تجريد التوحيد المفيد

من 2017-12-30 وحتى 2020-01-15
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 1991

التاريخ : 2018-01-27 15:56:39

طباعة الصفحة   

قال - رحمه الله -: "وأمَّا الشرك الأول: فهو نوعان".

الآن عاد إلى ذكر تقسيم الشرك الأول؛ وهو الشرك في الربوبية، وفي الأسماء والصفات.

يقول - رحمه الله -: "أحدهما: شرك التعطيل، وهو أقبح أنواع الشرك، كشرك فرعون في قوله: ﴿وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾[الشعراء:23]؟، وقال لهامان: ﴿ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ﴾[غافر:36] ﴿أَسْبَابَ السَّمَوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا﴾[غافر:37]، والشرك والتَّعطيل متلازمان، فكلُّ مشرك معطِّل، وكل معطِّل مشرك، لكن الشرك لا يستلزم أصل التَّعطيل، بل قد يكون المشرك مقرًّا بالخالق سبحانه وصفاته ولكنه معطِّل حق التَّوحيد".

هذا هو النوع الأول من الشرك، وقد تقدم شيء من الكلام عنه، أعاد المؤلف بيانه لبيان خطورته، وتأكيدًا لما تقدم، وقد يكرر العالم في مؤلفه أمرًا بأساليب مختلفة ليقرب المعلومة، ولتأكيد ما تضمنه، فالتكرار في مؤلفات العلماء ليس عيبًا، فالقرآن الحكيم تكرر فيه من الأخبار، ومن الأوامر، ومن الشرائع ما لله فيه حكمة، وما من موضع جرى فيه تكرير شيء من كلام الله عزَّ وجلَّ - إلَّا وكان في ذلك من النفع، والبيان والإيضاح ما تقتضيه المصلحة، والناس إليه في حاجة.

قال رحمه الله -: "وأمَّا الشرك الأول: فهو نوعان"؛ الشرك الأول؛ شرك توحيد الربوبية والأسماء والصفات نوعان؛ أحدهما شرك التعطيل.

    

والمقصود بالتعطيل: الإخلاء، فالشيء المعطَّل شيء مخلى، والإخلاء؛ أي: عدم الإثبات، فإذا عطَّلت شيئًا؛ أي لم تثبته، وأخليته مما يستحقه، إمَّا من وصف، أو من غير ذلك مما يضاف إليه، فشرك التعطيل: هو إلغاء ربوبية الله عزَّ وجلَّ -، وإلغاء أسمائه وصفاته.

فمعنى قوله: "شرك التعطيل"؛ أي: إنكار ربوبية الله عزَّ وجلَّ -، أو إنكار أسمائه وصفاته.

قال: "وهو أقبح أنواع الشرك"؛ لأنَّ الفطر مجبولة على الإقرار بهذا، ولأنَّ الخلق مجمعون على إثباته، ولا يصدر هذا التعطيل إلَّا من مكابر؛ ولذلك قال الله جلَّ وعلا - في أعظم المعطِّلين وهو فرعون - عليه من الله ما يستحق -، قال تعالى -: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ﴾[النمل:14]، ﴿وَاسْتَيْقَنَتْهَا﴾؛ أي: بلغت حدَّ اليقين في إثبات ما جاء به موسى - عليه السلام - من الدعوة إلى عبادة ربِّ العالمين، لكن استكبار فرعون منعه وحال بينه وبين الإقرار بذلك.

قال - رحمه الله -: "وهو أقبح أنواع الشرك كشرك فرعون في قوله: ﴿وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾[الشعراء:23]".

فرعون عندما قال: ﴿وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء:23] في مكالمته ومحاجته لموسى - عليه السلام - لم يكن مستفهمًا، ولا مستعلمًا؛ فإنَّ سؤاله سؤال إنكار واستكبار، وليس سؤال استعلام، واستفهام، فأنكر أن يكون ربٌّ سواه، وأن يكون للخلق إله غيره؛ حيث قال فيما ادعاه كذبًا وزورًا: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى﴾[النازعات:24].

فقوله: ﴿وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء:23] مع قوله: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى﴾ [النازعات:24]، يبيِّن أنَّ سؤاله هناك لم يكن على وجه الاستيقان، والاستثبات، والاستفهام، والاستعلام، بل كان على وجه التكذيب، والإنكار، وجحود ربوبية ربِّ العالمين، وأن يكون ثمة ربٌّ سواه؛ وهذا النوع من الشرك هو ما أصرَّ عليه وكابَرَ في تقريره، فكان عاقبته ما ذكر الله تعالى - في كتابه من الخسار المبين، والحكم عليه بأنَّه من المفسدين.

وقد ذكر الله جلَّ وعلا - في صور تكذيبه أنَّه طلب من هامان أن يبني له صرحًا يبحث به عن إله موسى الذي يدَّعيه؛ حيث قال: ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ﴾[غافر:36] ﴿أَسْبَابَ السَّمَوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا﴾[غافر:37]؛ يعني فيما زعمه وادعاه من أنَّ للعالم ربًّا يصرفه ويملكه.

    

قال رحمه الله -: "والشرك والتعطيل متلازمان"؛ يعني كل من وقع في الشرك فقد وقع في التعطيل في نوع منه، وفي صورة منه، لا يلزم أن يكون تعطيلًا كليًّا كتعطيل فرعون، لكن قد يكون تعطيلًا جزئيًّا؛ فالذي يستغيث بغير الله، الذي يستعيذ بغير الله، الذي يدعو غير الله؛ عطَّل الله عما يجب له سبحانه وبحمده -؛ حيث لم يتوجه إلى الله بالسؤال والطلب، بل توجه للمخلوقين بالسؤال والطلب، وهتف بأسمائهم، وناداهم لقضاء حوائجه؛ وهذا نوع من التعطيل؛ ولذلك يقول: "والشرك والتعطيل متلازمان"؛ فكلُّ شرك يستلزم تعطيلًا، وكلُّ تعطيل يفضي إلى الشرك؛ ولذلك يقول: "فكلُّ مشرك معطِّل، وكلُّ معطِّل مشرك".

    

ثمَّ قال رحمه الله -: "لكن الشرك لا يستلزم أصل التعطيل"؛ يعني كماله الذي بلغه فرعون، بل قد يكون المشرك مقرًّا بالخالق سبحانه - وصفاته، ولكنه معطِّل حقَّ التوحيد؛ بمعنى أنَّ الشرك لا يستلزم التعطيل الكلي، فالتعطيل مرتبتان؛ تعطيل كلي، وتعطيل جزئي.

التعطيل الكلي: هو ما وقع فيه فرعون عندما قال: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾[القصص:38]، وحينما قال: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى﴾[النازعات:24]؛ فكذب بالربوبية، وكذَّب بالإلهية.

وأمَّا التعطيل الجزئي: فهو تعطيل أولئك الذين يقرُّون بأنَّ الله ربُّ العالمين، لكنهم يزعمون أنَّه لا يدخل عليه إلَّا بواسطة، ولا يسأل إلَّا من طريق من يكون بينه وبين الخلق، فيكونوا بذلك قد وقعوا في شيء من التعطيل.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق
السيدة ام عبد المجيد نبيلي
من المسلمين من يجلسون على قبور الاولياء الصالحين ويجعلونهم واسطة ليقضي الله حوائجهم وليشفي مرضاهم فهل بشركهم يعودون خارجي من ملة الإسلام؟
2020-10-16