شرح العقيدة الواسطية

من 1439-02-06 وحتى 1440-12-06
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 2028

التاريخ : 2018-04-26 17:33:20


وقوله –صلى الله عليه وسلم-: «لله أشد فرحا بتوبة عبده المؤمن التائب من أحدكم براحلته» متفق عليه وقوله –صلى الله عليه وسلم-: «يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة» متفق عليه، وقوله –صلى الله عليه وسلم-: «عجب ربنا من قنوط عباده وقرب غيره ينظر إليكم أزلين قنطين فيظل يضحك، يعلم أن فرجكم قريب» حديث حسن.

هذه الأحاديث الثلاثة كلها في إثبات بعض صفات أفعال الله –عز وجل-، وأنه سبحانه وبحمده يفعل ما يشاء.

لا ريب أن الله تعالى أخبر في كتابه عن أفعاله، وأخبر عنه رسوله –صلى الله عليه وسلم- وأفعاله الاختيارية تليق به وهي منوطة بمشيئته، ثابتة له على الوجه اللائق به سبحانه وبحمده.

  

فالحديث الأول حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه في الصحيح أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: «لله أشد فرحا بتوبة عبده المؤمن التائب من أحدكم براحلته» يخبر النبي –صلى الله عليه وسلم- بعظيم الفرح الذي يكون من الله جل وعلا لتوبة التائب، فالله سبحانه وتعالى يفرح بتوبة عبده أشد من فرح صاحب الراحلة الذي أضاعها وأضلها في الصحراء ثم وجدها من غير سعي منه، فالله سبحانه وبحمده أشد فرحا بتوبة العبد من صاحب الضالة تعود إليه ضالته ويجد ضائع ماله من غير جهد ولا طلب، وهذا فيه الخبر عن عظيم رحمة الله بعباده، وهو يدل على عظيم محبته جل في علاه للتوبة وأن التوبة تقع منه هذا الموقع العظيم الجليل، إذ أن الله تعالى يفرح بها وما فرح الله تعالى به سبحانه وبحمده فإنه يحبه وهو مما يندب إلى التحلي به كما دل عليه الحديث الشريف.

  

أما الحديث الآخر: وهو في إثبات صفحة الضحك لله –عز وجل- على الوجه اللائق به: «يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة» هذا الحديث رواه البخاري ومسلم من حديث مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه يخبر به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن ضحكه وهذا يدل على رضاه جل في علاه بهذه الحال والخبر عن ضحك الله –عز وجل- جاء في سنة النبي –صلى الله عليه وسلم- على وجه متواتر وهو دال على عظيم صفاته وكماله سبحانه وبحمده.

ولهذا لما قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: «ينظر إليكم الرب قنطين» أي بسبب قلة المطر أو جدبه وقحط الأمطار فيظل يضحك سبحانه وبحمده «يعلم أن فرجكم قريب» لما سمع ذلك أبو رزين العقيلي رضي الله تعالى عنه وهو من الصحابة الكرام قال يا رسول الله: أو يضحك الرب؟ يستفسر هل يضحك ربنا جل في علاه؟ فأجاب النبي –صلى الله عليه وسلم- نعم ثم علق أبو رزين -رضي الله تعالى- عنه على هذا الخبر فقال: لن نعدم خيرا من رب يضحك. فانظر كيف كان أثر هذا الخبر على هذا الصحابي الكريم الذي استدل بهذا الوصف على عظيم إحسان الرب جل في علاه.

وأن ضحكه سبحانه وبحمده موجب لعطائه، مؤذن بكريم إحسانه وجزيل بره بعباده سبحانه وبحمده.

  

وأما الحديث الثالث:

فهو حديث رواه غير واحد من أهل العلم بإسناد لا بأس به قال فيه النبي –صلى الله عليه وسلم-: «عجب ربنا من قنوط عباده» أي من إياسهم؛ فالقنوط هو شدة اليأس من الإجابة والعطاء.

«وقرب غِيرِه» أي واقتراب زمن تغييره سبحانه وبحمده، فيعجب الله –عز وجل- من حال الناس تمتلئ صدورهم قنوطا من فضل الله وإحسانه، والفرج قريب منهم والتغيير إلى الأحسن والأفضل بين أيديهم يوشك أن ينزل بهم «ينظر إليكم أزلين قنطين فيظل يضحك يعلم أن فرجكم قريب» وهذا يدل على إثبات صفة التعجب لله، وليعلم أن التعجب لا يلزم منه الجهل ولا يلزم منه نقص من المعاني التي يمكن أن يتوهمها المتوهمون؛

  

للرضا بالشيء، ولتعظيمه، ولخروجه عن نظائره، فالله سبحانه وتعالى أخبر عن تعجبه من بعض حال عباده وذلك تعظيما لهذه الحال ورضا بها.

وقد يكون التعجب أيضًا في سياق عظيم الغضب وشدة المقت كما قال جل وعلا: ﴿بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ[الصافات: 12] دال على عظيم مقته جل في علاه وغضبه على هؤلاء الذين بين لهم ما بين، ودلهم على  سبل الهدى والرشاد مع إصرارهم على ما هم عليه من الكفر والعناد، ولذلك قال: ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ[البقرة: 28] وقال تعالى: ﴿وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ[آل عمران: 101].

وقد يأتي التعجيب في سياق نفي الحكم وعدم ثبوته كما قال تعالى في عهود المشركين: ﴿كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ[التوبة: 7] أي لا يكون ذلك فالاستفهام والتعجيب هنا نفي لما يتوهم من التزام العهود مع نقض هؤلاء للعهد الذي بينهم وبين أهل الإسلام.

والمقصود أن هذه الأدلة دالة على إثبات هذه الصفات لله –عز وجل- وهي من صفات الفعل النزول والفرح والضحك والتعجب والله سبحانه وبحمده له الصفات العليا وله الكمال المطلق ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق