قال المصنف رحمه الله: "الثالث: الواجبات تسعة: التسبيح في الركوع، والسجود، وقوله: سمع الله لمن حمده، وربنا ولك الحمد، والتكبير غير تكبيرة الإحرام، والتشهد الأول، والجلوس له، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والتسليمة الثانية".
قوله رحمه الله: "الثالث" أي: مما قَسَّم عليه مسائل الصلاة؛ فقد تقدم أنه قسم مسائل الصلاة بناءً على ما فيها من أعمال، وحُكم تلك الأعمال، الأحكام الشرعية المتعلقة بأفعال الصلاة.
قسم المؤلف عرض مسائل الصلاة على الأحكام الشرعية المتعلقة بتلك الأفعال، فبيَّن الشرط أولًا، ثم بين الركن ثانيًا.
قوله رحمه الله: "الثالث" أي: من أحكام أفعال الصلاة
قوله رحمه الله:"الواجبات". والواجب -تقدم- هو ما يُثاب على فعله، ويُعاقب على تركه.
وقيل في تعريفه أيضًا: ما طلبه الشارع طلبًا جازمًا.
قال رحمه الله: "تسعة"، ونُنبِّه إلى أن كل عددٍ يذكره المصنف -رحمه الله- لو قيل لك: ما دليله؟ فأجب أن دليله الاستقراء، وهذا في كل التقسيمات التي يذكرها الفقهاء، دليل ذلك الاستقراء؛ أي أن العلماء تتبَّعوا مسائل هذا الباب، وصنفوا، وجمعوا ما يتعلق بالواجبات فوجدوها تسعة، الأركان وجدوها اثني عشر ركنًا، وهلم جرًّا، فدليل هذه الأعداد هو الاستقراء. والاستقراء معناه: التتبع.
قوله رحمه الله: "التسبيح في الركوع والسجود" قول: "سبحان ربي الأعلى"، "سبحان ربي العظيم"؛ "سبحان ربي العظيم" في الركوع، "سبحان ربي الأعلى" في السجود، وهذا خلاف ما عليه جمهور الفقهاء؛ فإن الجمهور يرون أن التسبيح ليس واجبًا، بل هو من السنن.
قوله رحمه الله:"سمع الله لمن حمده" أي: قول المصلي إذا رفع من الركوع: سمع الله لمن حمده.
قوله رحمه الله:"وقوله: ربنا ولك الحمد" هذا من الواجبات.
قوله رحمه الله:"التكبير غير تكبيرة الإحرام" التكبير أي: قول: "الله أكبر" في الانتقالات
قوله رحمه الله:"غير تكبيرة الإحرام" فقد تقدم حكمها، وأنها ركنٌ منأركان الصلاة.
قوله رحمه الله: "والتشهد الأول" أي: قراءة التشهد الأول: التحيات لله.. إلى الشهادتين.
قوله رحمه الله:"والجلوس له"؛أي: الجلوس للتشهد.
قوله رحمه الله:"والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم"، وبه يتبين أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يرى أنها من الواجبات، وليست من الأركان، وهذا خلاف المشهور من المذهب؛ فالمشهور من مذهب الحنابلة أن الصلاة ركنٌ من أركان الصلاة، والصواب أن الصلاة من واجبات الصلاة كما ذكر المصنف وليست ركنًا.
قوله رحمه الله:"والتسليمة الثانية" يعني: التسليمة الثانية التي يخرج بها من الصلاة، فالتسليمة الأولى ركن، والتسليمة الثانية واجبٌ من واجبات الصلاة؛ لإدامة فعلها منه صلى الله عليه وسلم في الفرائص، فلم يُنقل عنه أنه اقتصر على تسليمةٍ واحدة في فريضة، وإنما جاء ذلك عنه صلى الله عليه وسلم في النوافل.
وقد اختلف العلماء في التسليمة الثانية على ثلاثة أقوال: منهم من قال: إنها ركن، ومنهم من قال: إنها واجب، وهو ما ذكره المؤلف، ومنهم من قال: إنها مستحبة، سنة.
والأقرب -والله تعالى أعلم- أنها في الفريضة ينبغي ألا يُخِلَّ بها، وأما في النافلة فهي مما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اكتفى بتسليمةٍ واحدة.