قوله رحمه الله: "ومزيل" أي: هذا القسم الثاني، وبيَّنه -رحمه الله- بقوله: "وأما المزيل".
قوله رحمه الله:"وأما المزيل فهو كل من يحسن الإزالة".
قوله رحمه الله:"كل من يحسن الإزالة"، هل يُفْهَم من هذا: أن النجاسة لا بد فيها من مزيل؟
قد يُفْهَم هذا من كلام المؤلف؛ لأنه جعل الطهارة من النجس مبنية على أربعة أمور: على النجاسة، وعلى المزيل.
والصواب أنه لا يُشترط في النجاسة مُزيلٌ يُحْسِن الإزالة، فلو زالت النجاسة من غير قصد؛ زالت بريح، أو بجريان ماء، أو بغير ذلك من المزيلات غير المقصودة؛ فإن النجاسة يزول حكمها بزوال عينها.
وقد حُكِيَ الإجماع على إزالة النجاسة من غير مزيل إذا زال عينها ولم يبقَ لها أثر؛ لا في لون، ولا في رائحة، ولا في طعم.
فقوله -رحمه الله-: "أما المزيل فهو كل من يُحسِن الإزالة" يُوهِم أنه يشترط القصد في إزالة النجاسة؛ حيث عرَّف المزيلَ بأنه "كل من يُحسِن الإزالة"، وقد حُكِيَ الإجماع على إزالة النجاسة من الأبدان والثياب والأرض بغير نية؛ يعني: بغير قصد، فدل هذا على أنه لا يُشْتَرط في ذلك القصد، ولا يُشْتَرط في ذلك مُزيلٌ.
أما الشيء الثالث الذي ذكره، قال:"وأما المُزال به فالماء الطهور، ومع التراب في الكلب والخنزير، والأحجار في الاستجمار خاصة".
قوله رحمه الله: "أما المُزال به" يعني: المادة المُزال بها النجس،
قوله رحمه الله:"فالماء الطَّهور" أي: الماء الباقي على خِلْقته، سواء كان نازلًا من السماء، أو نابعًا من الأرض، أو كان مُجتمِعًا؛ كمياه البحار والأنهار.
قوله رحمه الله:"فالماء الطَّهور"، ولم يذكر غيره، وهذا هو المذهب؛ فالحنابلة يرون أن النجاسة لا تطهر إلا بالماء؛ لدخولها في عموم الطهارة في قوله تعالى:﴿وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾ الفرقان: 48، وبهذا قال مالك والشافعي ومحمد بن الحسن من الحنفية.
وذهب الإمام أبو حنيفة -وهو رواية عن الإمام أحمد-: أن الماء لا يتعين في إزالة النجاسة، بل تزول بكل مائع طاهر مزيل؛ كالخل، وماء الورد، ونحو ذلك.
وهذا القول أقرب إلى الصواب، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
فقوله -رحمه الله- في المُزيل: "الماء الطهور" هذا هو قول الجمهور.
والقول الثاني -وهو رواية في مذهب الإمام أحمد-: أن الماء لا يتعين لإزالة النجاسة، بل تزول النجاسة بكل مُزيل.