كتاب الصيام من دليل الطالب

من 0000-00-00 وحتى 0000-00-00
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 1603

التاريخ : 2018-05-07 07:57:19

طباعة الصفحة   

(وتثبت رؤية هلاله بخبر مسلم مكلف عدل ولو عبدًا أو أنثى، وتثبت بقية الأحكام تبعًا، ولا يقبل في بقية الشهور إلا رجلان عدلان).

قوله - رحمه الله -: (وتثبت رؤية هلاله بخبر مسلم مكلف عدل ولو عبدًا أو أنثى) هذا يمكن أن يعد طريقًا مستقلًّا من طرق إثبات رمضان، ويمكن أن يقال: هذا فرع عن الطريق الأول وهو رؤية الهلال.

الهلال إما أن يشهده بنفسه، هذا اليقين، وإما أن يشهده بخبر العدل؛ فيكون هذا مندرجًا في الطريق الأول من طرق ثبوت شهر رمضان وهو الرؤية، إما الرؤية المباشرة وإما ماذا؟ خبر العدل، خبر من الذي تثبت به الرؤية؟

قال: (وتثبت رؤية هلاله بخبر مسلم مكلف عدل) هذه ثلاثة أوصاف:

الأول: (مسلم) دلَّ ذلك على أنه يشترط في خبر المخبر أن يكون مسلمًا؛ فيشترط الإسلام.

والثاني: (مكلف) فخرج به المجنون والصغير.

الثالث: (عدل)، وهو المستقيم في دينه المستعمل للمروءة، هذا هو العدل؛ وصفان للعدالة:

الأول: الاستقامة في الدين.

والثاني: استعمال المروءة.

ولم يذكر شرطًا مهمًّا وهو العلم بالهلال، لكن هذا معلوم، فلابد أن يكون الشاهد عالمـًا بالهلال، فلو أنه أخبر برؤية هلال على غير المعروف؛ فإنه لا تُقبل شهادته ولو كان مسلمًا مكلفًا عدلًا؛ لأنه لابد في الشهادة من علم؛ إذ إن الشهادة لا تصلح بلا علم، بل بناؤها على العلم؛ قال الله تعالى: ﴿وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَايوسف: 81؛ فلابد من العلم في الشهادة، فإذا كان لا يعلم فإنه لا تقبل شهادته.

    

دليل هذه الأوصاف ما جاء في السنن من حديث عبد الله بن عباس - رضي الله تعالى عنه – قال: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ الْهِلَالَ، فَقَالَ: «أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ»، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟»، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «يَا بِلَالُ، أَذِّنْ فِي النَّاسِ فَلْيَصُومُوا غَدًا» هذا الحديث رواه الأربعة أبو داود (2340)، والترمذي (691)، والنسائي (2112)، وابن ماجة (1652)،  وقد صححه ابن خزيمة صحيح ابن خزيمة (1923) ، ورجح النسائي إرساله، وهو عمدة الفقهاء فيما ذكروه من شروط الشاهد أن يكون مسلمًا مكلفًا.

أما العدالة فاستدلوا لها بما جاء في آيات اشتراط العدالة في الشهود؛ حيث قال تعالى: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْالطلاق: 2، ومعلوم أن العدالة شرط في كل الشهادات، فقالوا: هذا منها فلابد من العدالة.

    

لكن اختلفوا في مستور الحال هل تقبل شهادته أو لا تقبل شهادته؟

مستور الحال - وهو من لا يُعلم عنه إلا ما ظهر من حاله من وصف الإسلام -:

من أهل العلم من قال: لابد من العدالة التي يُعلم بها استقامة دينه، ولا يكفي العلم بوصف الإسلام فيه.

وذهب جماعة من أهل العلم، وهو مذهب الحنفية، ورواية في مذهب أحمد، إلى أنه تقبل شهادة مجهول الحال إذا عُرف إسلامه في ثبوت شهر رمضان.

دليل هذا القول حديث عبد الله بن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يسأل الرجل إلا عن وصف الإسلام: «أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ»، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟»، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «يَا بِلَالُ، أَذِّنْ فِي النَّاسِ فَلْيَصُومُوا غَدًا» تقدم تخريجه ؛ فرتَّب النبي - صلى الله عليه وسلم - ثبوت الرؤية على رجل لم يعلم من حاله إلا الإسلام، فدل ذلك على قبول شهادة مجهول الحال، وهذا مذهب الحنفية ورواية في مذهب أحمد، خلافًا للرواية التي قررها المؤلف وهي موافقة للجمهور؛ حيث يشترطون في الشاهد أن يكون عدلًا، والذي يظهر والله تعالى أعلم أن ظاهر الحال كافٍ في ثبوت الشهادة التي بها تثبت رؤية الهلال.

    

وقوله - رحمه الله -: (مسلم مكلف عدل) دلَّ على الاكتفاء بشاهد واحد في رؤية هلال رمضان، وهذا هو مذهب الحنابلة، وهو قول عند الشافعية.

واستدلوا لذلك بما جاء في سنن أبي داود من حديث عبد الله بن عمر قال: «تَرَاءَى النَّاسُ الْهِلَالَ، فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنِّي رَأَيْتُهُ فَصَامَهُ، وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ» سنن أبي داود (2342)، وصححه ابن حبان (3447)، والحاكم (1541) .

وكذلك في حديث ابن عباس في الرجل الذي سأله عن الشهادتين ثم قال: «يَا بِلَالُ، أَذِّنْ فِي النَّاسِ فَلْيَصُومُوا غَدًا» تقدم تخريجه فقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - شهادة واحد.

هذا مذهب الحنابلة وهو قول عند الشافعية، وبه قالت الحنفية في حال ما إذا كانت السماء مغيمة، أما إذا كانت مصحية ولا مانع من الرؤية فإنهم لا يقبلون إلا شهادة عدلين.

والراجح هو صحة ثبوت الشهر بشهادة واحد؛ لحديث ابن عمر وحديث ابن عباس، وهو مستثنى من الحديث الذي في السنن سنن النسائي الصغرى (2116) : «فَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ فَصُومُوا، وَأَفْطِرُوا».

    

وأما قوله - رحمه الله -: (ولو عبدًا أو أنثي) هذا إشارة للخلاف، فمن أهل العلم من لا يقبل شهادة العبد ولا الأنثى في ثبوت الشهر، بل لابد أن يكون رجلًا، فيشترطون الذكورة في الشاهد، والأقرب من الأقوال هو ما ذهب إليه الحنابلة من أنه لا يشترط الذكورة؛ لأنه خبرٌ دينيٌّ يقبل من كل من جاء به ممن توافرت فيه صفة العدالة.

نقف على هذا ونكمل إن شاء الله تعالى بعد غد.

نسأل الله أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق