تجريد التوحيد المفيد

من 2017-12-30 وحتى 2020-01-15
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 1404

التاريخ : 2018-01-21 13:26:01

طباعة الصفحة   

قال - رحمه الله -: "والإلهية: كون العباد يتّخذونه سبحانه محبوبًا مألوهًا" بعد هذا التقرير لتوحيد الربوبية انتقل المؤلف - رحمه الله - إلى تقرير معنى الإلهية، فقال: "والإلهيّة: كون العباد يتّخذونه سبحانه محبوبًا مألوهًا، ويفردونه بالحب والخوف، والرجاء، والإخبات، والتوبة، والنذر، والطاعة، والطلب، والتوكل، ونحو هذه الأشياء".

    

المؤلف - رحمه الله - بيَّن فيما تقدم معنى الربوبية، ثمَّ عطف على ذلك معنى الإلهية، والسبب في تقديم ذكر الربوبية على الإلهية: أنَّ القرآن يستدل على إلهية الله - عزَّ وجلَّ – بربوبيته؛ يستدل بما قرَّ في الفطر من الإقرار بأنَّ الله ربُّ العالمين على أنَّه الإله المستحق للعبادة وحده لا شريك له؛ ولذلك جاء بعد ذكر الربوبية بالإلهية، فقال - رحمه الله -: "والإلهيّة: كون العباد يتّخذونه سبحانه محبوبًا مألوهًا".

    

واعلم - بارك الله فيك - أنَّ الإلهية مأخوذة من الإله؛ وهو ما فسَّره المؤلف - رحمه الله - بقوله: "محبوبًا مألوهًا"، فالإله: هو من تألهه القلوب، وتتعبده بالمحبة، والتعظيم؛ ولذلك قال: "ويفردونه بالحب، والخوف، والرجاء"؛ فمعنى الإلهية: إفراد الله تعالى بالمحبة، إفراد الله تعالى بالخوف، إفراد الله تعالى بالرجاء.

    

وإنَّما ذكر المحبة أولًا دون ذكر غيرها من أعمال القلوب؛ لأن المحبة هي أصل العبادة، فأصل العبادة الحب؛ ولذلك كان أول ما تقوم عليه العبودية لله - عزَّ وجلَّ -: محبته سبحانه وبحمده، وبقدر ما يحقق العبد من حبِّ الله - عزَّ وجلَّ - يحقق من عبوديته؛ فلهذا ذكر المحبة أولًا.

 والمطلوب في المحبة أن تكون خالصة له - جلَّ في علاه - لا يشركه فيها غيره؛ ولذلك قال: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [البينة:5].

فلا يسوغ أن يكون معه محبوب سواه، بل نهى الله تعالى أن يسوى به غيره، فقال -جلَّ وعلا -: ﴿فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة:22].

وكان أول ما ذكر من السور التي نهى عنها من سور التنديد، ما ذكره في سورة البقرة في قوله - جلَّ وعلا -: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ﴾[البقرة:165]؛ فذكر الله - جلَّ وعلا - أول شرك وقع فيه الناس  تنديدًا وهو أنهم جعلوا معه محبوبين سواه، والقلب مفطور على محبة الله - عزَّ وجلَّ - ليس به غنى عن محبة الله عزَّ وجلَّ، فإذا صرف محبته إلى غيره تفرق قلبه في شعاب الردى، وألوان الهلاك، وصنوف البلى في الدنيا والآخرة؛ ولذلك كل السعادة والفلاح والنجاح في إفراد الله - تعالى - بالحب.

يقول ابن القيم - رحمه الله - في نونيته الشهيرة، ص (358) :

فالقلب مضطر إلى محبوبه الـ    ***    أعلى فلا يغنيه حب ثانِ

 "محبوبه الأعلى"؛ هو الله جلَّ وعلا، ومهما أحب سواه فإنه لن يجد في هذه المحبة غنى؛ ولذلك قال:

وصلاحه ونعيمه، وفلاحه  ***  تجريد هذا الحب للرحمن

فبقدر ما يحقق العبد من تجريد الحب لله - عزَّ وجلَّ -، ومن إفراد الله - عزَّ وجلَّ- بالمحبة - ينال من السعادة، والطمأنينة، والانشراح.

وبقدر ما يصرف قلبه عن هذا المعنى يقع في ألوان الانحراف:

فإذا تخلى منه أصبح حائرًا *** ويعود في ذا الكون ذا هيمان

"يعود في ذا الكون"؛ أي في هذا الكون، "ذا هيمان": أي ضلال، وضياع، لا يصيب خيرًا، ولا يدرك صلاحًا، ولا فلاحًا؛ ولهذا لما ذكر المؤلف - رحمه الله - معنى الإلهية، ومعنى الإله - جلَّ وعلا - قال: "كون العباد يتّخذونه سبحانه محبوبًا مألوهًا".

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق