كتاب الزكاة من الروض المربع

من وحتى
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 80

التاريخ : 2024-12-29 04:28:09


الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد.

يقول المصنف –رحمه الله-: ((باب زكاة بهيمة الأنعام)).

بدأ المؤلف في ذكر أجناس الأموال التي تجب فيها الزكاة بزكاة بهيمة الأنعام اقتداء بكتاب الصديق الذي كتبه لأنس -رضي الله تعالى عنه- في فرائض الصدقة، وبين المقصود ببهيمة الأنعام فقال: وهي الإبل والبقر والغنم، وسميت بهيمة ؛ لأنها لا تتكلم فالمراد ببهيمة الأنعام هذه الأصناف الثلاثة من الحيوان، الإبل والبقرة والغنم، وتسميتها ببهيمة لأنه كما ذكر لا تتكلم، ولما في صوتها من الإبهام وهذا الوصف يعم جميع الحيوان، لكن خص العرف بما عدا السباع والطير، فبهيمة الأنعام ما عدا السباع والطير عرفا، والأصل في وجوب الزكاة في بهيمة الأنعام الإجماع، وقد صحت فيه أحاديث عديدة عن النبي –صلى الله عليه وسلم-من حديث أنس في كتاب أبي بكر له، وفي كتاب عمر أيضًا، وفي كتاب ورد عن علي رضي الله تعالى عنه، وجاء في أحاديث أخرى سنتطرق إليها إن شاء الله تعالى.

وقد ذكر حديث أنس في كتاب أبي بكر نوعين من بهيمة الأنعام الإبل والغنم، وأما البقر فقد جاء في حديث معاذ -رضي الله تعالى عنه- في بعثه إلى اليمن حيث قال: «فأمرَني أن آَخُذَ مِن كلِّ ثلاثين بقرةً تَبيعًا، أو تَبِيعَةً، ومِن كلِّ أربعين مُسِنَّةً» أخرجه أبو داود (1576)، والترمذي (623)، والنسائي (2451)، وابن ماجه (1803)، وأحمد (22066)، قال ابن الملقن: مروي عن معاذ من وجوه، ومن رواية أبي وائل منقطعة. البدر المنير(5/426) ثم بين المصنف –رحمه الله-بعد أن بين المراد ببهيمة الأنعام ما الذي تجب فيه الزكاة من الإبل ومن البقر ومن الغنم.

فقال: ((تجب الزكاة في إبل بخاتي أو عرابٍ أهلية أو وحشية، ومنها الجواميس وغنم ضأن أو معز، أهلية أو وحشية))، أي إن الزكاة تجب في جميع أصناف الإبل والبقر والغنم؛ لأن كل ما شمله الاسم من كل جنس وجبت فيه زكاة ذلك الجنس، فتجب الزكاة في الإبل سواء كانت بخاتي أو كانت عرابًا، والبخاتي هي التي لها سنمان، وهي كما قال عياض غلاظ ذات سنامين، وهي إبل العجم والترك، أما العراب فهي الإبل العربية ذات السنام الواحد، أما البقر فيشمل وجوب الزكاة البقرة المعتادة، والجواميس ولا فرق في ذلك بين بقر أهلي مستأنس أو وحش نافر، وكذلك الغنم تشمل المعاز والضأن أهلية أو وحشية، لكن لا يدخل فيها الظباء؛ لأن الظباء ليست من أصل الغنم، فلا تدخل في زكاة السائمة من الغنم.

قوله –رحمه الله-: ((إذا كانت لدر ونسل، لا لعمل)).

أي: إن مما يشترط لوجوب الزكاة في بهيمة الأنعام من الإبل والبقر والغنم أن تكون معدة للدر أي الحليب، والنسل أي: التكاثر بالولادة فهذا هو الشرط الأول فيما تجب فيه الزكاة من بهيمة الأنعام، ووجه ذلك أنها تكثر منافعها فيطيب نماؤها، فشرع فيها المواساة لوجوب الزكاة فيها لأهل الاستحقاق من الفقراء وغيرهم، هذا هو الشرط الأول من شروط وجوب الزكاة في بهيمة الأنعام.

وقوله –رحمه الله-: لا للعمل، أي إن مما يشترط لوجوب الزكاة في بهيمة الأنعام ألا تكون معدة للعمل كالإبل التي تؤجر، والبقر التي تتخذ للحرث والطحن ونحو ذلك، وتسمى العوامل، فهذه لا تجب فيها الزكاة، ولو كانت سائمة لما جاء في حديث علي رضي الله عنه أن النبي –صلى الله عليه وسلم-قال: "ليس في العوامل شيء" وفي رواية صدقة أخرجه الطبراني (11/40) (10974)، وابن عدي في الكامل في الضعفاء(3/455)، والدارقطني (2/103)، قال ابن حجر: في إسناده سوار بن مصعب وهو ضعيف. الدراية تخريج أحاديث الهداية(1/256).

وقيل: تجب الزكاة فيما أعدت للعمل إذا كان من السائمة، بمعنى أن العمل لا يمنع وجوب الزكاة كالإبل التي تكره، وصفها بهذا صاحب الفروع، ونص الإمام أحمد أنها لا تجب، وبناء هذا على ما ثبت في الحديث "ليس في العوامل شيء"، فمن أثبت الحديث خص عموم النصوص الموجبة للزكاة في بهيمة الأنعام بغير العوامل، ومن ضعف عنده الحديث أعمل العموم، فالذين يرون وجوب الزكاة في العوامل يقولون النصوص عامة، لكن الجواب على هذا العموم ورود الخصوص في الحديث بنفي وجوب الزكاة عن العوامل من بهيمة الأنعام.

قوله –رحمه الله-: ((وكانت سائمة أي: راعية للمباح)) أي: مما يشترط وجوب الزكاة في بهيمة الأنعام أن تكون سائمة، وهي التي ترعى المباح الحول أو أكثره كما سيأتي.

والمقصود بالمباح أي ما يكون في الطلق من حشائش ونحوها، والدليل على اشتراط السوم لوجوب الزكاة في بهيمة الأنعام حديث بهز بن حكيم الذي ذكره الشارح، حيث قال: لحديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: سمعت رسول الله –صلى الله عليه وسلم-يقول: «في كلِّ إبِلٍ سائِمةٍ، في كلِ أربعينَ ابنةُ لَبُونٍ» رواه أحمد والنسائي وأبو داود أخرجه أبو داود (1575)، والنسائي (2444)، وأحمد (20016)، والمستدرك للحاكم(1466) وصححه.  وكذلك قالوا وفي حديث الصديق، يقصد بذلك الكتاب الذي كتبه أبو بكر في فرائض الصدقة.

الحديثان فيهما تقييد الوجوب في السائمة، ففي حديث بهز قال: «في كلِّ إبِلٍ سائِمةٍ»، وفي حديث أبي بكر قال: «الغنمِ في سائمتِها»، وذكر هذا القيد يدل على نفي الوجوب في غيرها؛ لأنها تراد للنسل والدر.

وفي قول: تجب في السائمة وغيرها بمعنى أنه لا يشترط لوجوب الزكاة في بهيمة الأنعام السوم، وهو قول محكي عن مالك، واستدلوا لذلك بالعموم في نحو قوله: في كل خمس من الإبل شاة.

وأجيب عن هذا بأن هذا العموم قد جاء ما يقيده بالسائمة، فدل على أنه لا زكاة في غير السائمة، فالحديث الذي استدلوا به على الوجوب مطلق، فيحمل على المقيد.

وقوله –رحمه الله-: ((الحول أي: السنة أو أكثره))، أي: أن ترعى أكثر السنة، وإنما اعتبر السوم أكثر السنة؛ لأن علف السوائم يقع في السنة كثيرًا، وكونه معتبرًا هو الأكثر؛ لأن الإطعام والعلف العارض لا يقطع الغالب، فاعتبر السوم في غالب السنة، وقيل: بل يعتبر السوم في كل السنة، واستثنوا من ذلك العلف يوم أو يومين، والذي يظهر -والله أعلم-أن العبرة بالأكثر، لأن الأكثر يقوم مقام الكل في كثير من الأحوال، ولأنه لو اعتبر السوم في جميع الحول لامتنع وجوب الزكاة أصلا.

ومما ينبه إليه أنه لا أثر للنية في العلف والسوم، إنما العبرة بالواقع، فلو نفى السوم وعلفها لم تجب الزكاة، ولو نوى العلف فأسامها لم تسقط الزكاة.

إذًا العبرة بالواقع لا بالنية.

وقوله –رحمه الله-: ((ولا تجب في معلوفة، ولا إذا اشترى لها ما تأكله أو جمع لها من المباح ما تأكله)) أي: إن الزكاة لا تجب في المعلوفة وهي التي تطعم وتسقى، ولا ترسل للرعي، وسواء كان إطعامها بأن يشتري لها ما تأكله، أو أن يجمع لها من المباح ما تأكله فلا فرق بين أن يجنيه من المباح ويأتي به لها، أو أن يكون ذلك بالشراء، وذلك أنه في الحالين يفوت وسف السوم الذي أنيط به وجوب الزكاة.

وقيل: تجب الزكاة في المعلوفة، ودليلهم فيما يظهر -والله تعالى أعلم- العموم في الأحاديث التي لم تذكر وصف السوم، وقالوا في ذكر السوم إنه خرج مخرج الغالب، والقاعدة أنه ما خرج مخرج الغالب من الأوصاف والقيود ليس له مفهوم مخالفة، بمعنى أنه لا يفهم من أنها لا تجب في غير السائمة.

والذي يظهر -والله أعلم- أن ذكر السوم مقصود وليس خارجا مخرج الغالب، لأن الناس في بهيمة الأنعام على هذين الحالين، منها ما هو معلوف، ومنها ما هو سائم، فتخصيص الحكم بها دليل على أن الحكم يختص السائمة، ولا يمكن أن يقال: أنه خرج مخرج الغالب، كما ذكرت من أن الناس في بهيمة الأنعام على نحوين، منها ما يسام، ومنها ما يعلف.

  

قوله –رحمه الله-: ((فيجب في خمس وعشرين من الإبل: بنت مخاض إجماعا إلى آخر ما ذكر)) هذا شروع في بيان أنصبة زكاة الإبل، وما يجب فيها.

والمؤلف –رحمه الله-بدأ بالإبل اتباعا لما جاء في كتاب أبي بكر لأنس في فرائض الصدقة، فإنه بدأ بذكر أنصبة الإبل وما يجب فيها، فإذا بلغت الإبل خمسًا وعشرين، فالواجب فيها بنت مخاض، فإذا بلغ عدد الإبل خمسًا وعشرين فالواجب فيها بنت مخاض.

وقال في بيان بنت المخاض قال: هي ما تم له سنة وهذا أول القدر الذي يجب فيه إخراج زكاة الإبل من نوعها من جنسها، وقد ذكر الشارح سبب التسمية ببنت مخاض، وأنها التي حملت أمها، فالمخاض الحامل، بنت المخاض يعني بنت الناقة الحامل، وهذه يكون لها سنة، وليس المراد أن يكون ذلك واقعًا، بأن تكون أمها حاملًا، بل المقصود التعريف بغالب أحوالها، أن الغالب للناقة إذا بلغت سنة أن تحمل أمها أن تكون أمها حاملًا، فعرف بهذا الوصف السن الذي يجب، وهذا من طريقة العرب في تقرير الأشياء في الزمن السابق، يقدرون بما يكون من الأحوال والأعمال، وهذا تقدير بحال، تقدير الزمن بحال.

قوله –رحمه الله-: ((ويجب فيما دونها أي دون خمس وعشرين، لكل خمس شاة إلى آخره)).

أي: إن أول نصاب الإبل الذي تجب فيه الزكاة أن يبلغ عددها خمسًا من الإبل، وهذا بالاتفاق والدليل ما جاء في حديث أبي بكر في فرائض الصدقة حيث قال: «ومَن لَمْ يَكُنْ معهُ إلَّا أرْبَعٌ مِنَ الإبِلِ، فليسَ فِيهَا صَدَقَةٌ»صحيح البخاري(1454) ولما في الصحيحين من حديث أبي هريرة «ليسَ فِيما دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ»صحيح البخاري(1405)، ومسلم(979).

وأما كون الواجب في الخمس من الإبل شاة، فدليله تتمة ما ذكر في حديث فرائض الصدقة حيث قال: «فإذا بَلَغت خَمسًا ففيها شاةٌ»صحيح البخاري(1454).

وقوله –رحمه الله-: ((بصفة الإبل إذا لم تكن معيبة، ففي خمس من الإبل كرام سمان: شاة كريمة سمينة. وإن كانت الإبل معيبة: ففيها شاة صحيحة تنقص قيمتها بقدر نقص الإبل. ولا يجزئ بعير ولا بقرة ولا نصفا شاتين)).

أي: إن الشاة التي تجب في خمسة من الإبل يجب أن تكون بصفة الإبل المزكاة جودة ورداءة، ففي كرام سمان كريمة سمينة، والعكس بالعكس، وهذا لا يعني قبول المعيبة.

ولذلك قال: أما إن كانت الإبل المزكاة معيبة، فإن الواجب فيها شاة صحيحة، وضابط العيب هو ألا يكون فيها ما يمنع الإجزاء في الأضحية، فإذا كانت معيبة عيبًا يمنع الإجزاء في الأضحية، فإنه لا يجوز إخراجها في الزكاة، لقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ[البقرة: 267] فنهى الله تعالى عن قصد الخبيث، وهو في سياق ما نتحدث عنه المعيب من بهيمة الأنعام، وهي التي لا تجزئ في الأضحية، هكذا ذكر الفقهاء -رحمهم الله- قيد المعيبة.

وقوله –رحمه الله-:((وفي العشر شاتان، وفي خمس عشرة ثلاث شياه، وفي عشرين أربع شياه إجماعا في الكل)).

هذا يعني تتمة لبيان الأنصبة، وأنه يبدأ بخمس تجب شاة إلى أن يصل خمسًا وعشرين كما سيأتي.

وقوله –رحمه الله-: ((وإن كانت الإبل معيبة ففيها شاة صحيحة))، أي: لا يجوز إخراج الشاة معيبة وهي التي لا تجزئ في الأضحية عن الإبل المعيبة، لكن يراعى في ذلك نقص قيمتها، لكن الواجب من جنس المال كما سيأتي بيانه وتوضيحه.

ولذلك قال: فيها شاة صحيحة تنقص قيمتها بقدر نقص الإبل، فمثلا لو كانت هذه الإبل الصحاح قيمتها مائة دينار وهي معيبة بلغت سبعين دينارا، فالنقص بنسبة ثلاثين بالمائة، فيشترى شاة صحيحة يكون نقص قيمتها بهذا القدر عن الشاة الوافية الصحيحة.

وقوله –رحمه الله-: ((ولا يجزئ بعير ولا بقرة)) أي لا يجزئ أن يخرج بعيرًا أو بقرة عن الشاة، لأنه عدول عن المنصوص عليه إلى غير جنسه، فلم يجزئه هذا التعديل، ومثله لو أخرج بقرة، ومثله ما لو أخرج نصفي شاتين.

قالوا: العلة في ذلك أنه أخرج نصف شاتين أن فيه تشخيص على الفقراء يلزم منه سوء الشركة التي شرعت الشفعة لدفعها، ولا يقال: إن إخراج البعير والبقرة أكمل في الواجب من الشاة.

ووجه ذلك أن هذه المقادير نص عليها الشارع، وهي مما لا يتوصل إليه بالاجتهاد، فيكون هذا خروج عما وجب بالشرع.

 وهل تجزئ القيمة عن الشاة؟

هذه مسألة من المسائل التي تندرج تحت جواز إخراج القيمة في الزكاة، والمسألة فيها قولان:

الجمهور على أنه لا تجزئ وهو المذهب، فيجب إخراج الزكاة من الجنس الذي وجب شرعا، فإن عدم الشاة قالوا يلزمه أن يشتري شاة يخرجها فيما وجب عليه، ويخرج في العشر من الإبل شاتان، وفي خمسة عشرة بعيرًا ثلاث شياه، وهذا كما ذكر المؤلف إجماعًا لحديث أبي بكر رضي الله تعالى عنه.

ولم يتطرق المؤلف للسن المعتبرة في الشاة، الفقهاء ذكروا أنه تكون مما يجزئ في الأضحية، فتكون ستة أشهر في الضأن، وسنة في المعز، وقالوا في تعليل ذلك أن هذا السنة هو الذي علق به الشارع الحكم فيما يجزئ في الأضاحي والهدايا، فيعتبر في سائر الموارد التي تذكر فيها الشاة في الشريعة يعني ثبت ذلك بالقياس.

قالوا اعتبر فيما يجزئ في الأضاحي والهدي، فيعتبر فيما يجب إخراجه في الزكاة.

قوله –رحمه الله-: ((وفي ست وثلاثين: بنت لبون)): هذا هو القسم الثالث أو المرتبة الثالثة أو النوع الثالث من أنصبة الإبل، الأول ما كان خمس شياه إلى خمس وعشرين.

والثاني: من خمس وعشرين إلى خمس وثلاثين في بنت مخاض.

وفي ست وثلاثين إلى خمس وأربعين بنت لبون وهو ما تم لها سنتان؛ لأنها أمها قد وضعت غالبًا، فهي ذات لبن، والدليل حديث أبي بكر رضي الله تعالى عنه.

وكذلك في ست وأربعين الواجب فيها حقة لحديث الصديق، فإذا بلغت ستًا وأربعين إلى ستين ففيها حقة طرقت الفحل، وبين سبب التسمية بأنها استحقت أن تركب وأن يطرقها الفحل، ويحمل عليها.

وفي إحدى وستين إلى خمس وسبعين: جذعة وهي التي لها أربع سنين، وسميت بذلك لأنها تسقط أسنانها، وهذا أعلى سن يجب فيه الزكاة.

أدنى سن بنت مخاض، وأعلى سن جذعة.

ثم بعد ذلك قال: وفي ست وسبعين بنتا لبون، وفي إحدى وتسعين: حقتان إجماعًا.

كل هذا محل اتفاق وهو منصوص عليه في حديث أبي بكر رضي الله تعالى عنه.

فإن زادت عن مائة وعشرين واحدة: فثلاث بنات لبون لحديث الصدقات الذي كتبه رسول الله –صلى الله عليه وسلم-وكان عند آل عمر، وهو ثاني أهم مورد لإثبات أنصبة زكاة بهيمة الأنعام.

فالمورد الأول حديث أبي بكر وهو أصحها رواه البخاري.

والثاني حديث عمر رضي الله تعالى عنه.

قال الشارح –رحمه الله-: ((رواه أبو داود والترمذي وحسنه)).

والكتاب الذي أشار إليه قال فيه ابن شهاب الزهري: هذه نسخة كتاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم-الذي كتبه في الصدقة وهي عند آل عمر بن الخطاب.

قال ابن شهاب: أقرأنيها سالم بن عبد الله بن عمر، فوعيتها على وجهها وهي التي انتسخ عمر بن عبد العزيز من عبد الله بن عمر، والرسائل من عبد الله بن عمر مضمونة فذكر الحديث، وكان فيه قال: فإذا كانت إحدى وعشرين ومائة ففيها ثلاث بنات لبون حتى تبلغ تسعًا وعشرين ومائة، فإذا كانت ثلاثين ومائة، ففيها بنتا لبون وحقة، لأن في كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة حتى تبلغ تسعًا وثلاثين ومائة، فإذا كانت أربعين ومائة كم فيها؟

ففيها حقتان خمسين خمسين تصير مائة، ويقال: أربعون فيها بنت لبون حتى تبلغ تسعًا وأربعين ومائة، فإذا كانت خمسين ومائة، ففيها ثلاث حقاق، خمسون خمسون خمسون، حتى تبلغ تسعين وخمسين ومائة، فإذا كانت خمسين ومائة ففيها أربع بنات لبون حتى تبلغ ستين ومائة ففيها أربع بنات لبون حتى تبلغ تسعًا وستين ومائة إلى آخر ما ذكر في الكتاب.ينظر شرح فتح القدير للكمال بن الهمام(2/182)

وهذا معنى قوله –رحمه الله-: ثم في كل أربعين بنت لبون وفي خمسين: حقة، ففي مائة وثلاثين: حقة وبنتا لبون، وفي مائة وأربعين: حقتان وبنتا لبون، وفي مائة وخمسين: ثلاث حقاق، وفي مائة وستين: أربع بنات لبون، على نحو ما تقدم قبل قليل في كتاب آل عمر.

وفي مائة وسبعين حقة وثلاث بنات لبون، وهكذا، فإذا بلغت مائتين: خير بين أربع حقاقٍ، وخمس بنات لبون.

هذا بيان أنه تستقر الفريضة بعد ذلك أي: بعد المائة والعشرين على ما تقدم من أنه في كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة، فإذا اتفق الفرضان يعني صلح أن يخرج حقاق وبنات لبون، فإنه في هذه الحال يخير، أخرج أربع حقاق شاة، وخمس بنات لبون إن شاء، وذلك لوجود المقتضي لكل واحد من الفرضين، ويكون في هذا الخيار لمن؟ للمالك؛ للأخبار.

ونص الإمام أحمد على نظيره في زكاة البقر أنه متى اتفق الفرضان في عدد، فإن الخيار في ذلك لصاحب المال، يكون على التخيير.

بعد أن فرغ المؤلف –رحمه الله-من ذكر الأنصبة وما يجب في كل نصاب من الإبل، انتقل إلى ذكر جملة من المسائل المتعلقة بإخراج ما يجب في هذه الأنصبة.

قال: ومن وجبت عليه بنت لبون مثل من؟ مثل من كان عنده مائتان من الإبل، وأراد أن يخرج بنات لبون، أو من كان فرضه بنت لبون.

فمن وجبت عليه بنت لبون مثلا وعدمها أي: ما وجب بنت لبون فيما عنده من الإبل، أو كانت معيبة: لا تجزئ في الأضاحي والهدايا، فله أن يعدل إلى بنت مخاض، وهي أنزل، بنت لبون لها سنتان، وبنت مخاض لها سنة إلا أنه يجب عليه أن يدفع جبرانًا، أي ما يجبر فرق السن أو ينتقل إلى حقة ويأخذه، أي: يأخذ الجبران، والجبران جاء تقديره من النبي –صلى الله عليه وسلم-وهو ما ذكره المؤلف وهو: شاتان أو عشرون درهمًا، واختلف العلماء -رحمهم الله- هل هذا على وجه التعيين أو التقدير في ذلك الزمان؟

والمذهب أن هذا على وجه التعيين، فيجبر الفارق بشاتين أو عشرين درهمًا، ويجزئ.

قال: ويجزئ: شاة وعشرة دراهم.

قال: ويتعين على ولي محجور عليه إخراج أدون مجزئ، يعني يجب عليه أن يخرج أقل المجزئ، لأنه ليس له أن يتصرف في ذلك إلا بالأرفق والأحسن لصاحب المال، فليس له أن يزيد.

قال –رحمه الله-: ((ولا دخل لجبران في غير إبل)) أي: لا يدخل جبران في غير الإبل لأن النص إنما ورد في الإبل، فيلحق بها غيرها، ولأن الغنم على سبيل المثال لا تختلف فريضتها باختلاف سنها، بخلاف الإبل.

قالوا: والبقر وإن كان يختلف لكن ليس الفرق بينها كما هو الفرق بين الإبل.

ولهذا لا مدخل للجبران في غير الإبل. بارك الله فيكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق