شرح العقيدة الواسطية

من 1439-02-06 وحتى 1440-12-06
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 1589

التاريخ : 2017-11-05 12:15:30


"الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق"

قوله -رحمه الله-: "الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق"

أفتتح المؤلف -رحمه الله- بعد البسملة هذه الرسالة بحمد الله وليس ثمة من يستحق الحمد على وجه الكمال كما يستحقه المحمود العظيم الحميد المجيد سبحانه وبحمده، فله الحمد كله أوله وآخره، له الحمد في الدنيا والآخرة.

والحمد: هو ذكر المحمود بصفات الكمال محبة وتعظيما، هكذا يعرف العلماء الحمد، ذكر المحمود بصفات الكمال؛ ولهذا يذكر الله تعالى بعد الحمد في موارد ذكر الحمد في الكتاب من الصفات، والأسماء،  والأفعال ما يبين بعض موجبات حمده.

"الحمد لله رب العالمين"  فهو محمود لأنه الإله، وهو محمود لأنه رب العالمين، وهو محمود لأنه الرحمن الرحيم، وهو محمود لأنه مالك يوم الدين، وكذلك ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ الأنعام: 1  فهو محمود لبديع صنعه جل في علاه .

﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا الكهف: 1 ، ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ فاطر: 1 .

فبعد الحمد يذكر الله أسمائه، أو يذكر صفاته، أو يذكر أفعاله المتعلقة بالدين، أو المتعلقة بالخلق.

 المتعلقة بالدين كقوله: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ  الكهف: 1 .

والمتعلقة بالخلق والكون: كقوله تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ الأنعام: 1 .

وهكذا في موارد الحمد تدور على هذه الأنحاء.

والحمد مما يحبه الله -عز وجل- ويرضى به على العبد، فإنه قد جاء في الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم قال-: «إن الله ليرضى عن العبد يشرب الشربة فيحمده عليها ويأكل الأكلة فيحمده عليها ».

فالحمد من موجبات رضى الله-عز وجل- فجدير بالمؤمن أن يعمل لسانه بحمد الله قائمًا وقاعدًا، وعلى جنب وفي كل الأحوال والأحيان.

والحمد يكون لأجل النعمة، ويكون لأجل كمال المنعم، فيحمد -جل في علاه- لكمال صفاته، ويحمد لجميل ما يوصله إلى العبد من نعمائه -سبحانه وبحمده-، كل ذلك من موجبات حمده -جل في علاه-.

المؤلف لما كانت رسالته وما يكتبه يتعلق بالاعتقاد والعمل أشار إلى مصدر تلقي العقائد، ومصدر تلقي الأعمال فقال: "الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق"

 فمعنى هذا أن مصدر كل هداية في اعتقاد، ومصدر كل صلاح في عمل إنما هو ما جاء به سيد الورى -صلى الله عليه وسلم-.

 وهذا من بديع الاستهلال أن المؤلف بدأ رسالته بذكر هذا الفعل الإلهي وهو أرساله الرسول الكريم -صلوات الله وسلامه عليه- بهذين النورين النور الاعتقادي العلمي، والنور العملي وذلك بما شرعه من الأحكام، وبما أمر به -جل وعلا- من الشرائع والدين.

وقد ذكر الله تعالى هذا الذي ذكره المؤلف -رحمه الله- في مواضع من كتابه حيث قال جل وعلا: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ الصف: 9 ، فالله عز وجل أرسل- محمد صلى الله عليه وسلم- بالهدى، ودين الحق.

 والهدى: هو العلم النافع.

 ودين الحق: هو العمل الصالح، هذا معنى الهدى، ومعنى دين الحق.

وقيل: الهدى، هو الإيمان، ودين الحق هو الإسلام.

وهذان من التفسير الذي يختلف فيه اللفظ دون الاختلاف في الحقيقة والمعنى، فإن العقائد تتعلق بالإيمان، والأعمال تتعلق بالإسلام؛ ولذلك لما سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الطويل عن الإسلام، قال: «أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت » هذا هو الإسلام.

هو ماذا؟

أعمال صالحة.

قال أخبرني عن الإيمان قال: «أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره» فالإيمان عقد الجنان، ما يكون في القلب من العقائد المتعلقة بهذه الأصول الستة.

 وهذا معنى: ﴿الْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ في تفسير الهدى بالإيمان، وفي تفسير دين الحق بالإسلام.

فهو المحمود جل في علاه على ما أنعم به من هذه الرسالة العظيمة، التي أشرقت بها الأرض بعد ظلماتها، فإن الله تعالى بعث محمدًا على حين فترة من الرسل، وانقطاع من الهدايات فجاء بالنور المبين، جاء بهذا الدين القويم، جاء بالصراط المستقيم كما قال ربنا -جل في علاه-: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ الشورى: 52 .

اسأل الله أن يثبتنا وإياكم عليه، وأن يعيننا على سلوكه، وأن يختم لنا به، وأن يحشرنا في زمرة صاحبه محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق