تجريد التوحيد المفيد

من 2017-12-30 وحتى 2020-01-15
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 1537

التاريخ : 2018-01-28 02:29:32


"واعلم أن الذي ظَنَّ أنَّ الرب – سبحانه - لا يَسْمَعُ له أو لا يَستجيب له إلا بواسطةٍ تُطْلِعُه على ذلك أو تسأل ذلك منه؛ فقد ظن بالله ظن السَوْء؛ فإنه إن ظن أنه لا يعلم أو لا يَسمع إلا بإعلام غيره له وإسماعه، فذلك نفيٌ لعلم الله وسمعه وكمال إدراكه وكفى بذلك ذنبًا".

هذا صلة الجواب على الأسئلة المتقدمة؛ فإنَّ مما يبيِّن قُبح الشرك عقلًا، ومما يبيِّن سبب عدم مغفرته، ومما يبيِّن سبب كون الشرك مبيحًا للدم والمال - أن الشرك يتضمن إساءة الظن برب العالمين، وإساءة الظن بالله - عزَّ وجلَّ - مبعث كل فسادٍ وشرٍ في عمل الخلق؛ فإنه لا يمكن أن يُسيء من أحسن الظن بربه؛ ولذلك «حُسْنَ الظَّنِّ مِنْ حُسْنِ الْعِبَادَة»؛ كما جاء في السنن عنه - صلى الله عليه وسلم- أخرجه الإمام أحمد في المسند (7956)، وأبو داود في السنن (4993)، وصححه ابن حبان (631) فثمَّة ارتباط بين حسن الظن بالله وبين صلاح عبادة الإنسان لربه، والله - عزَّ وجلَّ - قد أوجب جزيل العطاء، وكريم الأجر، ووافر الثواب لمن أحسن الظن به؛ ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي» أخرجه البخاري (7405)، ومسلم (2675) ؛ وذلك في خبرٍ إلهي أن الله تعالى يكون لك كما تظن به - جلَّ وعلا -، وأنه يعاملك بنظير ما يقوم في قلبك من الظن به - سبحانه وبحمده -.

ولا شك أن من أشرك بالله - عزَّ وجلَّ - وتوجه إلى غيره في استغاثته، في دعائه، في تَقَرُّبِه، إنما وقع في ذلك؛ لسوء ظنه بالله - عزَّ وجلَّ -.

يقول - رحمه الله -: "واعلم أن الذي ظن أن الرب – سبحانه - لا يَسْمَعُ له" أي: لا يُدْرِك مقالته، ولا يبلغه صوته، أو لا يستجيب، يسمع لكن لا يُجيب إلى ما سأل وطلب، إلا بواسطة تطلعه على ذلك أو تسأل ذلك منه، "فقد ظن بالله ظن السوء"، وهو القائل - جلَّ في علاه -: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾[البقرة:186]، وقال تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾[غافر:60].

  

فمِن الظن السيئ بالله أن تظن أنك لن تُجاب إلا بواسطة بينك وبين الله - عزَّ وجلَّ -، فإنه إن ظنَّ أنه لا يعلم سؤال السائلين، ولا يسمع دعاء الداعين، إلا بإعلام غيره، أو إسماع غيره، فذاك نفيٌ لعِلم الله - عزَّ وجلَّ - الذي وَسِع علمه كل شيء، ووسع سمعه الأصوات، ووسع - جلَّ وعلا - بصره كل شيء فلا تخفى عليه خافية، ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾[غافر:19].

قال - رحمه الله -: "نفيٌ لعلم الله، وسمعه، وكمال إدراكه، وكفى بذلك ذنبًا"؛ فإنه من سوء الظن بالله؛ لأنه لو أيقن بكمال ربه لعلم أنه عليم، ولأيقن أنه سميع، ولجزم بأنه بصير، ولأيقن بأنه لا تخفى عليه خافية، يسمع دبيب النملة السوداء على الصَّفاة السوداء في الليلة الظلماء، لا تخفى عليه - جلَّ وعلا – خافية، لا سمعًا ولا بصرًا، فهو السميع البصير - سبحانه وبحمده -.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق