أسباب حياة القلوب

من 2018-03-14 وحتى 2021-03-01
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 3852

التاريخ : 2018-04-08 16:07:57


قال -رحمه الله- في بيان علامة موت القلب، قال: "وآية ذا" علامة موت القلب "هونُ القبائحِ عندَه" يعني أن تكون القبائح والرذائل والمعاصي سهلة في عينه، فكل ما يُعاب من المعاصي والذنوب لا شيء في ميزانه، تجده يأتي الذنب وراء الذنب، ويُصيب السيئة بعد السيئة، ويستخف بالخطايا حتى تتعاقب عليه وتتوالى وهو في غفلة، يقول: هذه ما تضر، وهذه يستغفر منها، وهذه غير مؤثرة، وهذه فعلت ولم أجد أني تأثرت.

في حين أن المعصية لا بُد أن تؤثر؛ النبي -صلى الله عليه وسلم- في الصحيح يقول: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن»، نفى عنه الإيمان، معنى هذا أنه أثر في قلبه، «ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن» يقول أبو هريرة: «إن الإيمان إذا واقع الإنسان الزنى يخرج فيكون فوق رأسه كالظُلة؛ سحابة، إن شاء الله –تعالى- سلبه إياه، وإن شاء رده إليه»، فالموضوع خطير كما لو عرض الإنسان نفسه إلى السقوط من هاوية قد يسلم، وقد يهلك، لكن تعريض النفس إلى مثل هذه المعطِبات والأخطار لا شك أنه من التفريط الذي لا تؤمن عواقبه.

  

ولهذا ينبغي للإنسان أن لا يستهون القبائح، فإن الاستخفاف بالسيئات دليل عدم صحة الإيمان، لذلك يقول ابن مسعود: «المنافق يرى ذنبه كذبابةٍ وقعت على أنفه فقال بها هكذا فطارت، ما تؤثر، والمؤمن يرى ذنبه كالجبل يوشك إن يقع عليه فيهلك»، وشتان بين النظرين؛ بين من يرى ذنبه كالجبل يوشك أن يهلكه؛ يسقط عليه فيهلك، وبين من يرى ذنبه مهما عظم كذبابةٍ وقفت على طرف أنفه وقال بها هكذا فذهبت، فلا شك أن الفرق بين نظر هذا وذاك.

ولهذا جاء في المسند بإسنادٍ جيد من حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إياكم ومحقرات الذنوب» يعني الذنوب التي لا ترونها شيئًا، التي تحتقرونها.

والاحتقار هنا ليس أنها من الصغائر قد تكون من الكبائر، لكن الناس أصبحت عندهم غير مؤثرة، كالغيبة فهي بالإجماع الغيبة من كبائر الذنوب، لكن هي في ميزان الناس من من المحقرات التي لا يرونها شيئًا، ويستخفون بها، بل ومجالس بعض الناس لا تقوم إلا عليها، النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إياكم ومحقرات الذنوب»، معنى محقرات الذنوب يعني الذنوب الصغيرة، وأيضًا الذنوب التي تستصغرونها ولو كانت كبيرة، «فإنهن يجتمعن على الرجل فيهلكن» وهن صغائر لكن لما اجتمعت وتوالت كانت سببًا للإهلاك.

ومثَّل النبي -صلى الله عليه وسلم- -وهذا يُشير إلى أن المحقرات المقصود بها الصغائر- مثَّل النبي -صلى الله عليه وسلم- لذلك بقومٍ نزلوا واديًا فجاء ذا بعود، وجاء ذا بعود، كل واحد جاء منهم بحطبة أو قطعة خشب عود حتى جمعوا كومةً فأوقدوا فيها النار، فأنضجوا طعامهم، هذا ما جاء من عودٍ واحد، إنما لما اجتمعت الأعواد اشتعلت النار، فكذلك المعاصي عندما تستخف بها وتستكثر منها فإن الهلاك لا يقع بذنبٍ واحد، إنما الهلاك يقع بمجموع ما جَمعت من هذه الخطايا والسيئات.

  

ولذلك يقول: "وآية ذا" علامة موت القلب، "هونُ القبائحِ عندَه" استسهال المعاصي، والاستخفاف بها، "ولولاه" يعني لولا موت القلب، "أضْحى نادماً متألماً" لولا موت قلبه لكانت حاله على خلاف ذلك،  لصار نادمًا، والندم مفتاح التوبة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «الندم توبة».

"لأضحى نادمًا": يعني لتاب إلى الله -عزَّ وجل-، "متألماً" أي: يجد في قلبه ألمًا من مخالفة أمر ربه، هذا معنى قوله -رحمه الله تعالى-: "لأضْحى نادماً متألماً".

لكن من مات قلبه فإنه لا يشعر بذلك، وقد قيل:

من يهن يسهل الهوان عليه                          ما لجرحٍ بميٍت إيلام

فالميت مهما توالت عليه النصال، وتعاقبت عليه السهام لا تؤثر فيه، لا لكونها، لا تؤلم لكن لكونه فقد الإحساس، فإذا هانت المعاصي وسهُلت أصبحت لا تؤثر فيه، ليس لعدم تأثيرها، بل لكون إحساسه قد غاب، ولم يبقَ معه ما يشعر به من ألم مخالفة أمر الله ورسوله.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق
السيدة ام عبد المجيد نبيلي
لقد اصبحت في مجتمعاتنا الغيبة شيء عادي بالرغم من عظم الذنب كما يسميها البعض فاكهة المجلس فهل الغيبة كفارة ام هي حقوق الناس لا تسترجع إلا يوم القيامة؟
2020-11-13