تجريد التوحيد المفيد

من 2017-12-30 وحتى 2020-01-15
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 1400

التاريخ : 2018-03-12 15:23:37

طباعة الصفحة   

أما الطائفة الثانية فقال:

"والقَدَرِيَّة أوجبت عليه - سبحانه - رعاية المصالح، وجعلت ذلك كله بمحض الأعمال، وأنَّ وصول الثواب إلى العبد بدون عمله فيه تنقيصٌ باحتمال منَّة الصدقة عليه بلا ثمن، فجعلوا تفَضُّله - سبحانه - على عبده بمنزلة صدقة العبد على العبد، وأنَّ إعطاء ما يُعطيه أجرةً على عمله أحبُّ إلى العبد من أن يعطيه فضلًا منه بلا عمل، ولم يجعلوا للأعمال تأثيرًا في الجزاء البتَّه".

هؤلاء هم القسم المقابل لأولئك، حيث قالوا: "إن الله لا يعطي العبد إلا ما يقابِل عمله، والعبد مستحقٌّ لذلك، ليس لله فضلٌ على عباده". يقولون: "إن الله لا فضل له على عباده بإدخالهم الجنة، إنما دخلوا بأعمالهم".

    

وهؤلاء كذَّبوا ما دلَّت عليه النصوص؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأصحابه: «وَاعْلَمُوا أَن أحدًا مِنْكُم لن يدْخل الْجنَّة بِعَمَلِهِ»، قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللَّهُ بِرَحْمَتِه» أخرجه البخاري (5673)، ومسلم (2818) .

وسيأتي رد أهل البصائر من أهل العلم على هذه الضلالات في كلام المؤلف - رحمه الله-  بعد قليل.

    

"والطائفتان منحرفتان عن الصراط المستقيم، وهو أن الأعمال أسبابٌ موصلةٌ إلى الثواب، والأعمال الصالحات من توفيق الله تعالى وفضله، وليست قدرًا لجزائه وثوابه، بل غايتها إذا وقعت على أكمل الوجوه أن تكون شكرًا على أحد الأجزاء القليلة من نعمه – سبحانه -، فلو عَذَّب أهل سماواته وأهل أرضه لعذَّبهم وهو غير ظالمٍ لهم، ولو رحمهم لكانت رحمته لهم خيرًا من أعمالهم".

هذا التقرير في غاية الأهمية للرد على كل باطلٍ وضلالة من ضلالات القدريَّة والجبريَّة.

يقول - رحمه الله -: "والطائفتان منحرفتان عن الصراط المستقيم" خارجتان عما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وما كان عليه أصحابه الكرام - رضي الله تعالى عنهم -؛ حيث ظنَّ هؤلاء أنَّ الأعمال لا تأثير لها، أو أنَّ الأعمال تبلغ بالتأثير أن تكون مستقلة في استحقاق الجزاء والأجر.

يقول - رحمه الله - في بيان ما ينبغي أن يُعتقد فيما يتصل بالأسباب والحِكم والعلل: "وهو أنَّ الأعمال أسبابٌ موصلةٌ إلى الثواب" الأعمال التي يتقرَّب بها العاملون إلى الله من الصلاة والزكاة والصوم والحج، وبر الوالدين وصلة الأرحام والإحسان إلى الخلق، وغير ذلك من الفرائض والمستحبات؛ هي أسباب ووسائل ووسائط يصل بها الإنسان إلى ثواب الله - عزَّ وجلَّ -. والأعمال الصالحات من توفيق الله تعالى وفضله، العمل الصالح من توفيق الله للعبد؛ فإن الله إذا وفَّق العبد شرح صدره للهدى.

    

ولهذا نحن في كل صلاة نقول ماذا؟ ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾[الفاتحة:6]، نسأل الله أمرين بسؤال الهداية:

الأمر الأول: أن يبيِّن لنا الطريق الموصل إلى جنته.

والأمر الثاني: عندما نقول: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾[الفاتحة:6]، نسأل الله أن يعيننا على سلوك هذا الطريق، أن يهدي قلوبنا إلى أن نكون من أهل هذا السبيل عملًا وممارسةً.

فنحن نسأل الله هذين الأمرين، فلو بيَّن لنا الطريق ولم يُعِنَّا على سلوك السبيل لم نصل إلى رحمته، كما أنه لو أعمى السُبُل علينا ولم نعرف الحق، فإننا سنضرب طرقًا في الضلالة متنوعة ولن نصل إلى الهدى، فما أحوج العبد إلى الهداية، «يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلا مَنْ هَدَيْتُهُ» وكيف نُحَصِّل هذه الهداية؟ «فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ» أخرجه مسلم (2577) اطلبوا الهداية مني أعطيكم إياها، والهداية المطلوبة كم نوعًا؟

نوعان:

·         هداية بيان، ومعرفة، ودلالة، وهذا بأن يتبيَّن لك الحق، وتعرف الطريق الموصل إلى الله.

·         وهداية توفيق، وإلهام، وعمل، وهذه يقذفها الله في قلبك، ولا يمكن أن يُوْصِلها إليك غير الله، ﴿إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [القصص:56].

التعريف بالطريق يمكن أن يُعَرِّفَك به أهل العلم وأهل البصائر من ورثة النبيين، لكن من الذي يُعِينك على العمل بما عَرَفت من الحق؟ الله - جلَّ في علاه -، «وَاللَّهِ لَوْلاَ اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا، وَلاَ تصدقنا وَلاَ صَلَّيْنَا» أخرجه البخاري (4104)، ومسلم (1802) فهي نعمةٌ من الله عليك.

وبهذا يتبيَّن ضلال الفريقين: ضلال الجبرية، وضلال القدرية الذين يقولون: "هذا الجزاء الذي يكون في الآخرة على العمل الصلاح هو حقك، ليس لله فيه عليك مِنَّة".

بل يُقال: المِنَّة غامرةٌ عباد الله الصالحين بتوفيقهم للصالحات؛ قال الله - عزَّ وجلَّ -: ﴿يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾[الحجرات:17]، بيَّن ووضح وألهمكم سلوك سبيله، والأخذ بخصاله، والعمل بِشُعَبِه.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق