أسباب حياة القلوب

من 2018-03-14 وحتى 2021-03-01
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 1632

التاريخ : 2018-03-14 18:37:54


افتتح المؤلف -رحمه الله- النظم بالبسملة، والبسملة مما جرى عمل أهل العلم على افتتاح الكُتب والنظم بها، فمن سُنة الكُتُب الافتتاح بالبسملة اقتداءً بكتاب الله -عزَّ وجلَّ- فإن الله تعالى افتتح كتابه بالبسملة، بل افتتح سِور كتابه بالبسملة عدا سورة براءة فإنها لا بسملة في أولها.

والافتتاحُ بالبسملة أيضًا سُنَّة النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فإنه كان يفتتح كُتبه -صلى الله عليه وسلم- بالبسملة، جاء ذلك في جُمْلةٍ من الكُتب المحفوظة عنه، أشهرها كتابه -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لهِرَقل، وكذلك ما كتبه -صلى الله عليه وسلم- في صلح الحُدَيْبية، فإنه افتتح الكتب بـ «بسم الله الرحمن الرحيم»، ثم لما اعترض عليه مشركو مكة، عدَّله إلى «باسمك اللهم»، والمقصود أن سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- في كتاباته جرت على الافتتاح بالبسملة.

والبسملة جُملةٌ تامةٌ مفيدة، يُؤْتى بها للتبرك بأسماء الله -عزَّ وجل-، واستفتاح الخير بذكره -جلَّ في عُلاه-.

  

ومما ذكره أهل العلم في البسملة أنها متعلقة بفعل له اسم مُؤخَّر مُقدَّر مُناسب، هكذا ذكروا في متعلق البسملة؛ لأن الجار والمجرور لا بُد له من متعلق، فذكروا في ذلك أنه مؤخر لأجل التبرك بالبداءة بسم الله -عزَّ وجلَّ- وأنه مُقدر وهذا هو الغالب وقد يصرح به، كقوله تعالى ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ [سورة العلق: 1]، وكقوله: ﴿بِسْمِ اللَّهِ مَجْراهَا﴾ [هود:41]، لكن هذا خلاف الأصل.

والأغلب في ذكر البسملة، إذا الأغلب والأصل فيها أن لا يذكر مُتعلقها، وإنما يكون مقدرًا مُؤخرًا يُناسب حال الذاكر أي: يُناسب حال من ذكر البسملة، فمن ذكرها في دخول يكون المناسب بسم الله دخولي، أو بسم الله أدخل، في قراءة بسم الله اقرأ، أو بسم الله قراءتي، في أكل بسم الله أكل، أو بسم الله أكلي، وهلم جر.

  

وفائدة البسملة ما ذكرت من استصحاب ذكر الله في بداءة الأمور وفي أثناءها، فإن المجيء بها ليس فقط تبركًا في الافتتاح بل تبركًا بذكر الله في كل العمل في أوله وفي سائره، إذ إنها مستصحبة في كل القراءة وفي كل العمل الذي ذُكرت به، سواء كانت مستصحبة في كل العمل الذي ذُكرت فيه سواءً كانت قراءة أو دخولًا أو أكلًا أو غير ذلك.

والبسملة تضمنت ثلاثة أسماءٍ من أسماء الله -عزَّ وجل- كلها تتضمن من الفضل والعطاء والإحسان والبركة ما يصدق عليه قوله -جلَّ وعلا-: ﴿تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ [الرحمن:78]، فأسماؤه -سبحانه وتعالى- مباركة.

والمقصود أن البداءة بالبسملة من السنن النبوية التي جرى عليها عمل أهل العلم -رحمهم الله- واقتصر النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- على ذكر البسملة في الكُتب المحفوظة عنه -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فلم يذكر مع البسملةِ حمدًا ولا غيره من ذكر الله -عزَّ وجل- وغالب أهل العلم على ذِكْر الحمد مع البسملة وهو مما يزيد خيرًا إذ أن الحمد لله -عزَّ وجل- موجبٌ لرضاه -سبحانه وبحمده- فإن الله تعالى يرضى عن العبد يأكل الأَكْلة فيحمده عليها، ويشرب الشَّرْبة فيحمده عليها، فالحمد موجبٌ لعطاء الله -عزَّ وجل-، ولذلك يذكره كثيرٌ من أهل العلم مع البسملة فيجمع بين الحمدله والبسملة، وهذا ما كان عليه الحال في بعض كلام الله -عزَّ وجل-، فإن الله تعالى في بعض سور كتابه افتتح السورة بالبسملة وذكر فيها حَمْدَه -سبحانه وبحمده- كقوله -جلَّ في علاه-: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3)﴾ [سورة الفاتحة: 1-3]، فجمع في هذه السورة ذِكْرَ البسملة والحمدله، وكذلك في سورة الأنعام بسم الله الرحمن الرحيم ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾ [سورة الأنعام: 1]، وهكذا في بعض السور، لكن غالب سور الكتاب ليس فيها ذكر الحمد بعد البسملة، بل الاقتصار على الحمد.

وعلى كل حال ذكر الحمد مع البسملة له أصلٌ في كلام الله -عزَّ وجل-، وهو مما يزداد به الإنسان خيرًا وفضلًا وثوابًا وأجرا.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق