قال - رحمه الله -: "فتوحيد الربوبيَّة هو الذي اجتمعت فيه الخلائق مؤمنها وكافرها، وتوحيد الإلهيَّة مفرق الطرق بين المؤمنين والمشركين؛ ولهذا كانت كلمة الإسلام: لا إله إلا الله، ولو قال: لا رب إلا الله لما أجزاه عند المحققين".
قال - رحمه الله -: "فتوحيد الربوبية هو الذي اجتمعت فيه الخلائق"؛ يعني الخلق كلهم مقرون بأنه لا ربَّ إلَّا الله، لكنهم يفترقون في توحيد الإلهية، فمِن الخلق مَن يعبد غير الله، ويسوي غيره به، وعند ذلك يفترق الناس.
ولذلك قال: "وتوحيد الإلهية مفرق الطريق بين المؤمنين والمشركين"؛ فبه يتميز أهل الإيمان والإسلام من أهل الشرك والكفر، ومن هذا يتبيَّن أن توحيد الربوبية لا يحصل به الفرق بين الإيمان والكفر، ولا بين الإسلام وغيره من عقائد الشرك، بل الذي يفرق بين الناس، ويميز المؤمن عن الكافر هو توحيد الإلهية.
يقول المؤلف - رحمه الله -: "ولهذا كانت كلمة الإسلام لا إله إلَّا الله"، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ» أخرجه البخاري (25)، ومسلم (22) .
وقال - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ: «إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ» أخرجه البخاري (1458)، ومسلم (19) فأمره بدعوتهم إلى لا إله إلَّا الله؛ وهي تعني أنه لا معبود حقٌّ إلَّا الله - جلَّ وعلا -.
وأما تفسير من فسرها بأنَّه لا خالق إلا الله، لا رازق إلا الله، لا مخترع إلا الله؛ هذا تفسير مغلوط؛ ولهذا يقول المؤلف: "ولهذا كانت كلمة الإسلام لا إله إلا الله، ولو قال"؛ يعني عوضًا عن لا إله إلا الله "لا ربَّ إلا الله لما أجزاه عند المحققين" يعني لم يأتِ بالإسلام الذي يخرجه عن دائرة أهل الشرك؛ فإنه لا يتحقق التوحيد من العبد إلَّا بتحقيق أنَّه لا يعبد إلَّا الله، بتحقيق إفراد الله - تعالى - بالعبادة.
يقول - رحمه الله -: "فتوحيد الألوهية هو المطلوب من العبادة".
