ثم قال رحمه الله: "الرابع: المال الْمُلتَقَط" أي: المال المكتسب بالالتقاط، وذَكَرَ فيه شيئين؛ قال: "إما آدميًّا أو مالًا غيره"، والحقيقة أن في قوله: "إما آدميًّا" نظر؛ فإن الآدمي لا يُوصف بأنه مال؛ إذ الأصل في الآدميين الحرية، ولا خلاف بين العلماء في ذلك ما لم يقرّ الملتَقَط بأنه رقيق فإنه مال حينئذ، لكن لا يصح أن يُقال: "المال الملتَقَط إما آدميًّا أو مالًا غيره".
قوله رحمه الله: "أما الآدمي فهو الطفل المنبوذ" يعني إذا وجد لقيط وهو طفل منبوذ لا يعرف أصله ولا نسبه ولا حرّيته ولا رقّه فهذا يُسمى لقيطًا، لكن لا يُوصف بأنه مال.
فقوله رحمه الله: "فهو الطفل المنبوذ فقط، وينفق عليه مما وُجد معه، وإلا فمن بيت المال" هذا بيان مَن الذي تلزمه نفقة هذا الملتَقَط، تلزم بيت المال، فإذا كان بيت المال غير منتظم فإنها تلزم مَن وجده ومن علم بحاله من القادرين من أهل الإسلام.
قوله رحمه الله: "وهو حر مسلم" أي: هذا الحكم ثابت في حقه أنه يُحكم بحرّيته ويُحكم بإسلامه، فليس رقيقًا ولا كافرًا، بل يُحكم بحرّيته؛ لأن الأصل في بني آدم الحرّية، ويُحكم بإسلامه لأنه الأصل في بلاد الإسلام، ولأن الإسلام هو مقتضى الفطرة؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ». قال: "ما لم يكن في بلد الكفار لا مسلم فيها"، فيُحكم هنا بحال الدار من أنه كافر.
