تجريد التوحيد المفيد

من 2017-12-30 وحتى 2020-01-15
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 1380

التاريخ : 2018-01-25 10:57:44


قال - رحمه الله -: "وقد لعن النبي - صلى الله عليه وسلم - من اتَّخذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد يصلى لله فيها، فكيف من اتّخذ القبور أوثانًا تعبد من دون الله؟ فهذا لم يعلم معنى قول الله - تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾[الفاتحة:5]، وفي الصحيح عنه -صلَّى الله عليه وسلّم - أنَّه قال: «لعن الله اليهود والنصارى، اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجد» أخرجه البخاري (435)، ومسلم (531) وفيه عنه - أيضًا -: «إن من شرار النَّاس من تدركهم السَّاعة وهم أحياء، والذين يتَّخذون القبور مساجد» أخرجه الإمام أحمد في المسند (3844)، وصححه ابن خزيمة (789)، وابن حبان (6847)، وعلقه البخاري في صحيحه (7067) بصيغة الجزم، بدون الجملة الأخيرة وفيه - أيضًا - عنه - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «إن من كان قبلكم كانوا يتَّخذون القبور مساجد، ألا فلا تتَّخذوا القبور مساجد، فإنِّي أنهاكم عن ذلك» أخرجه مسلم (532) ، وفي مسند الإمام أحمد وصحيح ابن حبَّان عنه - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «لعن الله زوَّارات القبور، والمتَّخذين عليها المساجد والسرج» أخرجه بألفاظ مختلفة الإمام أحمد في المسند (2030)، (8670)، وأبو داود في السنن (3236)، والنسائي في الصغرى (2043)، والترمذي في السنن (1056)، وقال: حسن صحيح. وابن ماجة في السنن (1574)، وصححه ابن حبان (3180)، والحاكم (1385) ، وقال: «اشتدَّ غضب الله على قوم اتَّخذوا قبور أنبيائهم مساجد» أخرجه الإمام مالك في الموطأ (593)، وابن أبي شيبة في المصنف (7544) وقال: «إن من كان قبلكم كانوا إذا مات فيهم الرَّجل الصَّالح بنوا على قبره مسجدًا، وصوَّروا فيه تلك الصُّورة؛ أولئك شرار الخلق عند الله» أخرجه البخاري (427)، ومسلم (528) ".

ذكر المؤلف - رحمه الله - الأحاديث التي جاء فيها النهي عن اتخاذ القبور مساجد، فذكر في الصحيح أنَّه قال - صلى الله عليه وسلم -: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» يحذر ما صنعوا تقدم تخريجه ، وكذلك قال: "وفيه أيضًا"؛ يعني في الصحيح: «إنَّ من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء»؛ لأنهم مشركون، ثمَّ قال: «والذين يتخذون القبور مساجد» تقدم تخريجه أي: الذين يصيرون القبور مواضع للعبادة يتعبدون فيها لله - عزَّ وجلَّ -، فإنَّهم من شرار الخلق؛ لأنَّ هذا يؤدي إلى أن تعبد من دون الله، فكانوا من شرار الخلق، واستحقوا لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمَّا صلوا لله عند القبر لأجل أن ذلك يفضي بأصحابه، وينتهي بهم، ويؤدي إلى أن تعبد هذه القبور من دون الله - عزَّ وجلَّ -.

فإذا كان اللعن، والوصف بالشرِّ لمن فعل وسيلة من الوسائل التي توصل إلى الشرك، فكيف بمن وقع في الشرك، وعبد غير الله - تعالى -؟!

قال: "وفيه أيضًا: «إن من كان قبلكم كانوا يتَّخذون القبور مساجد، ألا فلا تتَّخذوا القبور مساجد، فإنِّي أنهاكم عن ذلك»"، وذكر الحديث بعده أيضًا: «لعن الله زوَّارات القبور، والمتَّخذين عليها المساجد والسرج»، وكذلك قال: «اشتدَّ غضب الله على قوم اتَّخذوا قبور أنبيائهم مساجد»؛ وهذه النصوص كلها دائرة على هذا المعنى.

  

وليُعلم - أيها الإخوة - أن اتخاذ القبور مساجد يكون بصور:

الصورة الأولى: أن يصلي لله عندها.

الصورة الثانية: أن يصلي إليها.

الصورة الثالثة: أن يتعبد لله - عزَّ وجلَّ - بعبادة عند هذه القبور يقصد طلب البركة بالمكان.

فإنَّ هذا كله من اتخاذ القبور مساجد؛ فإنَّ كلَّ طاعة تفعل في المساجد لا يجوز فعلها عند القبور، والمساجد تقصد لذكر الله، وللصلاة، وللدعاء، ولقراءة القرآن، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ، وَلَا الْقَذَرِ إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ» أخرجه مسلم (285) فمعنى هذا أنَّ من قصد القبور لأي شيء تقصد المساجد له من ذكر، وقراءة قرآن، ودعاء، وصلاة؛ فإنَّه قد اتخذ القبر مسجدًا، ولو لم تكن هذه الصلاة وهذه العبادة لصاحب القبر، ولو لم تكن هذه الصلاة والعبادة يقصد بها التقرب للميت، لكن لمَّا فعل ذلك عند القبر كان هذا موجبًا للعن الذي أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو سببًا من أسباب اللعن الذي أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم -.

  

فالقبور لا تقصد إلا للاعتبار، وللادكار، والاتعاظ بحال هؤلاء الموتى؛ هذا المقصد الأول؛ قال - صلى الله عليه وسلم - كما في صحيح الإمام مسلم: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها، فإنَّها تذكر الآخرة» أخرجه بنحوه مسلم (976) هذا المقصد الأول: أن ينتفع الزائر بالاعتبار والاتعاظ.

أمَّا المقصد الثاني: فهو نفع المزور بالدعاء له، لا بدعائه والتوجه إليه من دون الله، فشتان بين من يأتي القبر، ويدعو الله - عزَّ وجلَّ - لصاحبه بالمغفرة والرحمة، وبين من يأتي إلى المقابر ويدعو أهلها، ويسألهم قضاء الحاجات، وإغاثة اللهفات، وبلوغ الآمال؛ فهذا لا شك أنَّه قد استجار بضعيف لا يملك حولًا ولا قوةً، لو كان يملك حولًا وقوة، ونفعًا، وضرًّا لدفع عن نفسه هذه المضرة؛ وهي الموت الذي ينقطع به عن كل شيء، ويزول به كل ما يملك.

فلو كان يملك نفعًا وضرًّا لما كان في هذا المكان، ولما صار إلى هذا المآل، ولكنه عبد فقير مربوب، هو فقير إلى الله - عزَّ وجلَّ - لا يعلم ما تقول، ولو علم لما أغاثك، ولا أعطاك، كما قال - تعالى -: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ﴾[الأحقاف:5]؛ لا يملكون شيئًا، ولا يقدرون على شيء، إنَّما الأمر كله لله يفعل ما يشاء.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق