الموجز في أحكام الحج والعمرة

من 0000-00-00 وحتى 0000-00-00
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 108113

التاريخ : 2017-08-10 08:50:49


"ثالثًا: صفة الحج المبرور: تنوعت كلمات العلماء في بيان وصف الحج المبرور، وجماع ذلك في خمس صفات: الأولى: أن يكون الحج لله خالصًا.

الثانية: أن يكون الحج وفق هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو القدوة والأسوة.  الثالثة: أن يأتي في الحج بالفرائض والواجبات سواءٌ ما كان منها متعلقًا بالحج كالإحرام من الميقات للآفاق، أم ما كان منها عامًّا كأداء الصلاة.

الرابعة: أن يجتنب في الحج المحرمات سواءٌ منها ما كان متعلقًا بالحج كمحظورات الإحرام، أم ما كان منها عامًّا كالغيبة والنظر المحرم، وأذية الخلق.

الخامسة: أن يكون الحج من مالٍ حلالٍ طيب".

هذه خمس صفات يتحقق بها للمؤمن ما يُؤمِّلُه من بِرِّ الحج الذي قال فيه النبي -صلى الله عليه وسلم-: «وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةَ» أخرجه البخاري (1773)، ومسلم (1349) فما هو الوصف الذي يتحقق به بِرُّ الحج؟

إذا تأملت كلمات العلماء -رحمهم الله- في أوصاف الحج المبرور وجدتها تدور على تحقيق خمس صفاتٍ في الحج؛ فقيل في وصف الحج المبرور: الذي لا يُخالطه شيءٌ من المأثم، وقيل في الحج المبرور: المُتَقَبَّل، وقيل في الحج المبرور: الحج الذي لا رياء فيه، ولا سُمعة. وقيل غير ذلك من الأقوال في بيان وصف الحج المبرور.

إلا أن تفصيل ذلك يُمكن أن يكون بالنظر إلى خمس صفات من حققها فاز بالحج المبرور.

  

أول ذلك أن يكون عمله لله خالصًا، فإنه لا يتحقق الحج المبرور إلا بالإخلاص. دليل ذلك: أن الله -عز وجل- عندما فرض الحج ذَكَر المقصود أولًا، مَنِ المقصود بالحج؟ الله، ولذلك قال: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِآل عمران:97، فذكر المقصود بالعمل قبل ذكر العمل، ذكر المقصود بالعمل وهو الله قبل ذكر العمل؛ لأجل أن يستحضر الحاج والعامل أنه لن يُدرِك الأجر والثواب إلا بحُسْن القصد؛ بقصد الله -عز وجل- وإخلاص العمل له، هذا الشرط الأول، وهو شرطٌ في كل العبادات، وبه تتفاوت مراتب الأعمال؛ فتفاوت مراتب الأعمال في الأجر والثواب يرجع إلى ما يقوم في قلوب الخلق من تمام الإخلاص لله عز وجل؛ فبقدر الإخلاص ينال العبد من الأجر والثواب من الله عز وجل.

  

أما الوصف الثاني الذي يتحقق به بر الحج: أن يكون على وفق هدي النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-؛ فإن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ» أخرجه مسلم (1297) وأمر -صلى الله عليه وسلم- بالتلقي عنه، فمن فاز بمتابعته في عمله، واقتفى أثره -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- نال الأجر والمثوبة المأمولة التي تترتب على هذه الأعمال من مغفرة الذنوب، وإدراك الجنة؛ فإن الحج المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنة، ولا يكون مبرورًا إلا أن يكون على وفق هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَالأحزاب:21.

  

أما الوصف الثالث من الأوصاف التي يحصُل بها بِرُّ الحج: أن يأتي الحاج بما فرض الله تعالى عليه من الفرائض والواجبات العامة على وجه العموم؛ كأداء الصلوات ونحو ذلك، أو الخاصة المتعلقة بالحج من أركانه، وواجباته، وشروطه، وما طلبه الله تعالى من المؤمن فيه، فهذا يتحقق به الحج المبرور أن يأتي بالواجبات.

  

ومما يتحقق به وصف الحج المبرور أيضًا أن يجتنب الحاج المحرمات، وهذا هو الرابع من الأوصاف أن يجتنب المحرمات، سواءٌ كان ذلك في المحرمات العامة التي حرَّمها الله تعالى على المؤمن؛ كالغيبة، والنميمة، والكذب، وسيئ القول، والحسد، والعُجب، وما إلى ذلك من السيئات العامة أو كان ذلك مما يتعلق بالسيئات المتعلقة بالحج، الخاصة بالحج؛ كأن يقع في شيء من محظورات الإحرام، فإن ذلك مما يُفوِّت عليه وصف الحج المبرور إذا كان عالمًا ذاكرًا، مختارًا؛ فإنه يناله من المُؤاخذة ما يناله، ويفوته وصف الحج المبرور.

دليل هذا: أن الله -عز وجل- قال: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّالبقرة:197،، قال: ﴿فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَالبقرة:197، فهذا نهيٌ عن هذين العملين، والجدال في الحج هذا هو العمل الثالث، وهذه يدور عليها ما ينبغي أن يتحلى به الحاج من الخِصال؛ وهو السلامة من الرفث، والسلامة من الفسوق.

والفسوق يحصل بواحد من أمرين؛ إما بترك واجب، وإما بفعل محرم، وهذا دليل الوصف الثالث، والوصف الرابع من أوصاف الحج المبرور. وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» أخرجه البخاري (1820)، ومسلم (1350) .

  

أما الوصف الخامس من أوصاف الحج المبرور: أن يكون بمالٍ حلال، أن يكون حجه من مالٍ طيبٍ حلال، ودليل ذلك: «إنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا» أخرجه مسلم (1015) . وقد قال الله تعالى: ﴿وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌالبقرة:267؛ فأمر الله تعالى المؤمنين بالإنفاق من الطيب، وأخبر أنه طيبٌ لا يقبل إلا طيبًا، فينبغي أن يُطيِّب الحاج نفقته بأن يكون حجه من مالٍ حلالٍ طيب، فإن ذلك يُحقق له وصف الحج المبرور.

إذًا خُلاصة ما تقدم من أوصافٍ؛ أن الحج المبرور يتحقق بأمورٍ خمسة؛ الأول: الإخلاص لله، الثاني: المتابعة للنبي - صلى الله عليه وسلم-، الثالث: فعل الواجبات عمومًا وخصوصًا، الرابع: ترك المحرمات عمومًا وخصوصًا، الخامس مما يتحقق به وصف الحج المبرور: أن يكون من مالٍ حلالٍ طيب.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق