فروع الفقه لابن عبدالهادي

من 1439-06-03 وحتى 1440-01-30
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 2122

التاريخ : 2017-05-02 02:15:46

طباعة الصفحة   

ثم قال رحمه الله: "الحادي عشر: أخذ الأموال بغير عِوض أقسام:

أحدها: العارية في كل عين يُنتفع بها مع بقائها ويردها، ويضمن عينها وأجزاءها بالتلف.

الثاني: الوديعة عند المستودَع أمانةٌ لا ضمان عليه فيها من غير تعدّ.

الثالث: الغصْب، كل من غصب مالًا محترمًا ممن حرم عليه قتله، أو كان منتقلًا إلى من حرم عليه قتله، وجب عليه ردّه، وضمنه بالتلف، وكذلك يضمن أجزاءه إذا لم يكن محرمًا.

الرابع: المال الملتَقط إما آدميًّا أو مالًا غيره.

أما الآدمي فهو الطفل المنبوذ فقط، ويُنفق عليه مما وجد معه، وإلا فمن بيت المال.

وهو حر مسلم ما لم يكن في بلد كفار لا مسلم فيها.

والمال ثلاثة أقسام:

ما لا يتبعه همة أوساط الناس، يملكه بالتقاطه، وينتفع به إلى أن يوجد ربه، ولا يعرّف.

وما يمتنع من صغار السباع يحرم التقاطه.

وسائر المال غيرهما يُلتقط ويعرَّف سنة، ويملك بعدها.

الخامس: الهبة والعطية، يُملك بالقبض ويحرم الرجوع فيها.

السادس: المأخوذ من الزكاة.

السابع: المأخوذ من مال الغنيمة.

الثامن: الرشوة للقاضي والحاكم، وهي محرمة.

التاسع: الهدية، وهي مباحة لغير الحاكم إذا لم يكن له من المهدي عادة.

العاشر: أرض الموات مملوكة لمن أحياها".

هذا القسم الحادي عشر، قال فيه المصنف رحمه الله: "أخذ الأموال بغير عِوض أقسام". ما تقدم من المسائل والأقسام في المعاملات كلها أخْذ المال فيها بمقابل، وهو العِوض، سواء كان بيعًا، أو كان سلمًا، أو كان إجارةً، أو كان شركةً، فثمة عِوض، ولذلك تسمى تلك الأبواب أبواب المعاوضة؛ لأن ثمة عِوضًا من الطرفين.

هذا القسم ذَكَرَ فيه المؤلف رحمه الله صور أخْذ الأموال من غير عِوض، يعني من دون مقابل، وذكر تحت هذا العنوان عشرين قسمًا، منها ما هو مباح، ومنها ما هو محرَّم، فليست كل هذه الأقسام مباحة، والجامع لصور الإباحة في أخذ الأموال بغير عِوض طيب نفس صاحبها بها، فلا يحل مال امرئٍ مسلمٍ إلا بطيب نفسٍ منه.

قرأنا عشرة أقسام من أخذ الأموال بغير عوض وسنستكمل، نقرأ العشرة الأولى.

    

قال رحمه الله: "أحدها العارية" وبدأ بها لأن الأخذ فيها ليس أخذًا مطلقًا، بل هو أخذ مقيّد؛ لأن العارية بذل عين لمن يَنتفع بها ويردّها، فهو ليس أخذًا مطلقًا، بل هو أخذ مقيد، أخذٌ للانتفاع مدةً أو زمنًا ثم ردّ ذلك بعد الأمَد والزمن الذي طلب.

قوله رحمه الله: "العارية"، قال: "في كل عين يُنتفَع بها مع بقائها"، أي: تقع العارية في كل عين، فخرجت المنافع، فإنه لا عارية في المنافع، إنما العارية في الأعيان لاستيفاء المنفعة منها.

قال رحمه الله: "في كل عين يُنتفع بها مع بقائها" أي: بقاء العين، فإن كانت العين تُستهلك فإنها لا تكون عاريةً، فمثلًا مَن أعار خبزًا لغيره لينتفع به فإنه لن ينتفع به إلا باستهلاكه، فلذلك لا يتحقق في هذا وصف ما ذكر المؤلف في العارية من أنها كل عين يُنتفع بها مع بقائها.

قوله رحمه الله: "ويردّها" أي: إلى مالكها.

قوله رحمه الله: "ويضمن عينها وأجزاءها بالتلف" يعني يضمن المستعير عين العارية، وجميع أجزائها بسبب ما يحصل من تلف.

وقوله رحمه الله: "بالتلف" أطلق المؤلف ذلك ولم يقيّده بالتعدي والتفريط، ففُهم من ذلك أنه يرى ضمان العارية على المستعير مطلقًا، سواء كان قد فرّط وتعدّى أو لم يتعدَّ ولم يفرّط، وهذا هو أحد القولين في المسألة، وهو المذهب؛ أن العواري مضمونة على أصحابها. والقول الثاني: أن العارية لا تُضمن إلا بالتعدّي والتفريط.

فقوله رحمه الله: "ويضمن عينها وأجزاءها بالتلف" إذا تعدّى، هذا القول الثاني تقييد ذلك بالتعدي.

المؤلف جرى على ما هو عليه المذهب، وعليه جماعة من الفقهاء؛ أن العارية مضمونة مطلقًا، والقول الثاني أن العارية لا تضمن إلا بتعدٍّ أو تفريط، وهذا القول أقرب إلى الصواب، وهو أن العارية لا تُضمن إلا بتعدٍّ أو تفريط؛ وذلك أن العارية انتقلت إلى يد المستعير بإذنٍ من صاحبها، والقاعدة أن يد الأمانة لا ضمان عليها إلا في حال التعدّي والتفريط، ويد المستعير يد أمينة؛ لأن الضابط والقاعدة في اليد الأمينة هي اليد التي صار إليها المال بإذن من صاحبها أو بإذن من الشارع.

العارية صارت إلى يد المستعير بإذن من صاحبها، فتكون يده أمينة، يدًا أمينة، واليد الأمينة لا تضمن إلّا في حال التعدي والتفريط.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق