تجريد التوحيد المفيد

من 2017-12-30 وحتى 2020-01-15
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 1556

التاريخ : 2018-01-24 06:08:15

طباعة الصفحة   

قال - رحمه الله -: "ومناجاة العبد لهذا الإله الكامل، ذي الأسماء الحسنى والصفات العليا، المرغوب إليه في أن يعيذ عبده الذي يناجيه بكلامه من الشيطان الحائل بينه وبين مناجاة ربِّه. ثم انسحب التعلق باسم الإله في جميع المواطن الذي يقال فيها: "أعوذ بالله من الشيطان الرّجيم"؛ لأن اسم الله - تعالى - هو الغاية للأسماء؛ ولهذا كان كل اسم بعده لا يتعرف إلَا به، فتقول: الله هو السَّلام، المؤمن، المهيمن، فالجلالة تعرِّف غيرها، وغيرها لا يعرفها".

قال: "ومناجاة العبد لهذا الإله الكامل، ذي الأسماء الحسنى والصفات العليا"؛ يعني صاحب الأسماء الحسنى والصفات العليا "المرغوب إليه؛ في أن يعيذ عبده الذي يناجيه بكلامه من الشيطان الحائل بينه وبين مناجاة ربِّه"؛ أي: هذا وجه كونك تبدأ القراءة بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم.

    

فإنَّ الشيطان أعظم من يحول بين الإنسان وبين الهداية، أعظم من يحول بينك وبين الاستقامة وبين الهدى والتقى والصلاح؛ هو الشيطان الذي أخذ على نفسه عهدًا أن يقعد للناس الصراط المستقيم، كما قال - تعالى - في محكم كتابه: ﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ﴾[الأعراف:16]﴿ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾[الأعراف:17]؛ فمن أعظم ما يفعله الشيطان عند قراءة القرآن أن يصد الناس عن التلاوة ابتداءً، فإذا قوي الإنسان نفسه وقرأ شيئًا من القرآن أشغله بالهواجس والأفكار، وإذا سلم من ذلك منعه من التدبر وجعل همه في إقامة التلاوة بتجويد اللسان وإتقان التلاوة دون النظر في المعاني؛ وكل هذا من الحوائل التي قد يقذفها الشيطان في طريق الإنسان ليحول بينه وبين تدبر معاني كلام الرحمن؛ ولهذا شُرعت الاستعاذة في بداية تلاوة القرآن لأجل أن ينصرف الشيطان، وينحصر كيده عن الإنسان، فلا يمنعه من الانتفاع بهذا الكتاب والاستفادة منه.

    

يقول - رحمه الله -: "ثمَّ انسحب التعلق باسم الإله في جميع المواطن الذي يقال فيها: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ لأنَّ اسم الله هو الغاية للأسماء"؛ أي أنَّ الاستعاذة تتعلق باسم الله، إذا استعذت فاستعذ بالله.

فإذا أردت طلب الحماية والصيانة، والعصمة من الشيطان، فإنَّك تذكر اسم الله، فما تقول على سبيل المثال: أعوذ بالرحمن، أعوذ بالملك، أعوذ بالعزيز، أعوذ بالرحيم؛ ما تقول هذه الأسماء مع أنَّها كلها أسماء من أسمائه، لكن القرآن والسنة جاءوا في تعلق الاستعاذة باسم الله - عزَّ وجلَّ -؛ لأنَّه اسم دال على جميع الكمالات، على سائر أسماء الله - عزَّ وجلَّ -؛ ولهذا يقول: "لأنَّ اسم الله هو الغاية للأسماء"؛ يعني جميع أسماء الله -عزَّ وجلَّ - تضمنها هذا الاسم العظيم، هذا الاسم العظيم وهو اسم الله فيه الدلالة على جميع أسماء الله وصفاته الحسنى؛ فهو دال على الرحمن، دال على الحي، دال على القيوم، دال على العليم، دال على الحكيم، دال على العزيز، دال على الملك، دال على المصور؛ فجميع أسماء الله - عزَّ وجلَّ - يستدل عليها باسم الله؛ ولهذا فإنَّه يأتي مقدمًا على سائر أسماء الله - عزَّ وجلَّ -؛ ولهذا يقول: "ولهذا كل اسم بعده"؛ كل اسم إذا ذكر معه الله يتقدم اسم الله عليه؛ وذلك لأنَّه دال على سائر أسمائه - جلَّ في علاه -؛ ولهذا كل اسم بعده لا يتعرف إلَّا به.

فأنت عندما تقول: بسم الرحمن الله، أو تقول: بسم الله الرحمن الرحيم، تقول: بسم الله؛ تقدِّم ذكر اسم الله على سائر أسمائه الحسنى - جلَّ وعلا -؛ لأنَّه الغاية الذي جمع ما في أسمائه الحسنى من المعاني فكلها راجعة إليه؛ ولذلك قال: "ولهذا كان كل اسم بعده لا يتعرف إلَّا به، فنقول: الله هو السلام، المؤمن، المهيمن، فالجلالة تعرِّف غيرها"؛ أي اسم الجلالة "الله" يعرِّف غيره من الأسماء "وغيرها لا يعرِّفها".

وتأمل ذلك في سورة الفاتحة ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾[الفاتحة:2]، بل في البسملة ﴿بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ﴾[الفاتحة:1]، وفي أعظم آية من آيات الكتاب الحكيم؛ آية الكرسي﴿اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾[البقرة:255]، وفي أعظم سورة  جاءت في بيان وصف الرب ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾[الإخلاص:1]﴿اللَّهُ الصَّمَدُ﴾[الإخلاص:2]﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ﴾[الإخلاص:3]﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾[الإخلاص:4].

فاسم الجلالة "الله" يتبعه كل أسماء الله، وكل صفاته، والخبر عن أفعاله، فهو المقدم على ما سواه؛ ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾[الحشر:22]﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾[الحشر:23]﴿هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ﴾[الحشر:24]؛ فانظر إلى تقدم اسم الجلالة على سائر أسماء الله - عزَّ وجلَّ -.

وقال - جلَّ وعلا -: ﴿حم﴾ [غافر:1]﴿تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ [غافر:2] ﴿غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾ [غافر:3]؛ فجاء في أول ما ذكر من أسمائه اسم الجلالة الله؛ لأنه دال على سائر أسماء الله - عزَّ وجلَّ -؛ ولذلك قيل: إن هذا الاسم هو الاسم الأعظم، والصواب أنه الاسم الأعظم، ولكنه ليس مقصورًا عليه، بل الله هو الاسم الأعظم لله - عزَّ وجلَّ -، والحي القيوم تندرج في الاسم الأعظم، وكذلك الحميد، والمجيد، والعظيم؛ فإنَّ الاسم الأعظم هو كل اسم اشتمل على معاني أسمائه، وصفات مجده - سبحانه وبحمده -.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق