قوله رحمه الله: "موصوفًا"، هذا هو الشرط الثاني؛ أي: لا يكون المبيع معينًا، فلا يقول: بعتك هذا على أن أسلمك إياه بعد شهر، هنا المبيع معين، عين بالإشارة، قلت: بعتك هذا، أو بالتسمية؛ كأن يقول: بعتك بيتي الذي أسكنه، أو بيتي الذي في المكان الفلاني، فهنا قد عين، وليس موصوفًا، لكن بعتك بيتًا صفاته كذا أو بعتك سيارة صفاتها كذا أو بعتك سلعة صفاتها كذا وكذا، هنا البيع موصوف؛ لأنك لا تطلب من البائع شيئًا معينًا، إنما تطلب منه شيئًا موصوفًا، كيفما جاء به قد تحققت صفاته، فإنك يلزمك البيع.

قوله رحمه الله: "مؤجلًا إلى مدة معلومة" هذا هو الشرط الثالث من الشروط التي ذكرها؛ أي: لا يصح السلم حالًّا، وهذا مذهب الجمهور، بل لا بد أن يكون ثمة أجل، أي: تأجيل في قبض المسلم شهرًا، شهرين، ثلاثةً، سنةً، سنتين، فلا يصح السلم حالًّا؛ ودليل هذا قوله: «فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» البخاري (2240)، ومسلم (1604) .

قوله رحمه الله: "يوجد المسلم فيها في محله"، أي: يوجد المعقود عليه، وقت حلوله في الزمن الذي يحل فيه الأجل، فمثلًا إذا أسلم في رطب في الشتاء فإنه في العادة لا يوجد الرطب في الشتاء، فيكون المسلم فيه لا يوجد في محله غالبًا، هذا في الزمن السابق، لكن اليوم وسائل الحفظ والادخار كثيرة، ويوجد الرطب في الشتاء مخزنًا أو مدخرًا أو محفوظًا، فالمقصود أنه يشترط وجود المسلم فيه؛ أي: المبيع، في محله؛ أي: عند حلول أجله.

قال: "وقبض رأس ماله" أي: قبض رأس مال السلم في المجلس، والمقصود هو الثمن. عندنا في عقد البيع ثمن ومثمن؛ الثمن في السلم يسمى رأس مال السلم، والمثمن في السلم يسمى المسلم فيه وهو المبيع.

قوله رحمه الله: "في المجلس" أي: يشترط أن يقبض رأس مال السلم في المجلس، بمعنى أن يدفع الثمن في المجلس، وهذا معنى قولنا في تعريف السلم: تعجيل الثمن في مجلس العقد، وتأخير المثمن إلى أجل.

هذا ما ذكره المؤلف رحمه الله من الشروط، وزادوا أن يسلم في الذمة، أي: لا يصح السلم في الأعيان، وهذا قد يفهم من قوله: "موصوفًا" لاحتمال تلف العين، ولذلك كان السلم في الموصوف وليس في العين، وهو في الذمة وليس معينًا.