تقدَّم قبل قليل أن أُصول المُفطِّرات ثلاثة، وقد ذكرها الله في كتابه وجاءت في السنَّة، أما في الكتاب فقولُه: ﴿فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ البقرة: 187.

فذكر الله الْمُباشرة قال: ﴿فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ﴾، قال: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا﴾، هذه ثلاثة مُفطِّرات بالاتفاق، لا خلاف بين العُلماء أنها مُفطِّرات، «يَدَعُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي»، والشهوة المقصود بها إجماعًا: الجماع. وما دون ذلك محل خلاف، جمهور العلماء على أن أي استفراغ للشهوة باختيار الإنسان فإنه يفطر. هذا ما يتَّصل بأصول المُفطِّرات وما يلتحق بها.

الحيض أيضًا مما يُلحق أيضا بالمُفطرات بالاتفاق، ومثله النِّفاس، القيء ذكر بعضهم الإجماع على أنه إذا أخرج ما في جوفِه باختياره فإنه يُفطر، وإن كان خروج ما في الجوف من غير اختيار، يعني من غير إرادة ولا طلب، إنما ذَرعه، خرج من غير اختيار، فإنه لا يُفطر، وحكى الإجماع عليه جماعة من أهل العلم.

هذِه خمس مُفطرات متفق عليها، أو يشبه أن يكون الاتفاق انعقد عليها، الأكل والشرب والجماع، وهذه من أُصول المُفطرات في الكتاب والسنة، والحيض يلحق بها، ألحقته السنة، ومثله النفاس، خروج القيء باختيار، وهذا حكى بعضهم الإجماع عليه، والأصل فيه السنة؛ حديث أبي هريرة: «مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ، فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَمَنِ اسْتَقَاءَ فَلْيَقْضِ».

هذه خمسة مُفطرات مُتفق عليها، ما عداها من المُفطرات فيه خلاف، والأصل في كل مُفطر أن يقوم الدليل على أنه مُفطر، لو قال قائل: شَمُّ الهواء مُفطر نقُول له: أين الدليل؟ لو قال قائل: لُبس الثياب الفُلانية مُفطر، العمل الفُلاني مُفطر، يحتاج إلى دليل، استعمال السواك مُفطر، نحتاج إلى دليل، أي شيء ما عدا المذكورات الخمس يحتاج إلى إقامة دليل على صحة الفِطر به؛ لأن الأصل في المُفطرات أنها توقيفية، يعني لا بد فيها من دليل، لا بد فيها من نص من الكتاب أو من السنة، وإلا فإنه لا يُفطر.