مناسك الحج من الروض المربع

من 2024-06-01 وحتى 2030-06-17
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 86

التاريخ : 2024-06-09 05:36:20


 الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد.

مباحث الهدي واضحة، لذلك نجمل في عرضها.

(الهديُ: ما يُهدَى للحرَمِ، من نَعَمٍ وغيرِها. سُمِّيَ بذلك؛ لأنَّه يُهدَى إلى اللَّه سُبحانَه وتعالى).

أي يتقرب به إليه، لكن الهدي لا يسمى هديا في الغالب، إلا إذا قصد به التقرب.

أما ما جلب من غير قصد التقرب، فإنه لا يسمى هديا كالمذبوح للحم، أو لغير ذلك من مقاصد في الحرم، فالهدي يطلق على ما ذبح تقربا إلى الله –عز وجل-في الحرم، سواء كان اشتراه من الحرم، أو كان ذلك قد جلب من خارج الحرم ليذبح فيه.

والأضحية جمع ضحية وهي ما يتقرب به إلى الله تعالى في يوم النحر، وأيام التشريق.

  

كلاهما مشروع بالاتفاق, وهما من شعائر الله التي يتقرب إلى الله تعالى بها.

 وهي من بهيمة الأنعام، وبهيمة الأنعام ثلاثة أصناف الإبل والبقر والغنم، وأفضلها الإبل، ثم البقر، ثم الغنم، وذلك حسب ما يكون من علو أثمانها وكبير نفعها، فالفضيلة تتعلق بهذين الأمرين، كلما كانت نفيسة غالية، ونفعها كثير كانت أعلى عند الله –عز وجل-وأكثر ثوابًا.

ولذلك لما سأل أبو ذر رضي الله تعالى عنه النبي –صلى الله عليه وسلم-عن الرقاب أيها أفضل قال: «أغلاها ثمنًا، وأنفسها عند أهلها ...» أخرجه البخاري (2518)، ومسلم (84)، بهذا أجاب النبي –صلى الله عليه وسلم-أبا ذر عندما سأله عن أفضل الرقاب، وهذا يشمل الرقاب التي تعتق، والتي يتقرب إلى الله تعالى بذبحها، وغلاء الثمن في الغالب مرتبط بطيب المثمن وذكره أنفسها عند أهلها، لأن النفيس عند أهله تتعلق به النفوس، ولا يبذل إلا بمراغمة للنفس.

 التفضيل من حيث الجنس:

 وقوله –رحمه الله-: (أفضلها: إبل، ثم بقر)، (ثم غنم). ما لم يكن هناك تفضيل لأمر عارض، هذا التفضيل من حيث الجنس جنس الإبل، أفضل من جنس البقر، أفضل من جنس الغنم، لكن قد يكون من أفراد الغنم ما هو أفضل من الإبل، أو ما هو أفضل من البقر، والمنظور في ذلك إلى الثمن، وإلى رغبة الناس وما يحصل به من نفع.

التفضيل في الجنس:

قوله: (وأفضلُ كلِّ جنسٍ أسمَنُ، فأغلَى).

هذا تفضيل في الجنس نفسه أسمن وأغلى لحصول النفع به والذي ذكرنا السمن والنفع؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ[الحج: 32].

التفضيل في اللون:

ثم ذكر ما يتعلق بفضيلة اللون، فضيلة لا تتعلق بالسمن ولا الثمن، وهو ما يتعلق بالصورة والشكل.

قال: (فأشهَبُ، وهو الأملَحُ، أي: الأبيضُ، أو ما بَيَاضُهُ أكثَرُ من سوادِه. فأصفَرُ، فأسوَدُ).

وهذا ليس عليه دليل صريح في التفضيل من جهة اللون إلا ما جاء في أحاديث فيها ضعف من حيث ثبوت إسنادها، وهذه الأحاديث ربطت طيب اللحم باللون، ففي حديث مرفوع: « دم عرفاء أزكى عند الله من دم سوداوين» وهو في المسندح(9404)، لكن هذه الأحاديث من حيث النظر إلى أسانديها لا تخلو من مقال، فلا يثبت بها حكم، فالذي يظهر أن اللون مرتبط بالنفاسة عند أصحاب الإبل، وأصحاب البقر، وأصحاب الغنم، فما كان لونه مرغوبًا ويطلب ويغلى ثمنه لأجل لونه، فتكون الفضيلة مرتبطة بذلك.

أما أن هذا يؤثر على اللحم، فلا أعلم لذلك أصلا يمكن أن يستند إليه، وغاية ما يمكن أن يتعلق به المستدلون للون بما جاء في حديث عائشة «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بكبش أقرن يطأ في سواد, ويبرك في سواد, وَيَنْظُرُ فِي سواد...» الحديثأخرجه مسلم (1967).

الشاهد في قوله: «وينظر في سواد»، فأتي به ليضحي به، وينظر في سواد يعني في رأسه سواد أن ظرف في الرأس، فقوله: «وينظر في سواد» يتعلق بالعينين، هذا غاية ما يمكن أن يستدل به فيما يتصل باللون وطلب أن تكون أضحية على لون مفضل يفضل هذا على غيره.

  

وقوله –رحمه الله-: (ولا يجزئ فيها إلا جذع ضأن) أي ما له ستة أشهر، كما يأتي.

(وثني سواه) يعني من سائر النعم. (من إبِلٍ، وبقرٍ، ومَعْزٍ) أي: سوى الضأن، من إبل، وبقر، ومعز, فالإبل (السن المعتبر لإجزاء إبل: خمس سنين، ولبقر: سنتان. ولمعز: سنة، ولضأن: نصفها أي: نصف سنة؛ لحديث: «الجذَعُ من الضَّأنِ أُضحيَةٌ» أخرجه ابن ماجه (3139) من حديث أم بلال بنت هلال، عن أبيها. وهو عند أحمد 44/633 (27033). وضعفه الألباني في الضعيفة (65)).

والعلة في هذا أنه لا يكون قد اكتمل المطلوب من هذه الأنعام، إلا باكتمال هذا القدر من العمر، فلذلك حددت بالثني، وقد جاء عن النبي –صلى الله عليه وسلم-أنه قال: «لا تذبحوا إلا مُسِنَّة» أخرجه مسلم (1963).

والمسنة هي الثنية من كل النعم إلا ما استثني في الضأن، حيث يجزئ ما له ستة أشهر خلافًا لسائر الأنعام.

قال –رحمه الله-: (وتجزئُ الشاةُ: عن واحدٍ وأهلِ بيتِه وعيالِه؛ لحديث أبي أيوبَ: كانَ الرَّجلُ في عهدِ رسولِ اللَّه ﷺ يُضحِّي بالشاةِ عنه، وعن أهلِ بيتِه، فيأكُلون ويُطعِمُون)أخرجه الترمذي (1505) وصححه الألباني، وقد فعل ذلك النبي –صلى الله عليه وسلم-فإنه ضحى عن نفسه وعن أهل بيته بشاة.

 قال: (وتجزئ البدنة والبقرة: عن سبعة).

 أي: عن سبعة أشخاص متفرقين، أما أهل البيت فإنه يجزئ عنهم شاة أو سبع بدنة ولو تعددوا وكثروا.

قال –رحمه الله-: (لقول جابر: أمَرَنا رسولُ اللَّه ﷺ أنْ نشتَرِكَ في الإبلِ والبَقَرِ، كلُّ سبعَةٍ في واحدٍ منهُما. رواه مسلم أخرجه مسلم (1213/138، 1318/351), وشاة: أفضل من سبع بدنة أو بقرة)؛ لأنه يحصل التقرب بين هذا الدم.

  

ثم بعد ذلك ذكر جملة من العيوب المانعة من الإجزاء في الهدي والأضحية.

قال: (ولا تجزئ: العوراء).

 أي لا يحصل بها المطلوب في الهدي والأضحية، والعوراء قال: (بينة العور)؛ يعني التي ظهر عورها وذلك (بأن انخسفت عينها)، سواء في الهدي ولا الأضحية. ولا العمياء من باب أولى ولا العجفاء: الهزيلة التي لا مخ فيها ولا العرجاء: التي لا تطيق مشيًا مع الصحيحة ولا الهتماء: التي ذهبت ثناياها لأنها لن يكون طعامها على النحو المطلوب ولا الجداء أي: ما شاب ونشف ضرعها ولا المريضة: بينة المرض؛ وأصل العيوب التي تمنع الإجزاء حديث البراء بن عازب: ولذلك قال: لحديث البراء بن عازب قال: قام فينا رسول الله –صلى الله عليه وسلم-فقال: «أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ظلعها، والعجفاء التي لا تنقي» أخرجه أبو داود (2802)، والنسائي (4371). وصححه الألباني في الإرواء (1148). يعني التي ليست في عضمها مخ من هزالها.

وهذا القسم الأول من العيوب في الهدي والأضحية، وهي العيوب التي تمنع الإجزاء، والدليل هذا الحديث الذي قال فيه لا تجوز في الأضاحي يعني لا تصلح، ولا تقبل، ولا تنفذ، ويلحق بها ما هو نظيرها في الأثر أو أشد منها.

قال: (ولا العضباء: التي ذهب أكثر أذنها أو قرنها).

والعلة في عدم إجزاء العضباء النقص الظاهر، وإلا فإن ذلك لا يؤثر على طيب اللحم، وعلى طيب الأضحية، وإنما تأثيره في السورة حيث إن ذلك يعد عيبًا ينقص، وقد جاء النهي عن التضحية بالعضباء، فجاء عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه «أَنَّ النبي-صلى الله عليه وسلم-: نَهَى أَن يُضَحَّى بِعضْباء الأُذُنِ والقَرْن»أخرجه أبو داود(2805)، يعني مقطوعة الأذن، ومقطوعة القرن.

وذهب طائفة من أهل العلم إلى أن العضبة في الأذن لا يمنع الإجزاء، لكنه مما ينهى عنه في الأضحية لا على وجه عدم الإجزاء، إنما لطلب الكمال في الأضحية والهدي، يدل لذلك ما جاء في النسائي وغيره من حديث علي قال: «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نَستشرِفَ العين والأذن » أخرجه أبو داود في سننه (2804), والترمذي في جامعه (1498) وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. ومعنى قول نستشرف أي نطلب شرف العين والأذن يعني سلامتها وعلوها، وهذا يفهم منه أن ذلك لا على وجه عدم الإجزاء، إنما على وجه طلب الكمال والسلامة من النقص، وهذا القول أقرب إلى الصواب، والدليل أن النبي حصر ما لا يجزئ حيث قال: «أربع لا تجزئ في الأضاحي» أخرجه ابن ماجه(3144)، وإن كان العدد لا مفهوم له، لكن قد يحتف به ما يدل على أنه مقصود ومراد، فحصر النبي –صلى الله عليه وسلم-ما لا يجزئ دليل على أن ما عدا ذلك مجزئ، وهذا مذهب الجمهور.

قوله –رحمه الله-: (بل تجزئ: البتراء: التي لا ذَنَبَ لها خِلْقَةً أو مقطوعًا. والصَّمعاءُ: وهي صغيرةُ الأُذُنِ, والجمَّاءُ: التي لم يُخلَق لها قَرنٌ, وخَصيٌّ غَيرُ مجبُوبٍ؛ بأن قُطِعَ خُصيتاه فقَط).

كل هذا مما يجزئ، والضابط في هذا أن كل ما كان من أصل الخلقة لا يؤثر على الصحة في بهيمة الأنعام البتراء التي مقطوعة الإلية من الخلقة والصمعاء صغيرة الأذن، كل ما كان من أصل الخلقة في هذا النوع من بهيمة الأنعام لا يؤثر في عدم الإجزاء.

وكذلك ما كان لا أثر له على نقص البهيمة كالخصي فإنه يطيب به اللحم، ولا ينقص البهيمة، فلذلك يجزئ ولا يؤثر على الإجزاء، ولا يطلب السلامة منه.

قال: (ويجزئ مع الكراهة: ما بأذنه أو قرنه خرق، أو شق، أو قطع أقل من النصف أو النصف فقط، على ما نص عليه في رواية حنبل وغيره. قال في "شرح المنتهى" هذا المذهب)؛ لحديث علي المتقدم «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نَستشرِفَ العين والأذن » أخرجه أبو داود في سننه (2804), والترمذي في جامعه (1498) وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

  

قال: (والسُّنةُ: نحرُ الإبلِ قائمةً، معقُولَةً يدُها اليُسرى، فيطعَنُها بالحَربَةِ).

هذه السنة، وكيفما حصل النحر وتيسر فإنه يجزئ ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل.

قال: (فيطعنها بالحربة أو نحوها في الوهدة التي بين أصل العتق والصدر الدليل على استحباب هذا لفعله عليه السلام، وفعل أصحابه، كما رواه أبو داود عن عبد الرحمن بن سابط أخرجه أبو داود (1767). وصححه الألباني في «صحيح أبي داود» (1550)، والإرواء تحت حديث (1150).. والسُّنَّةُ: أن يُذبَحَ غيرُها, أي: غيرُ الإبلِ على جنبِها الأيسَرِ، موجَّهةً إلى القِبلة(.

أما على جنبها الأيسر فلعل ذلك لكونه أيسر وأسهل في الذبح، والنبي –صلى الله عليه وسلم-قال: «إذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة» أخرجه مسلم (1955) ، وأما كونها موجهة إلى القبلة، فلا دليل على استحباب هذا.

ولذلك يذبح إلى أي جهة تيسر له، وأما الاستدلال بأن سيد المجالس ما استقبل به البيت، فهذا في الجلوس وليس في الذبح، الذبح ليس جلوسا، فلا دلالة فيه على استحباب استقبال القبلة في الذبح.

ولذلك قال المؤلف حتى يبين الجواز قال: (ويجوز: عكسها) في كل ما تقدم من الصور فيما يظهر والله تعالى أعلم أن ينحر أي: ذبح ما ينحر، ونحر ما يذبح؛ لأنه لم يتجاوز محل الذبح، ولحديث: «ما أنهر الدم، وذكر اسم الله عليه فكل» أخرجه البخاري (3075، 5498)، ومسلم (1968) من حديث رافع بن خديج.

ويقول حين يحرك يده بالنحر أو الذبح: بسم الله وجوبًا والله أكبر استحبابًا، اللهم هذا منك ولك، ولا بأس بقوله: اللهم تقبل من فلان إن كان يذبح عن فلان، ويذبح واجبا قبل نفل؛ لأنه أحب إلى الله تعالى، فإنه قد قال النبي –صلى الله عليه وسلم-فيما رواه النبي –صلى الله عليه وسلم-عن ربه: «مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ»أخرجه البخاري(6502).

وما ذكره من قول: (اللهم هذا منك ولك)، والتكبير, جاء في حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه أن النبي –صلى الله عليه وسلم-ذبح يوم العيد كبشين ثم قال حين وجههما: «وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين, لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين, بسم الله والله أكبر اللهم هذا منك ولك» أخرجه البخاري (5245) ومسلم (1967).قد ذكرت قبل قليل أنه لم يثبت دليل في استحباب استقبال القبلة عند الذبح، إلا ما جاء في بعض ألفاظ الحديث ذكر الطحاوي في بيانه لقوله حين وجههما قال: يدل على أنه وجههما إلى القبلة ليست جهة أخرى تقصد بالتوجيه إليها غيرها.

وقد روي في بعض ألفاظ حديث جابر أنه قال ذلك حين وجههما إلى القبلة، وقد روي استحباب ذلك عن علي وابن عباس وابن عمر.

قال الشعبي: كانوا يستحبون أن يستقبلوا بذبيحة القبلة.

 والذي يظهر والله تعالى أعلم أن هذا ليس فيه دلالة واضحة ظاهرة على استحباب التوجه إلى القبلة؛ لأن قوله حين وجههما أي إلى الجهات التي يذبح إليها قد لا يكون تقربا لكن قد يكون ذلك على وجه الأيسر والأطيب والأطهر والأنظف.

فقوله: حين وجههما دلالته ليست بظاهرة على أنه وجهها إلى القبلة، وإنما هو شيء محتمل لكن من رأى استحباب توجيه الذبيحة إلى القبلة يستمسك بهذا الحديث وما جاء عن بعض الصحابة رضي الله تعالى عنهم, والأمر في هذا واسع، لكن من يظن أنه لا يؤكل إلا ما وجه للقبلة هذا يقال له لا دليل على ذلك، فالصحيح أن ذلك غير واجب، ودلالة السنية فيه محتملة، ولم يقم دليل صريح لا على الوجوب، ولا على الاستحباب.

قوله –رحمه الله-: (ويجوز عكسها أي: ذبح ما ينحر). عكسها يعود الضمير إلى صفة الذبح كما ذكر الشارح.

قال: (ويقول حين يحرك يديه هذا قرأنها بسم الله وجوبا والله أكبر استحبابا)؛ لما ذكر جابر رضي الله عنه.

قال: (ويتولاها صاحبها هذه السنة إن قدر أو يوكل مسلما ويشهدها أي: يحضر ذبحها إن وكل فيه).

 وقد فعل النبي –صلى الله عليه وسلم-ذلك في هديه، فإنه تولى ذبح ما تيسر الله من هديه، فنحر ثلاث وستين ووكل علي بنحر ما غبر ما بقي من هديهأخرجه مسلم في صحيحه (1218)، وقد كان أهدى مائة من الإبل صلوات الله وسلامه عليه، وأما الأضحية فالمحفوظ أنه كان يضحي بنفسه –صلى الله عليه وسلم-.

قال: (وإن استنابَ ذميًّا في ذبحِها: أجزأت معَ الكراهة)؛ لأنها قربى وعبادة.

أول وقت الذبح

قال: (ووقتُ الذَّبحِ لأُضحيةٍ، وهَدي نَذرٍ أو تطوُّعٍ، أو مُتعَةٍ أو قِرانٍ: بعدَ صلاةِ العيد بالبلدِ. فإن تَعدَّدت فيه) أي تعدد إقامة صلاة العيد في البلد، (فبأسبق صلاة. فإن فاتت الصلاة بالزوال، ذبح) بأن لم تقم الصلاة في البلد، (وإن كان بمحل لا تصلي به العيد، كبلاد الكفار فالوقت: بعد قدره أي: قدر زمن صلاة العيد).

وهو بعد ارتفاع الشمس قيد رمح بمقدار ما تنقضي الصلاة يعني ما يقارب النصف ساعة بعد شروق الشمس.

آخر وقت الذبح

(ويستمر وقت الذبح إلى آخر يومين بعد أي يوم العيد. قال أحمد: أيام النحر ثلاثة عن غير واحد من أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم-) فجعل أيام النحر ثلاثة أيام؛ يوم النحر، ويومين بعده يوم الحادي عشر، ويوم الثاني عشر، والعلة في ذلك ما جاء عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم، هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب، فيكون آخر أيام الذبح آخر اليوم الثاني من أيام التشريق بغروب شمس يوم الثاني عشر.

وروي عن غير واحد من الصحابة أن آخر أيام التشريق هو آخر أيام الذبح، يعني كل أيام التشريق أيام ذبح وهذا مذهب الشافعي، وقول الحسن وعطاء، ورووا في ذلك حديث عن جبير بن مطعم أن النبي –صلى الله عليه وسلم-قال: «مِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ» : أخرجه أبو داود (1937)، وابن ماجه (3048) ، والذي يظهر أن هذا القول أقرب إلى الصواب.

والعلة في ذلك أن النبي –صلى الله عليه وسلم-جعل أيام التشريق على حالة واحدة فقال: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله ـ عزّ وجل ـ»أخرجه مسلم (1141)، والذين قالوا أنها ثلاثة أيام استدلوا لذلك بأنه نهي عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاثأخرجه البخاري(5423) من حديث أمنا عَائِشَة .

ومعنى هذا أنه ينتهي لثالث يوم بعد يوم النحر، يوم النحر ويومين بعد، لأن النبي –صلى الله عليه وسلم-نهى عن لحوم الأضاحي فوق ثلاثأخرجه البخاري(5423) من حديث أمنا عَائِشَة ، لكن هذا يقال فيه أن الجهة منفكة لا دليل فيه، لأنه لا ارتباط بين النهي عن ادخار لحوم الإبل، وبين أيام الإجزاء.

فالصواب أنه يكون في أيام التشريق كلها هذا الأقرب إلى الصواب.

قوله –رحمه الله-: (ويكره: الذبح في ليلتهما أي: ليلتي اليومين بعد يوم العيد، خروجا من خلاف من قال بعدم الإجزاء فيهما).

فاستدل الكراهة بالخروج من الخلاف، وبعضهم احتج للكراهة بأن الإمام أحمد ذكر النحر في يومين في مسائل إسحاق قلت يذبح في الأيام بالليل فأجيب إنما قيل يومان بعد يوم النحر، لم يقل بالليل، لكن هذا لا يدل على عدم الإجزاء، وإحدى الروايتان للإمام أحمد أنه لا يجزئ في أيام التشريق، وأن الذبح لا يجزئ إلا نهارا، واستدلوا لذلك بقول الله تعالى: ﴿وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ[الحج: 28] هذه الآية لا تدل على أنه لا يجزئ في الليل؛ لأن ليالي الأيام المعلومات تابعة لأيامها، فلا دلالة في الآية على عدم الإجزاء، وقد قيل أنه نهى النبي –صلى الله عليه وسلم-عن الذبح في الليل، لكن لم يثبت ذلك، فالصواب أنه يجوز ليلا ونهارا ويجزئ ذلك.

قوله –رحمه الله-: (فإن فات وقت الذبح: قضى واجبه) يعني انقضت الأيام التي يشرع فيها الذبح الهدي والأضحية (قضى واجبه) يعني ما كان لازما كهدي المتعة والقران والهدي المنذور، وكذلك الأضحية المنذورة والمتعينة (وفعل به كالأداء، وسقط التطوع لفوات وقته).

قال: (ووقتُ ذَبحِ واجبٍ بفعلِ محظورٍ: مِن حِينِه)، يعني إذا كان قد فعل محظورا, فوقت الذبح من حين فعل المحظور (فإن أراد فعله لعذر، فله ذبحه قبله) فيجوز تقديمه.

(وكذا: ما وجب لترك واجب، وقته: من حينه).

والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد. 

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق