تجريد التوحيد المفيد

من 2017-12-30 وحتى 2020-01-15
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 1379

التاريخ : 2018-01-23 03:12:19

طباعة الصفحة   

قال - رحمه الله -: "القشر الأول: أن تقول بلسانك: لا إله إلَاّ الله، ويسمَّى هذا القول توحيدًا، وهو مناقض للتثليث الذي تعتقده النصارى، وهذا التّوحيد يصدر أيضًا من المنافق الذي يخالف سرُّه جهرَه".

قوله - رحمه الله -: "الأول: أن تقول بلسانك: لا إله إلَاّ الله"، والمقصود بذلك: أن ينطق اللسان بكلمة التوحيد؛ فإنَّ كلمة التوحيد - وهي قول: لا إله إلَّا الله - لا بد منها لدخول الإسلام؛ ولذلك جاء قوله - تعالى -: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾[البينة:5]؛ وذلك بيانه وإيضاحه في قول الحق - جلَّ في علاه -: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾[الأنبياء:25].

وقد جاء في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ» أخرجه البخاري (25)، ومسلم (22)  .

وفي خبر بعث معاذ إلى اليمن، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَى أَنْ يُوَحِّدُوا اللَّهَ تَعَالَى»؛ هكذا في رواية أخرجها البخاري (7372) ، وفي رواية أخرى قال: «أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ» أخرجه البخاري (1496) .

    

وهذا يدل على أن المقصود بالقشر ما ظهر من حقوق التوحيد، وإلَّا فإنَّ الإجماع منعقد على أنَّه من لم يقل هذه الكلمة فإنَّه كافر ظاهرًا وباطنًا، لا خلاف بين العلماء أنَّ الكافر إذا لم يقل هذه الكلمة فإنَّه لا يكون بذلك مسلمًا ولو أقرَّ بمعناها، بل لا بد من قولها، والتلفظ بها، وبه يُعلم أن وصفه هذا بالقشر لا يقصد به أنَّه هامشي، أو أنَّه غير ضروري، أو أنَّه يمكن أن يُستغنى عنه، لا، إنَّما المقصود بذلك أنَّه من الأمر الظاهر والغطاء الذي يُرى ويُبصر؛ هذا معنى قوله - رحمه الله - فيما ذكر من القشر الأول: "أن تقول بلسانك: لا إله إلَّا الله"، ثمَّ قال: "ويسمى هذا القول  توحيدًا" ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ: «فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَى أَنْ يُوَحِّدُوا اللَّهَ تَعَالَى» تقدم تخريجه.

وقد جاءت رواية أخرى ببيان معنى التوحيد، وهو قوله: «أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ» تقدم تخريجه وفي بعض الروايات: «فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ» أخرجه مسلم (19) .

    

قال - رحمه الله -: "وهو مناقض التثليث الذي تعتقده النصارى"؛ يعني هذا العقد - الذي هو معنى لا إله إلَّا الله - ينفي كلَّ عقد من العقائد التي تجعل مع الله إلهًا آخر، وإنَّما ذكر التثليث على وجه التمثيل، وليس الحصر، فالذين يعتقدون أن ثمة آلهة تعبد من دون الله ولو لم يعتقدوا تثليثًا فإنَّهم واقعون في نقض معنى هذه الكلمة؛ إذ إن معنى لا إله إلَّا الله: لا معبود حقٌّ إلَّا الله؛ ولذلك كانت الرسل تدعو أقوامها إلى عبادة الله وحده: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل:36]، وبالتأكيد أن لا إله إلَّا الله تناقض ما يعتقده الذين يقولون بالتثليث، وقد حكم الله - تعالى - على هذا العقد بقوله: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ﴾ [المائدة:73].

    

ثمَّ قال - رحمه الله - في هذا القسم الأول: "وهذا التوحيد يصدر أيضًا من المنافق"؛ أي: هذا القول؛ وهو قول: "لا إله إلَّا الله" يصدر ممن لم يصدِّق بمعناه، واكتفى بأن قاله بلسانه؛ هذا معنى قوله - رحمه الله -: "وهذا التوحيد"؛ أي: قول: "لا إله إلَّا الله" يصدر أيضًا من المنافق؛ وذلك أن المنافق يقول هذه الكلمة بلسانه، ولا يعتقد معناها، فيكون بذلك بعيدًا عن اليقين الذي ينجيه من النار.

    

وبيَّن المؤلف مَن المقصود بالمنافق هنا؛ فقال: "الذي يخالف سره جهره"؛ يعني: الذي يخالف ما في قلبه ما تكلم به، فالجهر: هو ما نطق به، والسر: هو ما أخفاه في قلبه؛ وهذا تعريف للنفاق الاعتقادي الذي قال الله - تعالى - في أصحابه: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ﴾ [النساء:145]؛ فهذا فيه نفاق الاعتقاد، وهو أن يقول بلسانه ما يعصم دمه وماله وهو غير موقن به، ولا مقر بمعناه، وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن هذا الصنف في خبره في سؤال الملكين إذا جاءا إلى الإنسان في قبره، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «وَأَمَّا المُنَافِقُ أَوِ المُرْتَابُ» - يعني إذا قيل له: «مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ؟» - «فَيَقُولُ: لاَ أَدْرِي، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ» أخرجه البخاري (184)، ومسلم (905) فهو قد قال ما يقوله الناس من التوحيد، لكن قلبه غير مقرٍّ به، فلا ينتفع من هذه الكلمة؛ هذا هو القشر الأول؛ وهو "قول: لا إله ألَّا الله".

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق
السيدة ام عبد المجيد نبيلي
لم اختبر في هذه الفقرة من قبل
2020-10-12