قوله رحمه الله: "والشرط" أي: الخيار الذي سببه اشتراط أحد المتعاقدين شرطًا في العقد؛ بأن يبيع أحدهما الآخر شيئًا، ويشترط عليه مهلةً في إمضاء العقد أو رده؛ ولذلك قال في الحديث: «أَوْ يُخَيِّر أَحَدُهُمَا الْآخَرَ»البخاري (2112)، ومسلم (1531) أي: يمنح أحدهما الآخر خيارًا مدةً من الزمن.
قوله رحمه الله: "مدةً معلومة" وهذا مما اشترطه أكثر الفقهاء في خيار الشرط؛ أن يكون مدةً معلومة، لا يكون مجهولًا؛ لأن جهالته تفضي إلى المنازعة.
قوله رحمه الله: "ولو طالت"أي: ولو كانت المدة طويلة؛ كأن يخيره شهرًا أو يخيره سنةً ما دام أن العين باقية؛ كأن يبيعه أرضًا مثلًا ويقول: لك الخيار سنة، متى ما أردت رد السلعة فلك الحق.
الآن كثير من السلع يشترط فيها الخيار، بمنح المشتري خيار الرد خلال مدة معينة بشروط معينة، أو ما أشبه ذلك من الشروط التي تُقيَّد بها العقود، فكل هذا يندرج فيما يُعرَف بخيار الشرط.
قوله رحمه الله: "الغبن"، هذا هو النوع الثالث من الخيار: خيار الغبن، والمقصود بالغبن الخداع، وعرف بأنه المكس، سواء أكان بخداع أم بغيره. فقوله: "والغبن" أي: ومن الخيار الثابت لأحد المتعاقدين أن ينقص في العقد أو أن يخدع في العقد.
قوله رحمه الله: "في النجش والمسترسل والتلقي"؛ وهذا ما عليه الفقهاء من حصر صور الغبن في هذه الصور الثلاث:
الصورة الأولى: النجش، وهو زيادة ثمن السلعة ممن لا يرغب شراءها، إنما يريد رفع الثمن على المشتري، وهذا من الغبن، فإذا تبين أن في العقد زيادة في الثمن على هذا النحو لأجل مجرد رفع السعر ورفع ثمن المبيع، دون رغبة حقيقية في الشراء، فللمشتري الخيار، أو لمن تضرر الخيار.
الصورة الثانية: المسترسل؛ وهو من يجهل القيمة ولا يحسن أن يماكس، هذا تعريف المسترسل، وسُمي مسترسلًا؛ لأنه يمضي مع ما يقال له من ثمن دون تمييز، فلا يعرف أثمان السلع، ولا يعرف المماكسة، والمماكسة هي طلب نقص الثمن، استنقاص الثمن، ويسميه الناس مكاسرة، (ما يعرف يكاسر)، يأتي يقول: كم هذا؟ يقول: ألف ريـال، وقد يكون بمائة ريـال، فهو يجهل الأثمان، والثاني لا يحسن أن يماكس، وسواء كان هذا أو هذا فهو مندرج في المسترسل، إذا بيع بثمن أعلى من الثمن الذي تباع به هذه السلعة عادةً.
الصورة الثالثة: التلقي، والمقصود به أن يخرج من البلد ليتلقى الجالبين إليه، فيشتري منهم قبل أن ينزلوا السوق، ومن المعلوم أن هذا التلقي سوف يكون مؤثرًا في السعر؛ لأن القادم لن يبيع بسعر السوق إذا دخل، كما أنه قد يخفى عليه سعر الشيء في السوق، وبالتالي يدخله الغبن؛ ولهذا جاء في الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم: «لَا تَلَقَّوُا الْجَلَبَ، فَمَنْ تَلَقَّاهُ فَاشْتَرَى مِنْهُ، فَإِذَا أَتَى سَيِّدُهُ السُّوقَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ، أَوْ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ؛ إِنْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَ الْعَقْدَ وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُحِلَّهُ»مسلم (1519) بنحوه.
قوله رحمه الله: "والعيب"، هذا هو النوع الرابع؛ وهو خيار العيب، وهو فيما إذا حصل في المبيع نقص ينقص القيمة.
فإن قيل: ما هو ضابط العيب؟
فالجواب: هو كل ما تنقص به قيمة المبيع؛ فإذا تبين أن في المبيع ما ينقص قيمته ولم يفطن له المشتري، ولم يخبر به البائع؛ فإن للمشتري الخيار في فسخ العقد وإمضائه.
قوله رحمه الله: "بكل نقص"، لكن يشترط في هذا أن يكون النقص قائمًا وقت العقد، أما ما حدث من نقص بعد العقد فإنه مضمون على من دخل ذلك في ملكه.