الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، حمدًا يرضيه ملء السماء والأرض، وملء ما شاء من شيء بعد، وأشهد أن لا إله إلا الله إله الأولين والأخريين رب العالمين لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، وأشد أن محمد ا عبد الله ورسوله خيرته من خلقه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن اتبع سنته واقتفى آثره بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد، فإن الله -عز وجل- بعث محمدا صلوات ربي وسلامه عليه بالهدى ودين الحق، بعثه بالعلم النافع والعمل الصالح.
وكان قد بعث الله تعالى قبله رسلًا به معرفين، وإليه داعين، فجميع الرسل -صلوات الله وسلامه عليهم- من لدن نوح إلى خاتمهم محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كانوا يدعون الخلق إلى عباده الله وحده لا شريك له، وكانوا يعرفون الخلق بالله -عز وجل- يبينون لهم الرب الذي خلقهم، يبينون صفاته، وأسمائه، وجميل أفعاله؛ ليعرفوا ذاك الرب الذي ركزت في الفطر محبته فإن الله تعالى فطر الناس على محبة الله -جل وعلا- ، وعلى فطرة الله التي فطر الناس عليها، لا مبدل لخلق الله ، «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه».
بعث الله تعالى الرسل؛ ليعرفوا الرب بمزيد تعريف على ما في فطر الناس، وما ركز الله تعالى عليه أفئدتهم من طلب رب يعبدونه ويحبونه، ويتقربون إليه؛ فجاءت الرسل تعرف بالله، بأسمائه وصفاته، وتلفت النظر إلى بديع صنعه مما بثه -جل وعلا- في السماء والأرض من الآيات الدالة على عظمته، وجلاله سبحانه وبحمده .
وإن من أنفع الكتب المتعلقة ببان ما لله من الكمالات في أسمائه وصفاته، ما كتبه شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية -رحمه الله- في كتابه (العقيدة الواسطية) فإنه متن مختصر، ستلاحظ إذا استمعت إليه أو اطلعت عليه أنه مليء بذكر الآيات، مليء بذكر الأحاديث النبوية الصحيحة التي تضمنت التعريف بالله، ثم بعد ذلك عاد بعد ذكر النصوص من الكتاب والسنة للإشارة إلى مضامين ما اشتملت عليه تلك النصوص من آيات الكتاب الحكيم، ومن أحاديث الرسول الكريم -صلوات الله وسلامه عليه- المعرفة بالله.
فجدير بنا أيها الأخوة أن نعتني بكل المؤلفات على شتى صنوفها التي تحتفي بكلام الله وكلام رسوله، وتبين ذلك على نحو ما كان عليه الأئمة ، وجرى عليه سلف الأمة.
نقرأ إن شاء الله تعالى في هذا المجلس ما يسر الله تعالى من تلك الكلمات التي تضمنها بيان شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- لعقيدة أهل السنة والجماعة في العقيدة الواسطية.
