بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد.
يقول المصنف –رحمه الله-: وإن أخذت منه قهرًا.
أي إن أخذت الزكاة من الممتنع قهرًا أي من غير اختيار أجزأت ظاهرًا.
والمقصود بالمأخوذ منه هنا هو من منعها بخلًا، فإنها تجزئ عن ذلك الشخص ظاهرًا بمعنى أنه لا يطالب بها مرة أخرى في ذلك العام هذا هو المذهب، لأنها تؤخذ من الممتنع فلو لم تجزئ عنه لما أخذت منه.
لكن قوله –رحمه الله-: ظاهرًا يشير إلى أن الباطن يختلف، ولهذا اختلفوا في إجزائها في الباطن هل تجزئه في الباطن؟
وفيه ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: أنها تجزئه مطلقًا يعني ظاهرًا وباطنًا، وهذا قول القاضي وجماعة لأن للإمام ولاية عامة ولذلك يأخذها من الممتنع فأشبه ولي الصبي والمجنون الإمام في هذه الصورة كولي الصبي والمجنون، ولأن أخذه يجري مجرى القسم بين الشركاء هذا الوجه الأول وتعليله.
الوجه الثاني: لا تجزئه مطلقًا يعني لا ظاهرًا ولا باطنًا هذا فيما يظهر، وبه قال أبو الخطاب وابن عقيل وغيره، وعللوا ذلك بأن الزكاة عبادة، فلا تجزئ بغير نية من وجبت عليه كالصلاة.
والثالث من الأوجه: يجتزئ بنية الإمام إن أخذها قهرًا لأن له ولاية على الممتنع، فقامت نيته مقام نيته كالصبي والمجنون هذا إن أخذت منه قهرًا، لكن إن أخذت منه طوعًا لا يجتزئ بنيته إذا أخذها طوعًا لعدم ولايته وهذا اختيار الخرقي رحمه الله هذا ما يتعلق بقوله أجزأت ظاهرًا وما يفهم منه أنه لا يجزئ في الباطن فيه هذه الأوجه الثلاثة.
وأما إذا لم ينويها ربها ولا الإمام بمعنى الإمام أخذها لكن دون نية، فإنها لا تجزئه على الصحيح من المذهب، وعليها جماهير الأصحاب.
وقال القاضي في موضع من كلامه لا يحتاج الإمام إلى نية منه ولا من رب المال بمعنى أنها تجزئ ولو لم ينوي، فعلى المذهب إذا أخذها الإمام دون نية فإنها تقع نفلا عنه وتطالب بها، هذا ما يتعلق بقوله رحمه الله إن أخذت منه قهرًا أجزأت.
أما قوله: وإن تعذر وصول المالك لحبس أو نحوه فأخذ الإمام أو نائبه أجزأت ظاهرًا وباطنًا، فهذا هو القسم الثاني من أقسام أخذ الإمام هو فيما إذا أخذها بسبب الامتناع، إنما أخذها لموجب آخر إذا أخذها لموجب آخر، وهو كون المالك قد تعذر عليه الوصول إلى ماله، فإنه في هذه الحال تجزئ عنه ظاهرًا وباطنًا، والذي يفهم من كلام المؤلف أنه في الحال الأولى لا تجزئ عنه باطنًا، إنما تجزئ ظاهرًا فقط، ولذلك نص وهنا نص على الإجزاء ظاهرًا وباطنًا.
قوله –رحمه الله-: والأفضل أن يفرقها بنفسه أي أنه يستحب لصاحب المال أن يلي تفرقة زكاة ماله بنفسه، والأصل فيه قول الله تعالى: ﴿إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ﴾ [البقرة: 271] وإبدائها هو إظهارها، وليكون على يقين من أنه وضع الزكاة موضعها بإيصالها إلى أهلها هذا هو المذهب وعليه أكثر الأصحاب، وهو من المفردات ولا فرق في هذا بين الأموال الظاهرة أو الباطنة لعموم الآية في قوله تعالى: ﴿إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ﴾ [البقرة: 271] فهو يشمل المال الظاهر والمال الباطن، واشترط بعض الأصحاب لجواز أن يتولى رب المال إخراج زكاة ماله بنفسه أن يكون رب المال أمينًا.
ولذلك قال في الفروع قال بعضهم مع أمانته أي اشترط الأمانة، وأما من لم يذكر ذلك فهو مراد غيره كما قال صاحب الفروع أي من حيث الجملة وقد نص عليه الإمام أحمد رحمه الله، فيشترط لتولي رب المال تفريق زكاته بنفسه أن يكون أمينًا، وأن يثق بنفسه ألا يحيف فإن لم يثق بنفسه فالأفضل له دفعها إلى من يثق به، فيخرجها بالوكالة عنه لأنه ربما منعه الشح من إخراجها أو بعضها أو النقص فيها، وكذلك إن خاف من نفسه الرياء والعجب والعلو، فإنها يدفعها إلى أمين يخرجها عنه.
قال الإمام أحمد –رحمه الله- أعجب إلي أن يخرجها يعني بنفسه وإن دفع إلى السلطان فهو جائز.
وقيل: يجب دفعها إلى الإمام إذا طلبها وفاقًا للأئمة الثلاثة.
وقيل: دفعها إلى إمام عادل أفضل للخروج من الخلاف، ولزوال التهمة وهذا موافق لما ذهب إليه الشافعي، ولأن الإمام أعلم بالمصارف والدفع إليه أبعد عن التهمة ويبرأ به ظاهرًا وباطنًا، فدفعها إلى الإمام أفضل لما ذكروا من العلل أنه الخروج من الخلاف حيث ذهب جماعة من أهل العلم إلى وجوب دفعها إلى الإمام، وهو أبعد عن التهمة أيضًا، وأنه تحصل بها البراءة ظاهرًا وباطنًا.
وعن الإمام أحمد أن الأفضل في الأموال الظاهرة دفعها للإمام، يعني التفريق بين المال الظاهر والباطن، وقيل: يجب دفع زكاة المال الظاهر إلى الإمام، ولا يجزئ دونه.
وعن الإمام أحمد رواية أنه يستحب أن يدفع إلى الإمام العشر، ويتولى هو تفريق الباقي، وذلك أن العلماء اختلفوا في العشر هل هو زكاة أو غيرها، وغير الزكاة لا يتولاها الإمام ونائبه، ففي دفع العشر إلى الساعي خروج من الخلاف المذكور بخلاف غيره، والمقصود بالعشر المعشرات فيما يظهر والله أعلم، وليس عشر ما يجب عليه، فيستحب أن يدفع إليه ما وجب فيه العشر.
وعنه –رحمه الله-رواية دفع الفطرة إليه أفضل من أن يفرقها بنفسه، أما إذا طلبها الإمام فإنه يجب دفعها إليه وفاقًا للأئمة الثلاثة.
مسألة على القول بدفعها إلى الإمام إما تفضيلًا أو إيجابًا، فإن عدالة الإمام ليست شرطًا لجواز دفع الزكاة إليه، فيجوز دفع الزكاة إلى الإمام الفاسق على الصحيح من المذهب.
وقال القاضي في الأحكام السلطانية يحرم عليه دفعها إن وضعها في غير أهلها.
قال: ويجب كتمها إذن عنه، واختاره في الحاوي.
قال في الإنصاف: وهو الصواب.
قوله –رحمه الله-: وله دفعها إلى الساعي أي أنه يجوز لرب المال دفع زكاة ماله إلى الساعي، والساعي هو العامل المصدق الذي يوليه الإمام لجباية الزكاة، فهو نائب عن الإمام في أخذ الزكاة والأصل في دفعها إلى الزكاة ما جاء في حديث أبي بكر رضي الله تعالى عنه وغيره، ومنه ما روى صهيب بن أبي صالح عن أبيه قال أتيت سعد بن أبي وقاص فقلت: عندي مال وأريد إخراج زكاته، وهؤلاء اليوم على ما ترى يشير به إلى ولاة زمانه، فما تأمرني؟
يعني هل أعطيهم إياها أو اتصرف بها؟
قال: ادفعها إليهم فأتيت ابن عمر وأبا هريرة وأبا سعيد فقالوا مثل ذلك أي الجميع قال مثل ذلك أن يدفعهم إليهم ولأن الإمام ولو كان فاسقًا نائب عن مستحقيها، فجاز الدفع إليه كولي اليتيم.
قوله –رحمه الله-: ويسن إظهارها أي إن مما يسن في إخراج الزكاة إظهار إخراجها مطلقًا سواء كانت في الأموال الظاهرة أو الباطنة، لتنتفي عنه التهمة وليقتضي به، هذا التعليل وقيل: لا يستحب وقيل: إنما يستحب إذا منعها أهل بلده وإلا فلا.
وقيل: إنما يستحب إذا كان في ذلك نفي ظن سوء به، وإلا فلا ويشكل على استحباب إظهارها ما جاء من أفضلية صدقة السر كقوله تعالى: ﴿إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقرة: 271] وأجابوا عن ذلك بأن الآية محمولة على صدقة التطوع، وكذا سائر النصوص الواردة في فضيلة صدقة السر إنما هو في صدقة التطوع.
وقيل: بل هذا في دفع الزكاة للفقير ونحوه، فإن الله تعالى أخبر في الآية ﴿إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ﴾ [البقرة: 271] فقال الإخفاء في الزكاة أفضل إذا كانت تعطى لفقير ونحوه.
أما إذا كانت تعطى لغير الفقراء كتجهيز الجيوش في سبيل الله، ونحو ذلك فإنها لا تخفى في هذه الحال، فالإخفاء إنما فيما إذا أوتيت الفقراء لأن في إخفاءها من الفوائد ما يراعى فيه الستر عليهم، عدم تخجيلهم، فيه وقايتهم من أن يروا أن أيديهم هي السفلى وما أشبه ذلك من الأسباب.
وفيه أيضًا بالنظر إلى الباذل وقايته من الرياء وطلب المحمدة من الناس، فكان إخفائها للفقير خيرًا من إظهارها بين الناس في صدقة السر أو في الزكاة وهذا القول جيد، فيستحب إظهارها فيما إذا كان إظهارها نافعًا، وترتب عليه مصلحة.
أما إذا كان الإظهار والإخفاء سواء، فالقاعدة أنه إذا استوى الإظهار والإخفاء في العبادات، فالإخفاء أولى لأنه أقرب إلى الإخلاص، وأبعد عن شائبة الرياء وما يمكن أن يتطرق إلى النفس من مفسدات العمل.
قوله –رحمه الله-: وأن يقول عند دفعها هو أو مؤديها وأخذها ما ورد، فيقول دافعها: اللهم اجعلها مغنمًا ولا تجعلها مغرمًا أي إن مما يستنفى إخراج الزكاة أن يقول باذل الزكاة وأخذها ما ورد أي في السنة، فيسن لرب المال الباذل للزكاة أن يقول عند دفعها اللهم اجعلها مغنمًا ولا تجعلها مغرمًا.
والأصل فيه ما روى أبو هريرة مرفوعًا أن النبي ﷺ قال: «إِذَا أَعْطَيْتُمُ الزَّكَاةَ فَلَا تَنْسَوْا ثَوَابَهَا أَنْ تَقُولُوا: اللَّهُمَّ؛ اجْعَلْهَا مَغْنَمًا وَلَا تَجْعَلْهَا مَغْرَمًا»سنن ابن ماجة(1797)، قال البيهقي: فيه ضعف. الدعوات الكبير(553) رواه ابن ماجه إلا إن إسناده ضعيف.
ومعنى مغنمًا أي: مثمرة، ومعنى مغرمًا أي: منقصة، وزاد بعضهم ويحمد الله على توفيقه لأدائها، ويسن لأخذ الزكاة أن يقول لباذلها أجرك الله فيما أعطيت، وبارك لك فيما أبقيت، وجعله لك طهورًا.
الوارد هو أصل مشروعية الدعاء للباذل، ولم يجئ ذلك نص بعينه، إلا ما ورد في حديث عبد الله بن أبي أوفى قال: كان النبي ﷺ إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: اللهم صلي على آل فلان فأتاه أبي بصدقته فقال: اللهم صلي على آل أبي أوفى، ويدل لمشروعية الدعاء للباذل قول الله تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ﴾ [التوبة: 103] أي: ادعو لهم والظاهر سنية قول الأخذ ما ورد سواء كان الأخذ الفقراء أو العامل أو غيرهما.
فالأخذ يشمل كل من تدفع إليه الزكاة سواء لنفعه الخاص أو لنفع غيره، فالنبي ﷺ كان يأخذ الصدقة وهي محرمة عليه، ولكن يدعو للباذل وهذا معنى ما ذكر الفقهاء رحمهم الله أنه يسن دعاء الأخذ للزكاة لباذلها سواء كان الأخذ من الفقراء أو من العاملين عليها أو غيرهم.
وقيل: الدعاء واجب أي يجب أن يدعو العامل إذا أخذ الزكاة لأمر الله عز وجل في قوله: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ﴾ [التوبة: 103].
قوله –رحمه الله-: وإن وكل مسلمًا ثقة جاز، وأجزأت نية موكل إلى آخره أي: إن مما يشترط في التوكيل في إخراج الزكاة أن يكون الوكيل ثقة نص عليه الإمام أحمد.
والمقصود بالثقة هنا هو من يقوم ببذل الزكاة على الوجه الذي أمره الله عز وجل دون بخس ولا نقص، وأن يكون مسلمًا وهذا على الصحيح من المذهب وحكى القاضي في التعليق وجهًا بجواز توكيل الذمي في إخراجها وجزم به المجد ونذروه باستنابة الذمي في ذبح الأضحية، ويشكل على هذا أن الذمي نيته خاربه لا تصلح من نية، لكن قالوا يجوز توكيل الذمي في إخراج الزكاة إذا نوى الموكل وكفت نيته، وإلا فلا وقد قواه في الإنصاف يشترط أيضًا في التوكيل في إخراج الزكاة أن يكون الوكيل مكلفًا سواء كان ذكرًا أو أنثى، وفي توكيل المميز في إخراجها خلاف ذكره بعض أهل العلم هل يصح أن يوكل المميز أو لا، ورجح في الإنصاف الصحة قال: الأولى الصحة لأنه أهل للعبادة.
أما ما يتعلق بنية الزكاة عند الإخراج حال التوكيل، فلا تخلو من حالين:
الحال الأولى: أن يدفع الوكيل الزكاة بعد زمن يسير من توكيله بأن يكون زمن إخراج الزكاة قريبًا من زمن التوكيل، فإنه حينئذ تجزئ نية الموكل لأن الفرض متعلق بالموكل، وتأخر الأداء عن النية بزمن يسير جائز، فلو نوى ثم أمهل قليلًا ثم أخرج الزكاة بنفسه أو بوكيله أجزئ هذه الحال الأولى أن يكون دفع الوكيل للزكاة بعد زمن يسير من توكيله.
الحال الثانية: أن يدفع الوكيل الزكاة بعد زمن طويل من توكيله، فيكون زمن إخراج الزكاة بعيدًا من زمن التوكيل، فهنا لا بد من نية الوكيل، ولا تكفي نية الموكل، لا بد من نية الوكيل عند الدفع.
وهذا معنى قوله –رحمه الله-: وإن وكل مسلمًا ثقة جاز، وأجزئ نية موكل مع قرب أي مع قرب زمن التوكيل، وإلا نوى موكل عند دفع لوكيل، ووكيل عند دفع لفقير للبعد بين التوكيل والدفع، وفي وجه اختاره الخطاب والمجد أنها تجزئ بعد زمنًا طويل، وتكفي نية الموكل.
أما لو نوى الوكيل فقط دون الموكل، فإنها لا تجزئ والعلة أن الزكاة تتعلق بذمة الموكل، والإجزاء يقع عنه فإذا لم ينوي لم يجزئ.
قوله –رحمه الله-: ومن علم أهلية آخذ كره إعلامه بها ومع عدم عادته لا يجزئه الدفع له إلا أن أعلمه.
أي إن إعلام الآخذ للزكاة بأن ما يأخذه زكاة له حالان:
الحال الأولى: أن يعلم باذل الزكاة ولو ظنًا علمنا لا يلزم اليقين يكفي الظن أن أخذ الزكاة من أهلها المستحقين لها.
وأن من عادته أخذ الزكاة فإذا اجتمع هذان الوصفان، فإنه يكره للباذل إعلام الآخذ بأنها زكاة، هذا الصحيح من المذهب، وسئل الإمام أحمد فقال: لما يبكته يعطيه ويسكت ما حاجته أن يكرعه.
وذكر بعض الأصحاب أن الترك أفضل، وهذا يبين أنه فضيلة، وليس كراهة.
وقال بعضهم: لا يستحب إعلامه نص عليه، وقيل: يستحب إعلامه وقال في الروضة: بل لا بد من إعلامه وأشاروا إلى مال حظ.
قال ابن تميم وعن أحمد مثله كما لو رآه متجمل يعني أنه يعلمه بأنها زكاة إذا كان يرى أن هذا العطاء يكسبه جميلة كما لو أعطاه وظن أنها هدية، وهذا يجري من بعض الناس يقول: خذ هذه هدية لأجل ألا يجرح الأخذ، أو لأجل ألا يكسر نفسه.
والحقيقة يشكل على هذا أن الآخذ يرى للباذل عليه فضلًا، والحقيقة أنه لا فضل في هذه الحال لأنه أداء لما وجب.
ولهذا قال: يعلمه كما لو رآه متجمل.
الحال الثانية هذا كله في الحالة الأولى وهي أن يعلم بذل الزكاة ولو ظنًا أن أخذ الزكاة من أهلها المستحقين وأن من عادته أخذ الزكاة.
أما الحالة الثانية أن يعلم باذل الزكاة ولو ظنًا أن أخذ الزكاة من أهلها المستحقين لها، ولكن ليس من عادته أخذ الزكاة، فإنه لا يجزئه دفعها له إلا أن يعلمه بأنها زكاة، فلا بد أن يخبره بأنها زكاة لأنه لا يقبل ظاهرًا.
وبعض الناس يقول يعني هو محتاج رفضه في غير محله وما إلى ذلك، فيقال إن كنت تعلم أن لا يقبل الزكاة فلا تدخل عليه مالًا لا يؤرضاه هذه الحال لم يذكر ابن تميم وغيره غير هذا القول.
قال في الإنصاف: واقتصر عليه ابن تميم وقال فيه بعد يعني هذا القول بعيد أنه لا يجزئه إذا كان مستحقًا ويعلم أنه لا يقبل الزكاة.
وقال في الرعاية الكبرى: وإن علمه أهلًا لها وجهل أنه يأخذها ما يدري هو يقبل أو لا يقبل أو علم أنه لا يأخذها لم يجزئه قال صاحب الرعاية: بلى أي إنها تجزئه هذا حكاية قول آخر في المسألة، لأنه كونه يمتنع منها هذا لا يؤثر في وصف الاستحقاق، يعني هو إشكالية من جهة أخرى، لا أنه ليس مستحقًا، وهذا القول له حظ من النظر.
ثم قال –رحمه الله-: والأفضل إخراج زكاة كل مال في فقراء بلده هذه مسألة فيها نوع من التفصيل نجعلها اللقاء القادم إن شاء الله.