كتاب الزكاة من الروض المربع

من وحتى
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 103

التاريخ : 2025-08-23 10:21:48


الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد.

ففي باب أهل الزكاة ذكر المؤلف رحمه الله في هذا الفصل وهو الفصل الأخير في هذا الباب.

قال رحمه الله-: ولا يجزئ أن تدفع إلى هاشمي.

هذا الفصل تضمن بيان الأصناف التي لا يجزئ أن تدفع الزكاة إليهم، وهم عدة أصناف بدأهم بأشرفهم وهم بنو هاشم فقال: ولا يجزئ أن تدفع إلى هاشمي.

وقال في الشرح: أي من ينسب إلى هاشم، هذا هو الصنف الأول ممن لا يصح دفع الزكاة إليهم وهم بنو هاشم بن عبد مناف، وهؤلاء هم آل النبي ﷺ، فلا يجزئ دفع الزكاة إلى بني هاشم لما ذكره المؤلف -رحمه الله-في الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم –رحمه الله-: «إنَّ الصَّدَقَةَ لا تَنْبَغِي لِآلِ مُحَمَّدٍ؛ إنَّما هي أَوْسَاخُ النَّاسِ»صحيح مسلم(1072) فبنو هاشم هم آل محمد ﷺ الذين قال فيهم: لا تنبغي لهم الصدقة، وبنو هاشم هم سلالة هاشم بن عبد مناف ذكورًا وإناثًا، وقد ذكر الشارح –رحمه الله-من هم فقال: فدخل آل عباس وآل علي وآل جعفر وآل عقيل وآل الحارث بن عبد المطلب وآل أبي لهب، فهؤلاء المتون الستة كلهم من آل محمد الذين لا تحل لهم الصدقة، وقيل: بنو هاشم هم هؤلاء المذكورون استثناء لآل أبي لهب، وهذا ذكره جماعة من الأصحاب، والأصل أنهم داخلون لكونهم من آل النبي ﷺ، فهم منسوبون إلى النبي ﷺ كغيرهم من بني هاشم، فلا وجه لاستثنائهم، وكون أبي لهب لم يسلم، فهذا يخصه كما هو الشاهد في آل علي، فإن أبي طالب لم يسلم ولم يمنع آله من أن يدخلوا في آل النبي ﷺ.

ومما يدل على أن آل النبي ﷺ لا تحل لهم الصدقة ما جاء في الصحيح من حديث أبي هريرة في الخبر عن قصة الحسن بن علي أنه أخذ «تَمْرَةً مِن تَمْرِ الصَّدَقَةِ، فَجَعَلَهَا في فِيهِ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: كِخْ كِخْ. لِيَطْرَحَهَا، ثُمَّ قالَ: أَمَا شَعَرْتَ أنَّا لا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ.»صحيح البخاري(1491) فلا تحل الزكاة لآل النبي ﷺ سواء كانوا ممن يعطون من الخمس أو لا لعموم ما تقدم.

وقيل: إنه إذا منع بنو هاشم من الخمس، جاز لهم الأخذ من الزكاة، وقيل: يجوز أن يأخذوا من زكاة بني هاشم خاصة إذا منعوا من الزكاة، لأنه محل حاجة وضرورة، واختار هذا القول الأجري وشيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-وله وجه قوي، فإذا لم يكن لهم نصيب من الخمس، فإنهم يستون مع بقية المسلمين في سد حاجتهم من الزكاة، إذا قام فيهم وصف من أوصاف مستحقي الزكاة.

قوله –رحمه الله-: لكن تجزئ إليه إن كان غازيا، أو غارمًا لإصلاح ذات البين، أو مؤلفا.

أي: إن دفع الزكاة إلى أحد بني هاشم تجزئ في ثلاث أحوال نص عليها الشارع فقال: إن كان غازيا أي: في سبيل الله، أو كان غارما أي من الغارمين من صاحب ذات البين، أو كان مؤلفا يرجى إسلامه إن لم يكن مسلمًا أو يرجى نفع المسلمين بإسلامه، وعللوا ذلك بأن العطاء في هذه الأسباب يجوز مع الغنى لأنه يعطى للحاجة إليه، لا لحاجته، فيأخذ الزكاة مع الغنى، وليس فيه منة، لأنه مقابل نفع للمسلمين يرجى منه.  

 

  

 

وقوله –رحمه الله-: ولا إلى مطلبي هذا ثاني الأصناف التي ذكرها المؤلف -رحمه الله-مما لا يصح دفع الزكاة إليهم وهم بنو المطلب، والمطلب أخو هاشم بن عبد مناف، وعبد مناف له أربعة من الولد هاشم، والمطلب، نوفل، عبد شمس، فألحق الأصحاب بنو المطلب ببني هاشم في إنهم لا يأخذون بالزكاة هذا هو المذهب وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله، ووجهه أن النبي ﷺ قال: إنا وبنو المطلب لا نفترق في جاهلية ولا إسلام، وإنما نحن وهم شيء واحد، فلما كان بنو هاشم لا يجوز لهم الأخذ من الزكاة سواهم بنو المطلب، ولأن حرمان الصدقة حكم يتعلق بقرابة النبي ﷺ فاستوى فيه بنو هاشم وبنو المطلب وهم شيء واحد، كما جاء في الحديث.

قالوا: وكما أنهم يشاركون بنو هاشم في الأخذ من سهم بني القربى من الخمس، فكذلك يمنعون من أخذ الزكاة كبني هاشم، واحتجوا لذلك بما جاء عن ابن عباس مرفوعًا أن النبي ﷺ قال: أليس في خمس الخمس ما يغنيكم عن أوساخ الناس وبنو المطلب يأخذون من خمس الخمس فلا يجمع لهم بين البدل والمبدل، وهذا تقرير ذكره المؤلف –رحمه الله-من كون المطلب لا يأخذ من الزكاة من المواضع التي خالف فيها الماتن المذهب، كما أشار الشارح إلى ذلك حيث إنه ذكر إن الذي في (المنتهى) و (الإقناع) أنه يجزئ دفع زكاة إلى بني المطلب، ويحل لهم أخذها، وهو قول كثير من الحنابلة كالخرقي والشيخين ابن قدامة والمجد ابن تيمية واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وصححه الشارح بقوله والأصح: تجزئ إليهم وجزم به في منتهى الإيرادات والإقناع لدخوله في عموم قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ[التوبة: 60] الآية لكن خرج بنو هاشم من عموم الآية ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ[التوبة: 60] بالنص حيث قال ﷺ: إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد، لا يجب أن يختص المنع بهم، ولا يصح قياس بني المطلب على بني هاشم، لأن بني هاشم أقرب إلى النبي ﷺ وأشرف، وهم آل النبي ﷺ وهم شاركوا بنو المطلب لهم في الخمس لم يستحقوه بمجرد القرابة، بل استحقوه بسبب النصرة بدليل أن بني عبد شمس، وبني النوفل يساوونهم في القرابة ولم يعطوا شيئا، وإنما شاركوهم كما ذكرت بالنصرة أو بهما جميعا النصرة والقرابة، وهذا القول لعله أقرب إلى الصواب، وهو المذهب وتقرير من تقدم من أهل العلم الذين ذكرناهم.

 

  

 

قوله –رحمه الله-: ولا إلى مواليهما لقوله عليه الصلاة والسلام وإن مولى القوم منهم رواه أبو داود، والنسائي، والترمذي وصححه. لكن على الأصح: تجزئ إلى موالي بني المطلب، كإليهم هذا هو الصنف الثالث مما لا يصح دفع الزكاة إليهم، وهم موالي بني هاشم وموالي بني المطلب على ما ذكره المؤلف –رحمه الله-.

والموالي هم الذين أعتقهم بنو هاشم وبنو المطلب، موالي بني هاشم وموالي بني المطلب هم الذين أعتقوهم حكمهم حكم معتقيهم من بني هاشم وبني المطلب في دفع الزكاة إليهم، فيجري فيهم الخلاف السابق لما روى أبو رافع أن النبي ﷺ بعث رجل من بني مخزوم على الصدقة فقال لأبي رافع: اصحبني كما تصب منها فانطلق إلى النبي ﷺ، فسأله فقال له النبي ﷺ: «إنَّ الصَّدقةَ لا تحلُّ لنا وإنَّ مولى القومِ منْهم»سنن النسائي(2612) وهذا حديث صحيح يفيد أن موالي بني هاشم لا حق لهم في الصدقة، واستدرك الشارح –رحمه الله-في موالي بني المطلب للخلاف المتقدم حيث أنه قرر جواز دفع الزكاة إلى بني المطلب فكذلك مواليهم.

 

  

قوله –رحمه الله-: ولكل أخذ صدقة تطوع، ووصية ونذر لفقراء، لا كفارة.

أي: إن كل من حرم عليه صدقة الفرض من الأغنياء، وقرابة المتصدق والكافر وغيرهم يجوز دفع صدقة التطوع إليهم، ولهم أخذها لقوله تعالى: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا[الإنسان: 8] ولم يكن الأسير يومئذ إلا كافرًا، ولحديث أسماء بنت أبي بكر قالت: «قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وهي مُشْرِكَةٌ في عَهْدِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَاسْتَفْتَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قُلتُ: وهي رَاغِبَةٌ، أفَأَصِلُ أُمِّي؟ قالَ: نَعَمْ صِلِي أُمَّكِ»صحيح البخاري(2620)، ومسلم(1003) فأذن لها النبي ﷺ في صلة أمها مع كونها كافرة، وكذا عمر أخله حلة كان النبي ﷺ أعطاها إياها، فحلت الصدقة للكافر، وأبي مسعود عن رسول الله ﷺ قال: «إِذَا أنْفَقَ المُسْلِمُ نَفَقَةً علَى أهْلِهِ، وهو يَحْتَسِبُهَا، كَانَتْ له صَدَقَةً» أخرجه البخاري (5351)، ومسلم (1002)، وقال النبي ﷺ لسعد: إن نفقتك على أهلك صدقة، وإنما تأكل امرأتك صدقة، وكذلك بنو هاشم ومن في حكمهم يجوز لهم أخذ صدقة التطوع لأنهم إنما منعوا من الزكاة لكونها من أوساخ الناس كما سبق، وصدقة التطوع ليست كذلك، إلا النبي ﷺ فإن الصدقة كانت محرمة عليه مطلقًا فرضًا ونفلًا، لأن اجتنابها كان من دلائل نبوته وعلاماتها فلم يجز الإخلال بها، ولكل من حرم عليه صدقة الفرض من الأغنياء وقربات المتصدق والكافر وبني هاشم غير النبي ﷺ الأخذ من وصايا الفقراء ومن نذر، لأنه لا يقع عليه اسم الزكاة والطهر، واستثنى المؤلف رحمه الله الكفارة، فلا يجوز لهذه الأصناف الأخذ من الكفارة لوجوبها بالشرع كالزكاة.

ونقل الميموني أنه لا يحل لبني هاشم ومن في حكمهم الأخذ من صدقة التطوع.

قال المجد في شرحه: فيكون النذر والوصية للفقراء أولى بالتحريم، فلا يجوز لهم الأخذ من الكفارة ونحوها لوجوبها بالشرع، وهو المذهب، وصححه المجد في شرحه وقال: بل هي أولى من الزكاة في المنع.

 

  

قال–رحمه الله-: ولا إلى فقير تحت غني منفق.

هذا هو الصنف الرابع من الأصناف التي لا يصح دفع الزكاة إليها، وهي المرأة الفقيرة تحت غني منفق، فإنه لا يجزئ دفع الزكاة إليها إذا كان زوجها منفقًا باذلًا للنفقة، لأنها حينئذ غير فقيرة لإغناء زوجها لها، فهي مستغنية بهذه النفقة، والمستغني بالنفقة لا يجوز له الأخذ بالزكاة، لعدم وجود الوصف المبيح للأخذ من الزكاة.

 

  

قال: ولا إلى فقير ينفق عليه من وجبت عليه نفقته من أقاربه، لاستغنائه بذلك.

هذا هو الصنف الخامس مما لا يصح دفع الزكاة إليهم، وهو الفقير والمسكين المستغني بنفقة لازمة، فلا يجوز دفع الزكاة إلى فقير ومسكين مستغنيين بنفقة لازمة لغناهما بما يجب لهما على وارثهما كالزوجة، فإن تعذرت النفقة على الزوجة الفقيرة أو الفقير أو المسكين من زوج أو قريب بغيبة أو امتناع أو غيره كمن غصب ماله أو تعطلت منافع عقاره جاز لهم الأخذ، لوجود المقتضي مع عدم المانع هذا على الصحيح من المذهب، وعليه أكثر الأصحاب.

قال في الفروع: اختاره الأكثر، وفي وجه يجوز دفع الزكاة إلى مستغن بنفقة لازمة، وهذا ضعيف، بل قال المجد: لا أحسب ما قاله إلا مخالفا للإجماع في الولد الصغير، فيلحق به غيره.

 

  

قوله –رحمه الله-: ولا إلى فرعه أي: ولده، وإن سفل، من ولد الابن، أو ولد البنت.

هذا هو الصنف السادس ممن لا يصح دفع الزكاة إليهم وهم فروع المزكي، وبينهم المؤلف بقوله وهم ولده وإن سفل من ولد ابن ومن ولد البنت، وهذا في حال كون نفقتهم واجبة محل إجماع، والمذهب الحكم نفسه في عدم الإيذاء، وإن لم تجب نفقتهم، وظاهره لا فرق بين الوارث من هؤلاء وغيره حتى ولد البنت، وقد نص عليه الإمام أحمد -رحمه الله-، وهذا موافق لما ذهب إليه الحنفية والمالكية واحتجوا بأن النبي ﷺ قال: إن ابني هذا سيد يعني الحسن، فجعله ابنا له، لأنه من عامود النسب، ولاتصال منافع الملك في العادة بين الشخص وفروعه، ولو لم يكونوا من صلبه من أولاد أبنائه، ولهذا لم تقبل شهادة أحدهم على الآخر، واحتجوا أيضًا بأن النبي ﷺ منع الزكاة قرباته، وبهذا احتج القاضي على تقرير المذهب من أنه لا تدفع الزكاة إلى الفروع وإن لم تجب نفقته، وقيل: يجوز دفع الزكاة إلى فروعه إن لم يكونوا وارثين اختاره القاضي في المجرد، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وفاقا للشافعية.

 

  

قوله –رحمه الله-: ولا إلى أصله كأبيه وأمه، وجده وجدته، من قبلهما وإن علوا، هذا هو الصنف السابع ممن لا يصح دفع الزكاة إليهم، وهم أصول المزكي وهم من تفرع منهم صاحب الزكاة كأبيه وأمه، وإن علوا، ولا فرق في ذلك بين كونهم وارثين أو غير وارثين حتى ذوي الأرحام منهم كأبي الأم، لوجوب النفقة عليهم مطلقا هكذا عللوا.

قالوا: فإذا كانت النفقة واجبة لهم عليه، فهم مستغنون بالنفقة على الزكاة، وأيضًا قالوا: لاتصال منافع الملك بينهم في العادة، وذكر في الفروع وجه آخر في الجد وابن الابن المحجوب أنه يجوز دفع الزكاة إليهم لكونهم غير وارثين، وهذا فيما يتعلق بإعطاء الزكاة للفقر أو المسكنة.

وذكر في المبدع أن ظاهر إطلاق الأصحاب في أنه لا يدفع الزكاة للفروع ولا للأصول أنه لا يعطى لا للفقر ولا للمسكنة ولا لغرم نفس ولا لكتابة وقد نص عليه، وقيل: يجوز إعطائهم لغرم أنفسهم أو الكتابة واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وفي إعطاء ابن السبيل وجهين، وتقدم بما يتعلق بكونه عاملًا أنه لا بأس أن يأخذه، وظاهر كلام الأصحاب أنه لا يعطى عمودي نسبه لغرم أنفسهم أو للكتابة، فك الرقاب نص عليه وقيل: يجوز واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وذكره جده في ابن السبيل، أي ذكر الخلاف في ابن السبيل وأنه يعطى أو لا يعطى إذا كان من عمودي النسب.

قوله –رحمه الله-: إلا أن يكونوا عمالًا، أو مؤلفين، أو غزاة، أو غارمين لذات بين.

أي يستثنى من عدم جواز دفع الزكاة لفروع المزكي وأصوله الأحوال التالية، الأحوال التي ذكرها المؤلف –رحمه الله-.

الحالة الأولى: إذا كان الأصول أو الفروع من العاملين عليها، لأنهم في هذا الحال يأخذون أجرة عملهم أشبه ما لو استعملوا على غير الزكاة.

الحالة الثانية: إذا كان الفروع أو الأصول من المؤلفة قلوبهم، لأنه مصلحة عامة أشبه الأجانب.

الحالة الثالثة: إذا كان الفروع أو الأصول من الغزاة، لأن الغزاة لهم الأخذ مع عدم الحاجة، فأشبهوا العاملين.

الحالة الرابعة: من أحوال جواز دفع الزكاة للفروع أو الأصول، إذا كانوا ممن غرم لإصلاح ذات البين، فيجوز دفع الزكاة إليهم لأنها مصلحة عامة.

 

 

  

قوله –رحمه الله-: ولا تجزئ أيضًا إلى سائر من تلزمه نفقته، ما لم يكن عاملًا، أو غازيًا، أو مؤلفًا، إلى آخر ما ذكر.

هذا هو الصنف الثامن ممن لا يصح دفع الزكاة إليهم، وهم من تلزم المزكي نفقته، فلا يجزئ دفع زكاة إنسان إلى سائر من تلزمه نفقته ممن يرثه حال دفع بفرض كأخت أو تعصيب، فلا يجزئ دفع زكاة إنسان إلى سائر من تلزمه نفقتهم ممن يرثه حال الدفع سواء ورثه بفرض كأخت أو تعصيب كعم، حيث لا حاجب، فلو كان أحدهما يرث الآخر، والآخر لا يرثه كعتيق ومعتقه، وأخوين لأحدهما ابن ونحوه، فالوارث منهما تلزمه مؤونة الآخر، فلا يدفع زكاته إلى من تجب مؤونته عليه لغناه بواجب النفقة، ولأن نفعه يعود إلى الدافع، لكونه يسقط النفقة عنه بهذا المال الذي بذله من الزكاة، واستثني من ذلك ما إذا كان تلزمه نفقته يأخذ الزكاة كونه عاملًا أو غازيًا أو مؤلفًا أو مكاتبًا أو ابن سبيل أو غارمًا لإصلاح ذات البين، لأن المزكي في هذه الحال يعطي لغير النفقة الواجبة بخلاف عام النسب لقوة القرابة.

وعن أحمد رواية أنه يجوز دفعها إلى غير عمودي النسب ممن يرثه بفرض أو تعصيب كالأخت أو الأخ لقول النبي ﷺ: «صدقةُ ذي الرحمِ على ذي الرحمِ صدقةٌ وصلةٌ» أخرجه الطبراني في الأوسط(3556)، وابن ماجه (1844)، وأحمد (16226)، حديث صحيح. الجامع الصغير للسيوطي(4977). لم يفرق ﷺ بين الوارث وغيره، ولأنه مقبول الشهادة له كالأجنبي، وكما لو تعذرت النفقة وحكم الإرث بالولاء كذلك، وإذا قبل الزكاة دفعها إلى قريبه ولا نفقة، وإن لم يقبل وطالب بنفقته الواجبة أجبر ولا يجزئه في هذه الحال جعلها زكاة، هذه هي الرواية الثانية عن الإمام أحمد رحمه الله.

وظاهر كلام المؤلف أن القريب إذا لم تلزمه نفقته، أنه يجوز دفعها إليه بلا ريب، لأنه لا ميراث بينهما أشبه الأجنبي، فلو ورث أحدهما الآخر كعمه، وابن أخيه، وعتيق ومعتق، وأخوين لأحدهما، فالوارث منهما تلزمه النفقة على الأصح، وعكسه الآخر يعني أنه لا يرث، فإنه لا يجوز دفع الزكاة إليه.

 

  

قوله –رحمه الله-: وتجزئ إلى من تبرع بنفقته، بضمه إلى عياله، أو تعذرت نفقته، من زوج أو قريب بنحو غيبة أو امتناع.

أي أنه يجزئ أن يدفع المزكي زكاته إلى من تبرع بنفقته بضمه إلى عياله كيتيم أجنبي غير وارث، لدخوله في العمومات، ولا نص ولا إجماع يخرجه، ويدل لذلك ما رواه البخاري رحمه الله أن امرأة عبد الله بن مسعود سألت النبي ﷺ عن بني أخ لها أيتام في حجرها تعطيهم من الزكاة فقال: نعم، فيجزئ أن يدفع الإنسان زكاته إلى من تبرع برعايته والإنفاق عليه، وفي وجه آخر لا يجزئ ذلك، والصواب الأول.

وكذلك يجزئ أن يدفع المزكي زكاته إلى من تعذرت نفقته من زوج أو من قريب غاب أو امتنع كمن له عقار، وتعطلت منافعه، للعموم في النصوص نحو قول: إنما الصدقات للفقراء والمساكين فإنها تشمل كل فقير، فتشمل هؤلاء لعدم استغنائهم.

 

  

وقوله –رحمه الله-: ولا تجزئ إلى عبد كامل رق، غير عامل ومكاتب.

هذا هو الصنف التاسع ممن لا يصح دفع الزكاة إليهم، وهو العبد كامل الرق الذي يسميه العلماء القن، لأن نفقته واجبة على سيده، فهو غني بغناه، وما يدفع إليه لا يملكه، وإنما يملكه سيده، فكأنه دفع الزكاة إلى غني، هذا الصحيح من المذهب، وظاهر كلام المصنف أنه لا يجوز دفعها إلى عبد ولو كان سيده فقيرًا وهو صحيح، وهو المذهب، وقال المجد في تعليل المسألة: لأن الدفع إليه دفع إلى سيده، لأنه إذا قلنا: يملك فله تملكه عليه، والزكاة دين أو أمانة، فلا يدفعها إلى من لم يأذن له المستحق، وإن كان عبده كسائر الحقوق، وكذلك لا يجوز دفع الزكاة إلى المكاتب لما تقدم من دخوله في عموم قوله تعالى: ﴿وَفِي الرِّقَابِ[التوبة: 60].

والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق