مناسك الحج من الروض المربع

من 2024-06-01 وحتى 2030-06-17
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 77

التاريخ : 2024-06-03 11:03:40


 الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد.

قوله –رحمه الله-: (ويطوفُ سُبُعًا، يَرْمُلُ الأُفُقِيُّ, أي: المحرمُ من بعيدٍ مِن مكَّةَ (في هذا الطَّواف) فقط، إن طافَ ماشيًا). إلى آخر ما ذكر.

 أي إن المشروع في الطواف أن يطوف حول البيت من وراء الحجر سبعة أشواط, يبدأ بالحجر الأسود، وينتهي به.

أما صفة الطواف: فإن لم يكن الطائف من أهل مكة، فالسنة أن يرمل في الأشواط الثلاثة الأولى جميعها من الحجر الأسود حتى يعود إليه ثم يمشي في الأربعة الباقية لا خلاف بين أهل العلم في أن ذلك سنة، وذلك لفعله –صلى الله عليه وسلم-كما جاء عن عبد الله بن عباس في قصة قدوم النبي –صلى الله عليه وسلم-في عمرة القضية حيث قدم وأصحابه مكة فقال المشركون:" إِنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ غَدًا قَوْمٌ قَدْ وَهَنَتْهُمُ الْحُمَّى، وَلَقُوا مِنْهَا شِدَّةً، فَجَلَسُوا مِمَّا يَلِي الْحِجْرَ، وَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْمُلُوا ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ، وَيَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ، لِيَرَى الْمُشْرِكُونَ جَلَدَهُمْ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّ الْحُمَّى قَدْ وَهَنَتْهُمْ، هَؤُلَاءِ أَجْلَدُ مِنْ كَذَا وَكَذَا" أخرجه البخاري (1602)؛ ومسلم (1266) .

وقد روي الرمل في حجة الوداع عن النبي –صلى الله عليه وسلم-وأصحابه من حديث جابر وابن عمر رضي الله تعالى عنهماأخرجه البخاري(1604)من حديث ابن عمر. وأخرجه مسلم (1218)من حديث جابرy فدل ذلك على ثبوت سنيته مطلقًا، وقد قال ابن عباس رضي الله تعالى عنه:" رَمَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ، وَفِي عُمَرِهِ كُلِّهَا وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ وَالْخُلَفَاءُ" رواه الإمام أحمد في مسنده( 1972).

  

وقد ذكر الشارح –رحمه الله-من لا يسن في حقهم الرمل، وهم كما يلي:

أولا: من حمل معذورا كمريض وصغير، فحامل المعذور مشغول بالمحمول، فلا يسن له الرمل للعذر والمشقة.

ثانيًا: النساء, فإنه لا يسن للمرأة رمل، وقد حكى ابن المنذر الإجماع على ذلك لقول ابن عمر رضي الله عنه "لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ رَمَلٌ، وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ" مصنف ابن أبي شيبة(12952)، وذلك لأن الأصل في مشروعية الرمل إظهار الجلد ولا يقصد بذلك في حق النساء، ولأن النساء يقصد فيهن الستر وفي الرمل تعرض للتكشف.

ثالثًا: المحرم من مكة أو من قربها، فإنه لا يسن له الرمل لما ورد أن ابن عمر رضي الله تعالى عنه كان لا يرمل إذا طاف حول البيت إذا أحرم من مكة، ولأن الرمل إنما شرع في الأصل لإظهار الجلد والقوة لأهل البلد، وهذا المعنى معدوم في أهل البلد، والحكم فيمن أحرم من مكة حكم أهل مكة لما ذكرنا عن ابن عمر، ولأنه أحرم من مكة أشبه أهل البلد.

 وقوله –رحمه الله-: (ولا يَقضِي الرَّمَلَ إن فاتَ في الثلاثةِ الأُوَلِ).

أي إن من ترك الرمل في الأشواط الثلاثة الأول لم يقضيه في الأربعة الباقية؛ لأنه سنة فات محلها، فإن المشي في الأشواط الأربعة مسنونة كالرمل في الأشواط الثلاثة، فلو تدارك الرمل لكان تاركًا سنة ناجزة في تدارك شعار فائت.

وإن تركه بشيء من الثلاثة الأول أتى به فيما بقي منها، فإن تركه في شوط أتى به في الاثنين الباقيين وفي اثنين يأتي به في الثالث، وإن تركه في اثنين أتى به في الثالث.

وقوله –رحمه الله-: (والرَّمَلُ أَوْلى من الدُّنوِّ من البيت).

أي أنه يستحب الدنو من البيت لأنه هو المقصود، فإن كان قرب البيت زحام، فظن أنه إن وقف لم يؤذي أحدًا، وتمكن من الرمل وقف ليجمع بين الرمل والدنو من البيت، وإن لم يظن ذلك وظن أنه إذا كان في حاشية الناس تمكن من الرمل، فعل وكان أولى من الدنو، وإن كان لا يتمكن من الرمل أيضًا أو يختلط بالنساء، فالدنو أولى ويطوف كيفما أمكنه، وإذا وجد فرجه رمل فيها، وهذا مبني على قاعدة مهمة، وهي أن المحافظة على فضيلة تتعلق بنفس العبادة أولى من المحافظة على فضيلة تتعلق بمكانها أو زمانها.

وقوله –رحمه الله-: (ولا يُسنُّ رمَلٌ ولا اضطِباعٌ في غيرِ هذا الطواف).

أي أنه لا يستحب الرمل ولا الاضطباع في غير طواف العمرة وطواف القدوم، لأن النبي –صلى الله عليه وسلم-وأصحابه لم يرملوا ولم يضطبعوا إلا في الطواف الأول، فلم يسن الإتيان بغير ما فعلوه، ولأن الطواف الأول إنما سن فيه ذلك لفعل النبي –صلى الله عليه وسلم-وأصحابه وهو منتفي هنا، فينتفي الاستحباب لانتفاء المقتضي، فلو تركهما فيه لم يقضهما فيما بعده، لأنه هيئة عبادة لا تقضى في عبادة أخرى.

  

قوله –رحمه الله-: (ويُسنُّ: أن يستلِمَ الحجَرَ والرُّكنَ اليمانيَّ كُلَّ مرَّةٍ عندَ مُحاذَاتِهِما، لقول ابن عمر: كان رسول اللَّه ﷺ لا يدَعُ أن يَستلِمَ الركنَ اليمانيَّ والحَجَرَ في طوافِه. قال نافع: وكان ابنُ عمر يفعلُه. رواه أبو داود). أخرجه أبو داود (1876). وحسنه الألباني في الإرواء (1110).

 أي إن مما يسن للطائف أن يستلم الحجر الأسود والركن اليماني، كل مرة عند محاذاتهما في الأشواط السبعة كلها، وهذا أمر مجمع عليه، والأصل في ذلك ما ذكره الشارح –رحمه الله-وقد قال ابن عمر «ما تَرَكْتُ اسْتِلَامَ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ اليَمَانِيَ، وَالْحَجَرَ، مُنذْ رَأَيْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَسْتَلِمُهُمَا، في شِدَّةٍ وَلَا رَخَاءٍ» رواه مسلم( 1268)، ولأن الركن اليماني مبني على قواعد إبراهيم عليه السلام، فسن استلامه كالركن الذي فيه الحجر الأسود.

أما مراتب استلام الحجر الأسود فقد تقدمت، أما الركن اليماني فلا يشرع فيه التقبيل في قول أكثر أهل العلم، وذلك أنه لم يصح عن النبي –صلى الله عليه وسلم-فلا يسن تقبيله.

قوله –رحمه الله-: (فإن شقَّ استلامُهُما، أشارَ إليهِما).  

أي إن شق استلام الحجر الأسود، والركن اليماني، أشار إليهما ومراتب استلام الحجر الأسود تقدمت، أما الركن اليماني فلا يشرع فيه تقبيل في قول أكثر أهل العلم؛ وذلك أنه لم يصح عن النبي –صلى الله عليه وسلم-فلا يسن تقبيله.

أما الإشارة إلى الركن اليماني إذا شق استلامه، فظاهر كلام المؤلف أنه إذا شق استلامه فإنه يشير إليه بيده كما في الحجر الأسود وعلة ذلك أن الإشارة بدل عن استلام باليد كما في الحجر الأسود.

وقيل: لا يشير إذا لم يستلمه بيده، وقيل: لا يشير إلى الركن اليماني إذا لم يستلمه بيده، وقيل: لا يشير إلى الركن اليماني إذا لم يستلمه بيده لعدم وروده كالتقبيل وهذا أقرب إلى الصواب.

  

وقوله –رحمه الله-: (لا الشاميَّ، وهو أوَّلُ ركنٍ يمرُّ به. ولا الغربيَّ، وهو ما يليه).

أي أنه لا يسن استلام الركن الشامي وهو الركن الذي يلي ركن الحجر الأسود، ويسمى أيضًا الركن العراقي، وكذلك لا يسن استلام الركن الذي يليه وهو الركن الغربي وهو ثالث الأركان، ويسمى أيضًا الركن الشامي.

ودليل عدم مشروعية استلامهما ما روي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَسْتَلِمُ إِلَّا الْحَجَرَ وَالرُّكْنَ الْيَمَانِيَ»أخرجه مسلم( 1268).

  

وقوله –رحمه الله-:(ويقول بين الركن اليماني والحجر الأسود: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وفي بقية الطواف: اللهم اجعله حجا مبرورًا وسعيًا مشكورًا). إلى آخر ما ذكر.

 أي أنه يسن أن يقول بين الركن اليماني والحجر الأسود هذا الدعاء ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار لما روى الإمام أحمد في المناسك عن عبد الله بن السائب أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِيمَا بَيْنَ رُكْنِ بَنِي جُمَحَ، وَالرُّكْنِ الْأَسْوَدِ: «رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ»أخرجه أحمد(15398).

وأما استحباب قول: اللهم اجعله حجًا مبرورًا وسعيًا مشكورًا وذنبًا مغفورًا إلى آخره، في بقية الطواف فلأن ذلك قول لائق بالمحل، فاستحب ذكره كسائر الادعية اللائقة بمحالها المنصوص على مشروعيتها فيها، ومهما أتى به من دعاء وذكر فحسن قالت عائشة رضي الله تعالى عنها «إنما جُعِلَ الطوافُ بالبيتِ وبينَ الصفا والمروةِ ورمْيِ الجمارِ لإقامةِ ذكرِ اللهِ»أخرجه أحمد(24468).

وذلك يتحقق بالدعاء وبسائر الأذكار التي يقولها الطائف.

  

وقوله –رحمه الله-:(وتسن القراءة فيه).

أي إن مما يسن في الطواف قراءة القرآن، ودليل الاستحباب ما روي عن النبي –صلى الله عليه وسلم-أنه قال: «الطَّوافُ بالبَيْتِ صَلاةٌ إلَّا أنَّ اللهَ أباح فيه النطق» أخرجه الحاكم(3058) بلفظ قريب, وأخرجه الترمذي (960)، والنسائي (2922) .

فشبه –صلى الله عليه وسلم-الطواف بالصلاة واستثنى الكلام فقط، والصلاة يقرأ فيها القرآن.

قال القاضي: وغيره لأنه صلاة وفيها قراءة ودعاء، فيجب كونها مثلها، فيجب كونه أي: الطواف مثلها أي مثل الصلاة ويدل له ما تقدم من حديث عبد الله بن السائب أن النبي –صلى الله عليه وسلم-كان يقول: «رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ»أخرجه أحمد(15398). وهذا دعاء من القرآن ويعضده ما تقدم في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، والقرآن من أفضل الذكر، بل هو أفضل الذكر، واختاره ابن تيمية –رحمه الله-فقال: تستحب القراءة فيه لا الجهر بها.

وعن أحمد رواية لا يقرأ في الطواف فظاهر هذا أنه غير مستحب لأنه موطن للدعاء، فلم تستحب فيه القراءة، كما أن الركوع كما أنه موطن للتسبيح لم تجز القراءة فيه، وكذلك السجود والتشهد.

وعن الإمام أحمد –رحمه الله-رواية تكره قراءة القرآن في الطواف، ولعل هذا فيما إذا جهر بالقراءة وقد أشار إلى ذلك في الترغيب فقال: لتغليطه المصلين.

  

قوله –رحمه الله-: (ومَن تركَ شيئًا من الطواف ولو يسيرًا من شوطٍ مِن السبعة: لم يصح؛ لأنه ﷺ طافَ كامِلًا، وقال: «خذوا عني مناسكَكُم») أخرجه مسلم (1297).

هذا شروع في بيان ما يفسد الطواف لفوات شرط من شروط صحته، وقد ذكر في ذلك عدة أمور.

وأول ما ذكره من ذلك ترك شيء من الطواف، وإن قل ولو خطوة واحدة، فإنه لا يصح طوافه لأنه لم يطف بجميع البيت وهذا خلاف ما أمر الله تعالى به في قوله: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ[الحج: 29] يقتضي الطواف بجميع البيت، ولأن النبي –صلى الله عليه وسلم-طاف السبعة الأشواط كاملًا، وعليه فإنه إذا انتقص شيئًا من الطواف لم يكن قد طاف كما أمره الله تعالى، ويلزمه حينئذ قضاء هذا الشرط أو تدارك النقص إذا أمكنه ذلك.

قوله –رحمه الله-: (أو لم ينوه).

أي إن الطواف من غير نية لا يصح.

قوله –رحمه الله-: (أو لم ينوه).

هذا ثاني ما ذكره المؤلف –رحمه الله-مما يفسد به الطواف، وهو أن يطوف من غير نية، فالطواف من غير نية لا يصح، وذلك أن الطواف يشبه الصلاة، وذلك لعموم الحديث الذي ذكر المؤلف –رحمه الله-وذلك لعموم الحديث الذي ذكره الشارح –رحمه الله- وهو حديث «إنما الأعمال بالنيات» وأخرجه: البخاري (1)، ومسلم (1907).فإن الطواف داخل في جملة الأعمال التي لا تصح إلا بنية، إنما الأعمال بالنيات، ولأن الطواف بالبيت صلاة، فإن الطواف داخل في جملة الأعمال، فالطواف بالبيت صلاة كما جاء في حديث ابن عباس وأخرجه الترمذي (960)، والنسائي (2922) , إلا أنه أبيح فيه الكلام.

قوله –رحمه الله-: (أو لم ينو نُسُكَه بأن أحرمَ مُطلقًا). إلى آخره.

 أي: إن مما يفسد الطواف أن يطوف قبل تعيين نسكه إذا كان أحرم إحرامًا مطلقًا دون تعيين نسك من الأنساك، فلا يصح حينئذ طوافه قبل تعيين نسكه من حج أو عمرة، هذا ثالث ما ذكره المؤلف –رحمه الله-مما يفسد به الطواف، وذلك لأنه إذا لم ينوي نسك معينًا فإن طوافه وجد لا في حج ولا في عمرة.

قوله –رحمه الله-: (أو طافَ على الشَّاذَرْوَانِ, بفتح الذال، وهو ما فضلَ عن جدارِ الكعبةِ: لم يصحَّ طوافُه؛ لأنَّه من البيت، فإذا لم يطُفْ به، لم يطُفْ بالبيتِ جميعِه. أو طافَ على جِدارِ الحِجْرِ بكسر الحاء المهملة: لم يصح طوافُه؛ لأنه ﷺ طافَ من وراءِ الحِجْرِ والشاذَرْوانِ، وقال: «خذوا عني مناسكَكم») أخرجه مسلم (1297).

أي: إن الطواف على الشاذروان لا يصح، وكذلك الطواف على جدار الحجر، وهذا رابع ما ذكر المؤلف –رحمه الله-مما يفسد به الطواف.

والشاذروان هو القدر الذي ترك خارجًا عن عرض الحجر مرتفعا عن وجه الأرض قدر ثلثي طواف، ووجه عدم صحة الطواف أنه لا يتحقق به الطواف المأمور به في قوله تعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج: 29] فإن الأمر يقتضي الطواف بجميع البيت كما تقدم، ولمخالفه طواف النبي –صلى الله عليه وسلم-إذ إنه لم يطف على الشاذروان ولا على جدار الحجر.

وقد خالف شيخ الإسلام ابن تيمية فقال الشاذروان ليس من البيت، بل جعل عمادًا للبيت.

وقال: ولو وضع يده على الشاذروان الذي يربط فيه أستار الكعبة، لم يضره ذلك في أصح قولي العلماء، فعلى قول شيخ الإسلام يصح طواف من طاف على الشاذروان؛ لأنه ليس من البيت بل هو عماد له.

قوله –رحمه الله-: (أو طافَ وهو عُرْيانٌ، أو نَجِسٌ, أو مُحدِثٌ, لم يصح طوافُه؛ لقوله عليه السلام: «الطوافُ بالبيتِ صلاةٌ، إلَّا أنكم تتكلَّمونَ فيه». رواه الترمذي، والأثرمُ عن ابن عباس). أخرجه الترمذي (960)، وابن خزيمة (2739)، وابن حبان (988). وصححه الألباني في الإرواء (121). أي: إن الطواف عريانا أو بنجاسة في ثوب أو بدن، أو وهو محدث لا يصح هذا ثالث ما ذكر المؤلف –رحمه الله-مما يفسد به الطواف.

أما عدم صحة الطواف عريانًا فلقول الله تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا[الأعراف: 26]، وكذلك لما في الصحيح من أن النبي –صلى الله عليه وسلم-أمر: «أن ينادي في الناس أن لا يحج بعد العام مشرك ـ يعني العام التاسع ـ ولا يطوف بالبيت عريان»أخرجه البخاري (369)؛ ومسلم (1347) عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ، ولأن الطواف عبادة متعلقة بالبيت، فكان استتاره فيها شرطا كالصلاة.

وأما عدم صحة الطواف دون الطهارة من النجس والحدث بأن كان الطائف حامل النجاسة أو ملاقيها في بدنه أو ثيابه أو مطافه أو كان محدثا، فلأن الطواف عبادة متعلقة بالبيت، فكانت الطهارة من النجاسة فيها شرطا كالصلاة، ويؤيده ما ذكره الشارح من قول النبي –صلى الله عليه وسلم-الطواف بالبيت صلاة إلا أنكم تتكلمون فيه.

وعن أحمد رواية أنه لو طاف من غير طهارة من النجس أو الحدث، فإنه يجزئه ويجبر بدم، وعنه رواية وكذا الحائض وهو ظاهر كلام القاضي واختاره شيخ الإسلام تقي الدين وقال: لا دم أي لا يجب في ذلك الدم للضرورة، وقال: لا دم أي: لا يجب عليها دم.

قوله –رحمه الله-: (ويُسنُّ فعلُ باقي المناسِكِ كلِّها على طهارةٍ).

أي: إنه يستحب له أن يشهد المناسك كلها على وضوء كان عطاء يقول: لا يقضي شيئًا من المناسك إلا على وضوء.

  

 وقوله –رحمه الله-: (وإن طاف المحرمُ لابِسَ مخيطٍ: صحَّ، وفَدَى).

أي: إن طاف محرم فيما لا يحل لمحرم لبسه كذكر في مخيط أو مطيب، فإن طوافه يصح لعود النهي لخارج, ويفدي لفعل المحظور.

  

قوله –رحمه الله-: (ثم إذا تمَّ طوافُه: يُصلِّي ركعتَين نفلًا، يقرأُ فيهما بـ«الكافرين»، و«الإخلاص» بعد «الفاتحة». وتجزئُ مكتوبةٌ). إلى آخر ما ذكر المؤلف –رحمه الله-.

أي: مما يستحب للطائف إذا فرغ من طوافه صلاة ركعتين؛ لأن النبي –صلى الله عليه وسلم-صلاهما خلف المقام وقرأ فيهما قل يا أيها الكافرون، وفي الأولى وقل هو الله أحد في الثانية، فقد روى جابر في صفة حج النبي –صلى الله عليه وسلم-قال: حتى آتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا ثم نفذ إلى مقام إبراهيم فقرأ ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى[البقرة: 125] فجعل المقام بينه وبين البيت..وصلى خلف المقام ركعتين قرأ فيهما قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد. رواه مسلم أخرجه مسلم(1218).

ويجزئ عن الركعتين المشروعتين بعد الطواف صلاة المكتوبة؛ لأنهما ركعتان شرعتان للنسك فأجزأت المكتوبة كركعتي الطواف وتحية المسجد, وحيثما صلاهما جاز؛ لأن عمر رضي الله تعالى عنه ركعهما بذي طوى أخرجه البخاري في صحيحه (1478) . ومهما قرأ فيهما جاز؛ فإنه لا يجب في الفريضة غير الفاتحة، فلأن لا تجب في ركعتي الطواف غير الفاتحة من باب أولى، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

لعلنا نقف على هذا, والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد. 

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق