تجريد التوحيد المفيد

من 2017-12-30 وحتى 2020-01-15
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 1735

التاريخ : 2018-01-28 02:32:29


"واعلم أنك إذا تأملت جميع طوائف الضلال والبدع وجدت أصل ضلالهم راجعًا إلى شيئين:

أحدهما: ظنهم بالله ظن السوء.

والثاني: أنهم لم يقدِّروا الرب حق قدره.

فلم يقدِّره حق قدره من ظنَّ أنه لم يرسل رسولًا ولا أنزل كتابًا، بل ترك الخلق سُدًى وخلقهم عبثًا.

ولا قدَّره حق قدره من نفى عموم قدرته وتعلقها بأفعال عباده من طاعتهم ومعاصيهم، وأخرجها عن خلقه وقدرته.

ولا قدَّره حق قدره أضداد هؤلاء الذين قالوا: إنه يُعاقِب عبده على ما لم يفعله، بل يعاقبه على فعله هو سبحانه، وإذا استحال في العقول أن يُجْبِر السيد عبده على فعلٍ ثم يعاقبه عليه، فكيف يصدر هذا من أعدل العادلين؟!

وقول هؤلاء شرٌّ من أشباه المجوس القدرية الأذلين.

ولا قدَّره حق قدره، من نفى رحمته ورضاه ومحبته وغضبه وحكمته مطلقًا وحقيقة فعله، ولم يجعل له فعلًا اختياريًّا، بل أفعاله مفعولاتٌ منفصلةٌ عنه.

ولا قدَّره حق قدره من جعل له صاحبةً وولدًا، أو جعله يَحُلُّ في مخلوقاته، أو جعله عين هذا الوجود.

ولا قدَّره حق قدره من قال: إنه رفع أعداء رسوله وأهل بيته، وجعل فيهم المُلْكَ، ووضع أولياء رسوله وأهل بيته، وهذا يتضمن غاية القدح في الرب - تعالى الله عن قول الرافضة -.

وهذا مشتقٌّ من قول اليهود والنصارى في رب العالمين: إنه أرسل ملكًا ظالمًا فادَّعى النبوة، وكذب على الله، ومكث زمنًا طويلًا يقول: أمرني بكذا ونهاني عن كذا، ويستبيح دماء أنبياء الله وأحبائه، والرب تعالى يُظْهِرُه وهو يؤيده ويقيم الأدلة والمعجزات على صدقه، ويُقْبِل بقلوب الخلق وأجسادهم إليه، ويُقيم دولته على الظهور والزيادة، ويُذِل أعداءه أكثر من ثمانمائة عام، فوازن بين قول هؤلاء وقول إخوانهم من الرافضة، تجد القولين سواء.

ولا قدَّره حق قدره من زعم أنه لا يحيي الموتى ولا يبعث من في القبور؛ ليبين لعباده الذي كانوا فيه يختلفون، وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين".

هذه الكلمات التي ذكرها - رحمه الله - بيَّن فيها أصلًا، ثم مثَّل له بأمثلة.
والأصل هو: أن جميع طوائف الضلال والبِدَع، كل من انحرف عن الصراط المستقيم، وخرج عن هدي سيد المرسلين، وتورط في ألوان المحدثات، في الأقوال أو الاعتقادات أو الأعمال، على شتى أنواع الانحراف والضلال في الطوائف والفِرَق المنتسبة للإسلام، كل هؤلاء وقعوا فيما وقعوا فيه من الضلال؛ لواحد من أمرين، لسبب من سببين:
أحدهما: ظنهم بالله ظن السوء.
الثاني: أنهم لم يقدروا الله حق قدره.
قد ينفرد سبب بانحراف، وقد يكون الانحراف ناشئًا عن السببين، إنما كل الانحرافات التي وقع فيها من وقع هي ناتجة: إما عن سوء ظنٍّ بالله، وإما عن عدم قَدْرٍ له حق قدره، وإما عن مجموعهما.

  

وقد مثَّل المؤلف – رحمه الله – لهذه القاعدة وهذا التقرير بجملة من الأمثلة، فقال –رحمه الله – في تقريره لهذا الأصل: "فلم يقدره حق قدره من ظنَّ أنه لم يرسل رسولًا، ولا أنزل كتابًا، بل ترك الحلق سُدًى وخلقهم عبثًا" كما قال المشركون الذين كذَّبوا الرسل.

"ولا قدر الله حق قدره من نفى عموم قدرته وتعلقها بأفعال عباده" كقول القدرية.

"ولا قدر الله حق قدره أضداد هؤلاء الذين قالوا: إنه يُعاقِب عبده على ما لم يفعله" وهم الجَبْرِيَّة.

"ولا قدر الله حق قدره، من نفى رحمته و محبته ورضاه" أي: الصفات الاختيارية التي اتصف بها – جلَّ في علاه -.

وقال: "ولا قدر الله حق قدره من جعل له صاحبةً وولدًا"، وهذا قول النصارى.

"ولا قدر الله حق قدره من قال: إنه رفع أعداء رسوله، وأعداء أهل بيته، وجعل فيهم المُلك، ووضع أولياء رسوله وأهل بيته" وهذا قول الغُلاةِ في آل البيت.

ثم قال: "ولا قدر الله حق قدره من زعم أنه لا يحيي الموتى ولا يبعث من في القبور" كقول الدَهْرِيَّة.

كل هذه المقالات هي أمثلة لِما قرره من أنَّ كل انحرافٍ يقع فيه الناس ناشئٌ عن: إما إساءة ظنٍّ بالله، وإما عدم قَدْرٍ له حق قدره – جلَّ في علاه -.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق