تجريد التوحيد المفيد

من 2017-12-30 وحتى 2020-01-15
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 1411

التاريخ : 2018-01-25 02:54:32


قال - رحمه الله -: "وهذا هو العدل المذكور في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾[الأنعام:1]، والمعنى على أصح القولين: أنَّهم يعدلون به غيره في العبادة، فيسوون بينه وبين غيره في الحبِّ والعبادة. وكذلك قول المشركين في النار لأصنامهم: ﴿تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾[الشعراء:97]﴿إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾[الشعراء:98]، ومعلوم قطعًا أن هذه التسوية لم تكن بينهم وبين الله في كونه ربَّهم وخالقهم، فإنهم كانوا كما أخبر الله عنهم مقرِّين بأن الله - تعالى - وحده هو ربُّهم وخالقهم، وأن الأرض ومن فيها لله وحده، وأنه ربُّ السَّموات السبع وربُّ العرش العظيم، وأنَّه - سبحانه وتعالى - هو الذي بيده ملكوت كل شيءٍ، وهو يجير ولا يجار عليه".

قال - رحمه الله -: "وهذا هو العدل"؛ أي: تسوية غير الله بالله في المحبة هو العدل؛ أي: التسوية التي وصف الله - تعالى - بها المشركين في قوله: ﴿ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾[الأنعام:1]؛ أي: يسوون به غيره - جلَّ في علاه -، يسوون به غيره في التوجه إليه، وفي المحبة، وفي الإقبال؛ ولذلك تجد أولئك الذين يتوجهون إلى هذه الأصنام، أو إلى تلك القبور، أو إلى الصالحين، أو إلى الجن، أو إلى الملائكة، أو إلى غيرهم مما يعبد من دون الله تجد عندهم من الحب لهؤلاء ما هو يشبه من بعض الوجوه محبة المؤمنين لله - عزَّ وجلَّ -، ويشبه إقبالهم عليه، لكن شتان بين هذا وذاك؛ فإنَّ المؤمنين أعظم محبةً، وأشدُّ إقبالًا؛ ولذلك وصف الله - تعالى - المشركين بهذا الوصف في قوله - تعالى -: ﴿ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾[الأنعام:1]، والمعنى على أصح القولين: أنَّهم يعدلون به غيره؛  أي يسوون به غيره - سبحانه وبحمده -؛ حيث إنَّهم جعلوا لهذه المعبودات نصيبًا من الحب الذي تبعته العبادة، فصرفوا لهم أنواعًا من العبادات.

وقد قال الله - جلَّ وعلا - عن المشركين فيما أخبر به مما يكون يوم القيامة في ندبهم حظهم، وما كانوا عليه من كفر، قالوا: ﴿تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾[الشعراء:97]﴿إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾[الشعراء:98]؛ فهم يقسمون بالله الذي أنكروا عبادته، وسووا به غيره، أنَّهم في ضلال مبين؛ أي في ذهاب عن الصراط المستقيم، وخطأ في الفعل والعمل واضح بيِّن؛ وذلك أنَّهم سووا غير الله به ﴿إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾[الشعراء:98]؛ أي نجعلكم أمثالًا له، وأندادًا له، مساوين له - سبحانه وبحمده -، وهو الذي لا نظير له ولا مثيل، فهو الأحد - جلَّ في علاه - ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص:1] ﴿اللَّهُ الصَّمَدُ﴾[الإخلاص:2] ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ﴾ [الإخلاص:3] ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ [الإخلاص:4]؛ فليس له كفؤ - سبحانه وبحمده -.

  

ومعلوم قطعًا أنَّ هذه التسوية لم تكن بينهم وبين الله في كونه ربَّهم، وخالقهم؛ يعني هذه التسوية التي أخبروا بها عن أنفسهم ليست في كون أولئك المعبودات من الأصنام هي التي خلقت، وهي التي رزقت، وهي التي تملك، وهي التي تدبر، فإنَّهم كانوا كما أخبر الله - تعالى - مقرِّين بأنَّ الله - تعالى - وحده هو ربُّهم، وخالقهم، وأنَّ الأرض ومن فيها لله وحده، فهو المالك لها - جلَّ وعلا -، وأنَّه ربُّ السموات السبع، وربُّ العرش العظيم كما أخبر - جلَّ وعلا - فيما قصَّه عن هؤلاء، وأنَّه هو الذي بيده ملكوت كل شيء، وهو يجير ولا يجار عليه.

قال الله – تعالى -: ﴿قُلْ لِمَنِ الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾[المؤمنون:84]، فبماذا سيجيبون؟ ﴿سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ﴾[المؤمنون:85]، ويقول - تعالى -: ﴿قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾[المؤمنون:86]﴿سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ﴾[المؤمنون:87]، ويقول - تعالى -: (قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾[المؤمنون:88]، فمُلْك كل شيء بيده ﴿قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾[المؤمنون:88] ﴿سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ﴾[المؤمنون:89]؛ أي: فكيف تُصرفون، وتعمون، وتذهبون بطريق خفي عن إفراد الله - تعالى - بالعبادة.

إذًا؛ لم يكونوا يسوون غير الله بالله في الخلق، والملك، والرزق، والتدبير؛ فهم مقرُّون بأنَّه لا خالق إلَّا الله، ولا مالك إلَّا الله، ولا رازق إلَّا الله، ولا مدبر إلَّا الله، فبماذا كان شركهم؟ لما قالوا: ﴿تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾[الشعراء:97]﴿إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾[الشعراء:98]كانت تسويتهم لله - عزَّ وجلَّ - في العبادة، في صرف العبادات لهم، واتخاذهم أولياء من دون الله، وأحبوهم كمحبة الله - عزَّ وجلَّ -.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق