كتاب الزكاة من الروض المربع

من وحتى
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 255

التاريخ : 2025-04-08 12:27:06


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد.

 

قوله –رحمه الله-: والأفضل: إخراج زكاة كل مال في فقراء بلده.

أي إن الأفضل في إخراج زكاة الأموال، أن يخرج زكاة كل مال في فقراء البلد الذي فيه المال، ولو تفرق أو كان المالك بغيره لعموم حديث معاذ الذي سيأتي وفيه «فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم صَدَقَةً في أمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِن أغْنِيَائِهِمْ وتُرَدُّ علَى فُقَرَائِهِمْ»صحيح البخاري(1395) واستثنوا من ذلك إذا كان المال متفرقًا، وزكاة السائمة كأربعين ببلدين متقاربين، فيخرج في بلد واحد من هذين البلدين يخرج في أي البلدين شاة، ولا يشق الزكاة يخرج نصف هنا، أو ربع هنا وربع هناك.

وقالوا في علة ذلك قالوا: دفعًا لضرر الشركة.

أما نقل الزكاة إلى غير بلد المال، فله حال يأتي بيانها وإيضاحها.

قوله –رحمه الله-: ويجوز نقلها إلى دون مسافة قصر من بلد المال، هذا في بيان أحوال نقل الزكاة إلى غير بلد المال.

الحال الأولى: أن ينقل الزكاة إلى دون مسافة قصر من بلد المال، فهذا جائز، لأنه في حكم بلد واحد فإن ما دون مسافة قصر معدود من حاضر ذلك البلد، وعللوا ذلك بأن أحكام رخص السفر لا تكون في مثل هذه المسافة هذه هي الحال الأولى من حالي نقل الزكاة إلى غير بلد المال، وعند الشافعية وجهان في جواز النقل في هذه الحال، وهو احتمال في مذهب الحنابلة.

قال في الفروع: يتوجه احتمال عدم جواز النقل مطلقًا، يعني الشافعية عندهم وجهان في النقل إلى ما دون مسافة القصر، وهو احتمال ذكره صاحب الفروع لأنه لا يجوز النقل مطلقًا.

وقد علل صاحب المحرر عدم النقل في الجملة بأن فقراء كل مكان لا يعلم بهم غالبًا إلا أهل ذلك المكان، فإذا نقل عنهم إلى غيرهم تضرروا وسقط حقهم في الزكاة، وغفل عنهم غير أهل البلد، وهذا التعليل وجيه فيما إذا كان سيفضي إلى الإضرار بفقراء البلد، إذا كان نقل الزكاة إلى خارج بلد المال، ولو كان إلى دون مسافة قصر سيفضي إلى الإضرار بفقراء البلد وانقطاعهم عما يحتاجون إليه من زكاة المال، فهذا القول وجيه، فهو لا ينقل لتعلق حق أهل البلد فيه، لكنه يجزئ لأنهم من أهل الزكاة الذين ذكرهم الله تعالى في قوله: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ[التوبة: 60] إلى آخر الآية.

ويجب نقلها مطلقا إلى ما تقصر فيه الصلاة لقوله عليه السلام لمعاذ لما بعثه إلى اليمن «فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم صَدَقَةً في أمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِن أغْنِيَائِهِمْ وتُرَدُّ علَى فُقَرَائِهِمْ»صحيح البخاري(1395) أي لا يجوز لرب المال ولا الساعي نقل الزكاة عن بلد المال لمسافة قصر ولو كان النقل لرحم أو شدة حاجة أو لاستيعاب الأصناف على القول بوجوبه، وهذا معنى رحمه الله مطلقًا.

قوله –رحمه الله-: لقوله عليه السلام هذا استدلال وهو مبني على أن عود الضمير في قوله: تؤخذ من أغنيائهم فترد إلى فقرائهم أنه عائد إلى أهل اليمن، فأخبر ﷺ في هذا الحديث أن صدقة أهل اليمن ترد على فقراء أهل اليمن، فإن ظاهر عود الضمير في قوله عليه الصلاة والسلام تؤخذ من الأغنياء فترد إلى فقرائهم أي إلى أهل اليمن، وذلك أن الضمير في أغنيائهم عائد إلى أهل اليمن يقينًا لأنهم المخاطبون، فكذلك الضمير في فقرائهم.

ولذلك يقتضي ألا ينقل إلى غيرهم، هذا وجه الاستدلال لما ذهب إليه الحنابلة من أنه لا يجوز نقل الزكاة عن بلد المال، ومما يدل له أيضًا حديث أبي جحيفة رضي الله تعالى عنه قال: «قدمَ علينا مصدِّقُ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فأخذَ الصَّدقةَ من أغنيائِنا فجعلَها في فقرائِنا وَكنتُ غلامًا يتيمًا فأعطاني منها قَلُوصًا»سنن الترمذي(649)، وقال: وفي الباب عن ابن عباس.: «حديث أبي جحيفة حديث حسن» وهذا الحقيقة ليس فيه دليل ظاهر، إنما فيه بيان أن الصدقات تدفع في الأصل إلى فقراء بلد المال، لكن ليس فيه أنه لا ينقل إلى غيره، لكن هم عللوا أن نقل الزكاة إلى غير بلد المال، يفضي إلى ضياع فقراء ذلك البلد كما تقدم قبل قليل.

وعن أحمد رواية يجوز نقل زكاة المال إلى غير بلد المال، وهو قول أبو حنيفة ومالك وأحد قولي الشافعي.

وقيل: إنه يكره، وعن أحمد يجوز نقلها إلى الثغر وغيره مع رجحان الحاجة، فعن الإمام أحمد رحمه الله الآن أربع روايات.

المذهب أنه لا يجوز النقل مطلقًا.

الثاني أنه يجوز مطلقًا.

الثالث أنه يجوز إلى الثغر.

الرابع أنه يجوز إلى الثغر وغيره من مواطن الحاجة.

واختار شيخ الإسلام رحمه الله هذه الرواية، وقال: تنقل لمصلحة راجحة ولحاجة، ولقرابة، واحتج بأن تحديد المنع من نقل الزكاة بمسافة القصر ليس عليه دليل شرعي، وأنه يجوز نقل الزكاة وما في حكمها من الواجبات المالية لمصلحة شرعية، وهذا القول أقرب إلى الصواب.

ويقال: إن أهل بلد المال هم أولى من تصرف فيهم الزكاة، لكن النقل جائز إذا دعت حاجة أو مصلحة.

قوله –رحمه الله-: بخلاف نذر وكفارة ووصية مطلقة أي إنه يجوز نقل النذر والكفارة والوصية المطلقة التي لم يخصها الموصي بمكان إلى حيث شاء، فيجوز من وجبت عليه كفارة أو لزمته كفارة أو وجب عليه نذر أو وجبت عليه وصية أن ينقلها حيث شاء، هذا الصحيح من المذهب.

ووجه ذلك أن الزكاة مواساة راتبة في المال، فكانت لجيرانه، بخلاف هذه المذكورات، فإنه لا يتعلق بها حق أهل المكان.

وقيل: فرق بين الزكاة وهذه المذكورات أن الأطماع في هذه الأمور، لا تمتد إلى أصحاب الأموال، لأن امتدادها ليس له سبب ظاهر، بخلاف الزكاة، فإن الأطماع تمتد إليها لما يرون من المال الذي في يد صاحب المال، بخلاف بقية الواجبات من النذر والكفارة والوصية المطلقة، وخرج القاضي وجهًا في الكفارة بالمنع، الصواب أنه لا تلحق الكفارة بالزكاة.

قوله –رحمه الله-: فإن فعل أي: نقلها مسافة قصر أي في الحال التي لا يجوز فيها النقل، فإذا خالف صاحب المال أو الساعي، فنقل الزكاة إلى مسافة تقصر فيها الصلاة، فإنه يأثم لمخالفته ما وجب عليه من إخراج الزكاة في غير بلد المال، لكنها تجزئ عنه.

وعلة ذلك أنه دفع الحق إلى مستحقيه كما تقدم، فإن الله تعالى بين المستحقين مطلقًا في قوله: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ[التوبة: 60] الآية.

والمدفوع إليهم في البلد الآخر موصوف هنا بما ذكر الله تعالى، فبرأ من عهدته كالدين.

وعللوا أيضًا أن النهي لا يعود إلى أداة الزكاة، بل إلى النقل، وهذا لا يقتضي الفساد.

وعن أحمد رواية أنه لا يجزأه إخراج زكاة المال في غير بلده، لأنه حق واجب لأصناف بلد فلم يجزأه إعطائها لغيرهم، كالوصية لأصناف بلد، كما لو أوصى وصية لأصناف في بلد معين، فإنه لا يجزئ أن تنقل إلى غيره، والأقرب هو القول الأول والله تعالى أعلم.

قوله –رحمه الله-: إلا أن يكون المال في بلد أو مكان لا فقراء فيه، فيفرقها في أقرب البلاد إليه لأنهم أولى، أي إن كان المال في بلد لا مستحق للزكاة فيه من الفقراء وسائر الأصناف، فإنه يجوز نقلها إلى غير بلد المال اتفاقًا.

واستدلوا لذلك بما روي عن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه أنه بعث إلى عمر رضي الله تعالى «بثُلُثِ صدقةِ الناسِ فأنكرَ ذلكَ عمرُ وقال لم أبعثْكَ جابيًا ولا آخِذَ جِزْيَةٍ ولكن بعثتُكَ لتأخذَ من أغنياءِ الناسِ فتردَّها على فُقرائِهم فقال معاذُ ما بعثتُ إليكَ بشيٍء وأنا أجدُ أَحَدًا يأخذُهُ منِّي»الأموال لأبي عبيد(1912).

وأما كون الزكاة فيما إذا كان أهل البلد قد استغنوا تصرف في أقرب البلاد، فلما ذكر المؤلف –رحمه الله-من كونهم أولى لأنهم أقرب إلى المال.

قوله –رحمه الله-: وعليه مؤنة نقل، ودفع، وكيل، ووزن.

أي: إن كل نقل الزكاة في جميع الأحوال التي تقدمت مما يجوز فيه نقل الزكاة على رب المال، ولا تقصر من الزكاة، ومثلها الآن أجور التحويل إذا كان سيحول الزكاة عبر وسائل التحويل في المصارف، وترتب عليه كلفة فإنه لا يحسب ذلك من الزكاة، فلا تخصم من الزكاة، وكذلك كلفة دفع زكاة على من وجبت عليه، وكذلك كلفة كيل المال لإخراج زكاة، وكلفة وزنه.

وعللوا ذلك بأن عليه مؤنة تسليمها لمستحقيها كاملة، وذلك من تمام التوفية.

قوله –رحمه الله-: فإن كان المالك في بلد وماله في بلد آخر أخرج زكاة المال في بلده أي بلد به المال كل الحول أو أكثره دون ما نقص عن ذلك، لأن الأطماع إنما تتعلق به غالبًا بمضي زمن الوجوب أو ما قربه، أي إن كان رب المال في بلد، وماله الذي وجبت فيه الزكاة في بلد آخر، فيجب عليه إخراج الزكاة في بلد المال، لأن الزكاة تعلقت بالمال، فيجب إخراجها فيه، ولئلا ينقل الصدقة عنه، ولأن المال هو سبب الزكاة، فوجب إخراجها حيث وجد السبب.

والمعتبر في إضافة المال إلى البلد بعينه، هو بقاء المال في البلد الحول أو أكثره.

أما إذا كان بقائه في البلد دون أكثر الحول، فإنه يجوز نقلها عنه هذا الصحيح من المذهب، وعللوا بما ذكر المصنف بأن الأطماع إنما تتعلق غالبا بمضي زمن الوجوب أو ما قربه.

وقال المجد في شرحه وتبعه في الفروع تفرقته في بلد الوجوب وغيره من البلدان التي كان بها في الحول، يعني يفرق في البلدان التي مكث فيها أثناء الحول.

فإذا مكث مثلا خمسة أشهر في بلد، وثلاثة أشهر في بلد آخر، وبقية السنة في بلد ثالث، فإنه تفرق الزكاة في هذه البلدان كلها.

وعند القاضي قال: هو كغيره يعني البلد الذي مكث فيه المال بعض الحول يكون كغيره اعتبارًا بمكان الوجوب لئلا يفضي إلى تأخير الزكاة، ولعل هذا تعليل للمذهب كأن هذا من كلام القاضي تعليل للمذهب لأن قال: هو كغيره اعتبارًا بمكان الوجوب لئلا يفضي إلى تأخير الزكاة.

والتعليل ظاهر أن الأطماع تتعلق به.

وأما قول المجد وما صار عليه صاحب الفروع أن تفرقة المال في بلد الوجوب أنه إذا تعدد المال في البلدان فإن العبرة بتفريقه فيها، فيفرق في البلدان التي مكث فيها المال.

وقيل: يفرقه حيث حال حوله في أي موضع كان، بغض النظر عن مدة إقامته، وذكر في مطالب أولو النهى أنه يتجه مع تساو في مدة إقامة المال في أكثر من بلد أن يخير رب المال في إخراجها في أي بلد شاء من هذه البلدان التي مكث المال فيها، هذا إذا كان المال مجتمعا في يديه في أكثر من مكان.

أما إذا كان المال مفرقًا، فإنه يخرج زكاة كل مال في جهته في البلد التي هو فيها.

وذكروا مسألة قالوا: السفار بالمال يزكي من موضع أكثر إقامة المال فيه نقله الأكثر لتعلل الخط مع أبيه غالبًا.

قوله –رحمه الله-: وأخرج فطرته في بلد هو فيه وإن لم يكن له به مال؛ لأن الفطرة إنما تتعلق بالبدن كما تقدم، فموضع إخراج زكاة الفطر يكون في بلد البدن، أي في الموضع الذي يدركه وقت زكاة الفطر وهو فيه، ولا علاقة له ببلد المال.

والعلة أن البدن هو سبب زكاة الفطر، فوجب إخراج زكاة الفطر حيث وجد سببها، وهذا لا نزاع فيه كما ذكر صاحب الإنصاف، لكن لو نقلها إلى غير بلد البدن، ففي الإجزاء روايتان. والصواب أنها تجزئ لحصول المقصود من إخراج الزكاة، والمخالفة بإخراجها في غير بلد البدن لا تؤثر على صحة الزكاة.

بعد ذلك قال: فيجب على الإمام بعث السعاة هذه مسألة أخرى.

والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق