقوله: (عود البكرة).

قوله –رحمه الله-: (ومن أدخلها صيدًا، فله إمساكه، وذبحه).

أي إن مما يفارق في حرم المدينة حرم مكة أن من صاد صيدا خارج المدينة ثم أدخله إليها لم يلزمها إرساله نص عليه أحمد –رحمه الله-؛ لأن النبي –صلى الله عليه وسلم-قال: «يَا أَبَا عُمَيْرٍ، مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ»البخاري(6129), ومسلم(2150) وهو طائر صغير، فظاهر هذا أنه أباح إمساكه بالمدينة.

  

وقوله –رحمه الله-: (وحرمها: بريد في بريد).

أي إن حدود حرم المدينة مسافة بريد في بريد طولا وعرضًا، والبريد أربعة فراسخ والفرسخ ثلاثة أميال، فهو مربع ما بين عين إلى ثور، وهما جبلان يحدان المدينة من شمالها وجنوبها وقد وصفهما المؤلف، أما عير فوجب عند الميقات يشبه العير الحمار، وأما ثور فهو جبل من ناحية أحد على نحو ما وصف المؤلف هذه حدوده شمالا وجنوبا، وأما شرقا وغربا فما بين هذين الجبلين وهما اللابتان لابة المدينة الحارة الشرقية والغربية قد قال أبو هريرة رضي الله تعالى عنه «حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ لَابَتَيِ الْمَدِينَةِ» أخرجه مسلم ح (1372).

  

 ثم بعد أن فرغ من ذكر ما يتعلق بالحرمين ذكر ما يتصل بالمفاضلة بينهما في المجاورة، والمجاورة المقصود بها الإقامة.

فقال: وتستحب المجاورة بمكة، وهي أفضل من المدينة.

أي إن الإقامة بمكة مستحبة وهي أفضل من الإقامة بالمدينة، وعلى هذا جماهير أهل العلم، واستدلوا لذلك بقول النبي –صلى الله عليه وسلم-: «إنك لأحب البقاع إلى الله، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما خرجت» أخرجه الترمذي(3925), وصححه, وابن ماجه (3108)، ولأن بالإقامة فيها من تحصيل العبادات وتضعيفها ما لاتحصل في غيرها؛ ففيها الطواف بالبيت الذي لا يمكن أن يكون إلا بالكعبة، وفيها مضاعفة الصلوات وما إلى ذلك.

 وعن أحمد رواية أن الإقامة بالمدينة أفضل وفاقا للإمام مالك، واستدلوا لذلك بأنها مهاجر رسول الله –صلى الله عليه وسلم-وأن النبي –صلى الله عليه وسلم-رقب في المجاورة فيها حيث قال –صلى الله عليه وسلم-: «لَا يَصْبِرُ عَلَى لَأْوَاءِ الْمَدِينَةِ وَشِدَّتِهَا أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِي، إِلَّا كُنْتُ لَهُ شَفِيعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، وفي رواية «أَوْ شَهِيدًا»أخرجه مسلم(1378)، وقال: «المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون» أخرجه البخاري (1875), ومسلم (1381) عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ .

واختار شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-أن الأفضل في المجاورة مجاورة مكان يكثر فيه إيمانه وتقواه حيث كان في مكة أو في المدينة أو في غيرهما.

  

 ثم ذكر استطرادًا ما يتعلق بالمفاضلة بين الحجرة والكعبة.

فقال: (الكعبةُ أفضلُ من مجرَّد الحُجرَةِ، فأمَّا والنبيُّ ﷺ فيها، فلا واللَّه، ولا العرشُ وحملتُهُ...)، ما نقله المؤلف عن ابن عقيل استطراد, والمراد والله أعلم المفاضلة بين جسد النبي –صلى الله عليه وسلم-وبين الكعبة، وقد سئل ابن تيمية –رحمه الله-عن تربة النبي –صلى الله عليه وسلم-والكعبة أيهما أفضل فقال: أما نفس محمد –صلى الله عليه وسلم-فما خلق الله خلقا أكرم عليه منه، وأما نفس التراب فليس هو أفضل من الكعبة البيت الحرام بل الكعبة أفضل منه، ولا يعرف أحد من العلماء فضل تراب القبر عن الكعبة، إلا ما جاء عن القاضي عياض ولم يسبقه أحد إليه ولا وافقه أحد عليه.

 هذا جواب شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-.

  

ثم قال في ختم ما ذكر من المسائل مضاعفة الثواب قال: (وتضاعف الحسنة والسيئة بمكان وزمانٍ فاضلٍ).

أي إن ثواب الأعمال الصالحة يضاعف في المكان الفاضل، كمكة والمدينة وبيت المقدس وفي المساجد، وفي الزمن الفاضل كيوم الجمعة والأشهر الحرم ورمضان، أما مضاعفة الحسنة فلا خلاف بين أهل العلم فيه «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ» ، وفي آخر الحديث قال: «فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا الله لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا الله لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ» أخرجه البخاري( 6491)، ومسلم( 131) .

 وأما مضاعفة السيئة:

 فقد وقع خلاف بين أهل العلم في كون السيئة تضاعف كما تضاعف الحسنة على قولين؛

القول الأول: أن السيئات تضاعف في المكان الفاضل والزمان الفاضل كالحسنات, وهو قول ابن عباس وابن مسعود ومجاهد، واستدلوا لذلك لحديث: أن الحسنة تضاعف فيها إلى مائة ألف وأن السيئة كذلكذكره في الاختيار لتعليل المختار(1 /155)غير مسند.

القول الثاني: أن السيئة لا تضاعف في الزمان الفاضل والمكان الفاضل كما هو في الحسنات، بل المضاعفة في الجملة وهذا القول أقرب إلى الصواب، وهو أن الزمان الفاضل والمكان الفاضل والحال الفاضلة لها تأثير في تغليظ الذم؛ قال الله تعالى في مضاعفة السيئة لأجل الحال: ﴿مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ[الأحزاب: 30] فلأجل حالهن من كونهن زوجات النبي –صلى الله عليه وسلم-جاءت المضاعفة كما هي المضاعفة في الحسنات في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ[الأحزاب: 31] فأي مكان أو زمان فيه شرف أكثر، فالمعصية فيه أفظع وأشنع قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ[الحج: 25] وبهذا يكون قد انتهى الباب والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.  

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق