تجريد التوحيد المفيد

من 2017-12-30 وحتى 2020-01-15
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 2182

التاريخ : 2018-01-24 04:28:22


قال - رحمه الله -: "ولا ريب أنَّ توحيد الربوبية لم ينكره المشركون، بل أقرُّوا بأنه سبحانه وحده خالقهم، وخالق السموات والأرض، والقائم بمصالح العالم كله".

هذا المقطع من كلام المؤلف - رحمه الله - يبيِّن فيه أنَّ توحيد الربوبية مما فطر الله – تعالى - القلوب عليه، فليس في الخلق من ينكر أنَّ الله هو الخالق، أو أن الله هو المالك، أو أنَّ الله هو الرازق، أو أنَّ الله هو المدبر؛ فعامة الخلق مقرُّون بذلك.

  

ومن جحد هذا إنَّما جحده ظلمًا، وعلوًّا، واستكبارًا؛ كما وقع من فرعون؛ فإنَّ فرعون قال: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى﴾ [النازعات:24]؛ ولم يكن صادقًا في ذلك؛ إذ يعلم أنَّه لا يملك لنفسه، ولا لغيره حولًا ولا طولًا، ولا يملك نفعًا ولا ضرًّا، وإنَّما قال ذلك استكبارًا، وعلوًّا في الأرض؛ كما قال الله - جلَّ وعلا -: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا﴾ [النمل:14].

فينبغي للمؤمن أن يوقن أنَّه ليس ثمة في قلوب العباد من ينكر أنَّ الله - تعالى - ربُّ العالمين، ولو فرَّ من ذلك بما فرَّ من التأويلات، أو ادعى ما ادعاه؛ فإنَّ الدلائل قائمة على أنَّه لا يمكن للعباد أن يتخلصوا من الإقرار بأنَّ الله ربُّ العالمين؛ ولهذا حتى الملحدون إذا ناقشتهم، وحاورتهم، وبلغت معهم الغاية في شئون الكون وخلقه، قالوا: إنَّ وراء ذلك قوة عظمى، وقوة خارقة!! وهذه القوة الخارقة، وهذه القوة العظمى هي ما يفرون من إثباته من ربوبية الله - جلَّ وعلا -.

ولهذا يقول المؤلف - رحمه الله -: "ولا ريب أن توحيد الربوبية"؛ أي: التوحيد بأنَّ الله هو الخالق، التوحيد بأنَّ الله هو المالك، التوحيد بأنَّ الله هو الرازق، التوحيد بأنَّ الله هو المدبر لم ينكره المشركون الذين كذبوا الرسل وعاندوهم، بل أقرُّوا به، وأثبتوه لله - عزَّ وجلَّ -؛ فأقرُّوا بأنَّه - سبحانه - وحده خالقهم، وخالق السموات والأرض، والقائم بمصالح العالم كله؛ ﴿أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ﴾ [الرعد:33]؛ فالله - تعالى - قائم على كل نفس بما كسبت، فهو يسوق لها رزقها، ويعطيها ما تؤمله، وما من شيء إلَّا به - جلَّ في علاه -.

  

وقد دلَّت الأدلة على هذا الأصل، وأنَّ العباد مقرون به لا ينكره إلَّا مكذب؛ ولذلك قال: "وإنَّما أنكروا توحيد الإلهية والمحبة"؛ يعني الذي وقع بين الرسل وأقوامهم من الخصومة ليس في أنَّ الله ربُّ العالمين، ولا أنَّه الخالق، ولا أنَّه الرازق، ولا أنَّه المدبر؛ فهم مقرُّون بهذا كما قال - تعالى -: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ﴾[يونس:31]، فماذا سيقولون؟ ﴿فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ﴾ [يونس:31]؛ الله هو الذي يفعل ذلك، الله هو الذي يخلق، الله هو الذي يرزق، الله هو الذي يحيي ويميت، الله هو الذي يدبر الأمر، الله هو الذي يملك؛ فسيقرُّون بهذا بلا شك، وبلا ريب، لكنهم لا يقرُّون بأنَّه المستحق للعبادة وحده؛ ولذلك قال: ﴿فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ﴾[يونس:31] ﴿فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ﴾[يونس:32]؛ فهو المعبود الحق، وما عداه ضلال، وانحراف.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق