فروع الفقه لابن عبدالهادي

من 1439-06-03 وحتى 1440-01-30
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 1883

التاريخ : 2017-04-20 06:57:09


قوله رحمه الله: "السادس: القرض" هذا هو القسم السادس من أقسام المعاملات.

والقرض هو بذل مال لمن ينتفع به ويرد بدله، هذا تعريف القرض. ففُهم أنه تمليك مال لمن ينتفع به، ثم إذا طُلب به لزمه أن يرد بدله، والبدل إما أن يكون مثليًّا، وإما أن يكون قيميًّا، فالأبدال نوعان.

يقول المؤلف رحمه الله في حكمه: "مندوب" أي: ندبت إليه الشريعة؛ وذلك أنه من الإحسان، وقد جاءت أحاديث عديدة في الحث عليه وبيان فضله.

قال: "في كل ما صح السلم فيه بغير زيادة ولا شرطها"، قيَّد المؤلف - رحمه الله - القرض بما يصح السلم فيه، فتقييده صحة القرض في كل عين يصح السلم فيها هو أحد القولين في المذهب؛ وذلك أن العلماء لهم فيما يقرض قولان:

القول الأول: هو قصر القرض على ما يصح السلم فيه، وهو الكيل، وهو ما يمكن ضبط صفاته بكيل أو وزن أو ذرع ونحو ذلك؛ لأنه يطلب أن يرد مثله، والمثلية لا تتحقق إلا بما تنضبط صفاته بكيل أو وزن، هذا ما مشى عليه المؤلف وهو أحد الوجهين في المذهب.

القول الثاني: أن القرض يصح في كل عين يصح بيعها، فلا يقتصر فقط على ما يصح السلم فيه، بل كل ما صح بيعه يصح إقراضه، سواء كان مَكيلًا أو موزونًا أو غير مكيل ولا موزون.

فهذا القول يقولون: إذا رد فالواجب أن يرد المثل في المثليات، والقيمة في القيميات، هذا الفرق بين القولين.

ما مشى عليه المؤلف - رحمه الله - من أنه في كل ما صح السلم فيه؛ فالواجب في الرد هنا المثلي فقط؛ لأنه قيده بما صح السلم فيه.

وأما على القول الثاني، وهو الصحيح، أن القرض يكون في كل ما يصح بيعه، فإن الحكم هنا لا يختص ما صح السلم فيه، بل هو أعم من ذلك، فيشمل كل ما يصح بيعه من مثلي ومتقوم.

  

قوله رحمه الله:"بغير زيادة، ولا شرطها" أي: يُندب شريطة ألا تشترط فيه الزيادة، فإن اشترطت فيه الزيادة كان ذلك محرمًا، وهو من كبائر الإثم وعظائم الذنوب، فهو الربا الذي حرمه الله ورسوله في الكتاب والسنة، وهو ربا الجاهلية الذي قال فيه الله جلَّ وعلا ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾ البقرة: 276، وقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً﴾ آل عمران: 130.

فقوله: "ولا شرطها" أي: ولا يجوز شرط الزيادة. ويفهم من كلامه أن الزيادة لا تخلو من حالين:

الحال الأولى: أن تكون مشروطة في العقد أو عند الوفاء للتأجيل.

الحال الثانية: أن تكون ممنوحة بلا شرط.

فقوله رحمه الله: "بغير زيادة ولا شرطها" يشمل كل الصور، فلا يحل للمقترض أن يزيد في القرض شيئًا، سواء كان مشروطًا أو غير مشروط، وهذا ما ذهب إليه جمهور العلماء.

والقول الثاني: أن الزيادة إن كانت مشروطة في العقد أو مطلوبة للتأجيل عند حلول الأجل فإنها لا تجوز، وهي من الربا المحرم، أما إذا كانت الزيادة ممنوحة من غير شرط، فهذا لا بأس به، وإليه ذهب الإمام الشافعي رحمه الله، وعد ذلك من حسن القضاء. ودليله ما في حديث أبي رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم استسلف بكرًا، فلما قضاه أمر أبا رافع أن يقضي الرجل، فقال: لم أجد إلا خيارًا رباعيًّا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أَعْطِهِ إِيَّاهُ؛ فَإِنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً» مسلم (1600)

فكانت الزيادة هنا في الصفة؛ أقرها النبي صلى الله عليه وسلم ولم تكن مشروطة؛ فدل ذلك على أن الزيادة في القرض من غير شرط لا بأس بها، أما إذا كانت مشروطة في أصل العقد أو مشروطة عند الوفاء إذا كان هناك تأجيل فإن ذلك محرم.

قوله رحمه الله: "ويرد مثله"، أي: يلزمه أن يرد مثله؛ لأن الواجب في القرض رد المثل في المثليات.

قوله رحمه الله: "وإن زاد من غير شرط قدرًا أو جودة جاز"؛ المؤلف هنا أوضح العبارة السابقة في قوله رحمه الله: "بغير زيادة" حيث فهمنا منها كما ذكرت قبل قليل أن المؤلف يرى تحريم الزيادة مطلقًا، سواء كانت مشروطة أو غير مشروطة، لكن زال هذا الفهم بـ:

قوله رحمه الله: "وإن زاد من غير شرط قدرًا" أي: كمية "أو جودة" أي: صفة "جاز"، فدل هذا على أن المؤلف جارٍ في هذه المسألة على ما ذهب إليه الإمام الشافعي رحمه الله؛ وهو رواية في مذهب أحمد؛ أنه لا حرج في الزيادة في القدر والجودة إذا لم تكن مشروطة.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق