كتاب الصيام من دليل الطالب

من 0000-00-00 وحتى 0000-00-00
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 2255

التاريخ : 2018-05-07 07:56:33


(وعلى من حال دونهم ودون مطلعه غيم أو قتر ليلة الثلاثين من شعبان احتياطًا بنية رمضان) بعد أن ذكر وجوب الصوم برؤية الهلال، ذكر في حال امتناع الرؤية ما الذي يحدث؟

قال: (وعلى من حال دونهم ودون مطلعه غيم) إذا لم يُر الهلال ليلة الثلاثين فلا يخلو الأمر من حالين:

الحال الأولى: أن يكون الجو صحوًا، وليس ثمة ما يحجب الرؤية؛ فهنا يصبح يوم الثلاثين مفطرًا، ولا يثبت به الشهر؛ لأن هذا لم تثبت به الرؤية.

وهذا هو يوم الشك على المذهب - مذهب الحنابلة - الذي نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صومه فيما جاء فيما رواه البخاري تعليقًا صحيح البخاري (3/ 27) وهو في السنن سنن أبي داود (2334) والترمذي (686)، وقال: حسن صحيح. والنسائي (2188)، وابن ماجة (1645)، وصححه ابن خزيمة (1914)، وابن حبان (3585)، والحاكم (1542). من حديث عمار رضي الله تعالى عنه قال: «مَنْ صَامَ الْيَوْمَ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».

فيوم الشك عند الحنابلة هو يوم الثلاثين من شعبان الذي لا يحول دون رؤية الهلال في ليلته غيم ولا قتر، هذه الحال الأولى، أما:

الحال الثانية: أن لا يرى الهلال؛ لوجود ما يمنع من الرؤية من غيم أو غبار أو ضباب، أو غير ذلك من الأسباب المانعة من الرؤية؛ فهنا على المذهب يجب أن يصبحوا صائمين احتياطًا لرمضان، وهذا من مفردات مذهب الحنابلة؛ أي هذا مما انفرد به الحنابلة عن غيرهم من الفقهاء.

ولهذا يقول المؤلف - رحمه الله - في هذه المسألة: (وعلى من حال دونهم ودون مطلعه غيم) أي: سحاب، (أو قتر) أي: دخان، أو غبار، أو ضباب، أو ما إلى ذلك مما يمنع من الرؤية.

قوله رحمه الله: (ليلة الثلاثين من شعبان احتياطًا بنية رمضان) أي: مستصحبين نية أنه رمضان، لكن لا على وجه اليقين، إنما على وجه الاحتياط والظن؛ غلبة الظن.

هذا ما يتعلق بالطريق الثاني الذي يثبت به صوم رمضان، الطريق الأول ما هو؟ رؤية الهلال، الطريق الثاني أن لا يرى ليلة الثلاثين، لكن يحول دون رؤية الهلال مانع يمنع الرؤية، فهنا على مذهب الحنابلة يجب ماذا؟ أن يصبحوا صائمين احتياطًا بنية رمضان، يعني بدون تردُّد، بنية جازمة، فإذا تبين أنه رمضان أجزأهم، وإذا تبين أنه من غير رمضان لم يضرهم؛ كان احتياطًا.

وقد ذكرت قبل قليل أن هذا مِن مفردات مَن؟ الحنابلة؛ خالفوا فيه جمهور العلماء.

  

وثمة قول آخر في المذهب أن هذا لا يجب به صيام، بل هذا هو يوم الشك الذي نُهي عن صيامه، هذا قول آخر في مذهب الحنابلة، وهو الموافق لمذهب المالكية؛ فإنَّ المالكية عندهم أن يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان إذا حال دون رؤية هلاله غيم أو قتر؛ بأن تكون السماء متغيِّمة.

إذًا؛ عرفنا أن القول الثاني في مذهب الحنابلة موافقٌ للمالكية في أن هذا هو يوم الشك الذي نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا القول هو الصحيح، أنه لا يصام هذا اليوم لا احتياطًا ولا يقينًا؛ لأنه ليس بيقين ولا يسوغ الاحتياط في مثل هذا؛ لأنه لا يصام رمضان إلا بيقين؛ إذ الأصل بقاء ما كان على ما كان، والله تعالى قال: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُالبقرة: 184، وهذا لم يشهد الشهر، فلا يكون صيامٌ إلا بيقين، وهذا قول جمهور العلماء؛ أنه لا يصام رمضان إلا بيقين.

إذًا؛ عرفنا الآن أن يوم الشك عند الحنابلة هو ماذا؟

- هو يوم ثلاثين الذي لم يحل دون رؤية الهلال ليلته غيم ولا قتر.

- وعلى القول الثاني - وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية وبه قال صاحب الفروع، ونفوا ثبوت هذا القول عن الإمام أحمد وأنه لم يُحفظ عنه، ولم يُنقل عنه - أن يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان سواء حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر أو لم يحل غيم ولا قتر.

وهذا موافق في بعضه لما جاء عن المالكية؛ لأن المالكية يخصون يوم الشك فقط فيما إذا كان في ليلة الثلاثين غيم أو قتر، أما إذا لم يكن غيم أو قتر فإنهم لا يعدونه يوم الشك، بل يعدونه من شعبان يقينًا، وليس فيه شك.

واعلم - بارك الله فيك - أن يوم الشك فيه لأصحاب المذاهب اختلاف ذكرنا الآن مذهبين؛ مذهب الحنابلة ومذهب المالكية الموافق في بعضه للحنابلة.

أما الحنفية؛ فالحنفية عندهم يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان وإن لم يكن علة، وهذا موافق للقول الثاني عند الحنابلة، بل مطابق؛ لأنهم يقولون: إن يوم الشك هو يوم الثلاثين مطلقًا؛ هناك علة تمنع من الرؤية أو ليس ثمة علة تمنع من الرؤية.

أما الشافعية فقولهم فيما يتعلق بيوم الشك: إنه يوم الثلاثين من شعبان، إذا وقع في الرؤية التباس فقط، أما إذا لم يقع في الرؤية التباس؛ فإنه ليس يوم الشك الذي نهي عنه، وكيف يقع الالتباس؟ قالوا: يقع التباس أنْ يختلف الناس هل رُئِي أو لا، أو يشهد أحد برؤيته وتُردُّ شهادته، أو لا يشهد إلا من لا تقبل شهادته، أو لم يتحدث الناس برؤية أحد، ولكن قعدوا عن الرؤية، بعضهم عَدَّه من يوم الشك؛ إذا قعدوا عن الرؤية، لم يطلب أحد الرؤية.

فهذه مذاهب العلماء في يوم الشك.

  

والراجح - والله تعالى أعلم - أن يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان سواء منع من الرؤية علة، أو لم يمنع من الرؤية علة، سواء التبس أمره عند الناس أو لم يلتبس.

وعلى هذا أرجح الأقوال في تعيين يوم الشك مذهب من؟ مذهب الحنفية الموافق للقول الثاني عند الحنابلة، هذا هو يوم الشك وهو أقرب الأقوال إلى الصواب.

وبه يُعلم أن ما قرره المؤلف هنا في قوله: (وعلى من حال دونهم ودون مطلعه غيم أو قتر ليلة الثلاثين من شعبان الصيام احتياطًا بنية رمضان) أنه خلاف الراجح.

وما الذي جعلهم يقولون بهذا القول؟ ما دليلهم؟

هم ذكروا في ذلك مسوغات عديدة، أبرز ما استدلوا به حديث عبد الله بن عمر: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْكُمْ فَاقْدِرُوا لَهُ» أخرجه البخاري بنحوه (1909)، ومسلم (1080)، واللفظ له قالوا: «فَاقْدِرُوا لَهُ» يعني: ضيِّقوا عليه، وكيف يضيقون عليه؟ بأن يجعلوا شعبان تسعة وعشرين يومًا، ولكن الصواب أن قوله: «فَاقْدِرُوا لَهُ» جاء بيانه في رواية مسلم صحيح مسلم (1080) : «فَاقْدِرُوا لَهُ ثَلَاثِينَ»، وفي الرواية الثانية عند البخاري أخرجه البخاري (1907) : «فَأَكْمِلُوا العِدَّةَ ثَلاَثِين» وفي رواية أخرى للبخاري صحيح البخاري (1909) : «فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ»، وبهذا يتبين معنا القدر هنا وأنه الحساب وليس التضييق.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق