كتاب الصيام من دليل الطالب

من 0000-00-00 وحتى 0000-00-00
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 1390

التاريخ : 2018-05-07 08:05:36


(فمن عجز عنه لكبر أو مرض لا يرجى زواله أفطر، وأطعم عن كل يوم مسكينًا مد بر أو نصف صاع من غيره).

(فمن عجز لكبر) هذا تفريع على شرط القدرة، لم يفرِّع على الإسلام ولا البلوغ ولا العقل، فهي شروط متفق عليها، وليس فيها تفصيل، وإنما فرع على القدرة، ولعله هو السبب الذي جعله يخص شروط الوجوب بالذكر، مع كونها شروط صحة، إلا القدرة والبلوغ؛ فإنه لو صام العاجز صح صومه، وكذلك لو صام الصغير صح صومه.

أما الإسلام والعاقل فلا يصح الصوم إلا بهما، فأما الإسلام فلا يقبل عمل إلا به، وأما العقل فإن من شروط صحة الصوم النية، ولا نية لمن لا عقل له.

  

قال - رحمه الله -: (فمن عجز عنه) عن ماذا؟ عن الصوم (لكبر) اللام للتعليل؛ أي: لأجل كبره، والكِبَر هنا هو أن يبلغ من العمر ما لا يقوى معه على الصيام، ولم يحدَّه بقدر؛ لأن ذلك يختلف ويتفاوت باختلاف الناس، فمن الناس من يصيبه الكبر ويعجز مبكرًا، ومنهم من يصيبه الكبر ويقوى ولو كان كبيرًا.

فالكبر المقصود به الكبر الذي يصاحبه عجز عن الصيام، وليس مطلق الكبر، وهذا معلوم؛ لأن العجز قد تقرر بقوله: (فمن عجز) وذكر للعجز أسبابًا، أول الأسباب التي ذكرها الكِبَر.

  

الثاني قال: (أو مرض لا يرجى زواله) مرض لا يؤمَّل ولا يطمع الشفاء منه، هذا معنى قوله: (لا يرجى زواله) وقوله: (لا يرجى زواله) بناءً على ما جرى به علم الناس في الطب وما عرفوه، وليس بالنظر إلى قدرة الله؛ فالله - عز وجل - لا يعجزه شيء: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ يس: 82، ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينالشعراء: 80، «مَا أَنْزَلَ اللهُ دَاءً، إِلَّا قَدْ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ، وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ» أخرجه الإمام أحمد في المسند (3578)، وصححه الحاكم (7424) .

فقوله: (لا يرجى زواله) بالنظر إلى ماذا؟ إلى ما جرى به علم الناس ومعرفتهم بفنون الطب، (أفطر) أي: أبيح له الفطر لعجزه عن الصوم، ولكن هذا الفطر له عوض.

  

أما قوله - رحمه الله -: (أفطر) فهو محل اتفاق، لا خلاف بين العلماء في أن من عجز عن الصوم فلا يجب عليه؛ لأن الاستطاعة شرط في العبادات كلها.

وأما قوله: (وأطعم عن كل يوم مسكينًا) فهذا البدل والعوض عن ترك الصيام حال العجز، وهو الكفارة، أو الفدية - محل خلاف بين العلماء:

- فجمهور العلماء على وجوب الفدية بترك الصوم.

- وذهب جماعة من أهل العلم إلى أنه إن عجز عن الصوم فلا يجب عليه شيء؛ بناءً على أن الآية قد نُسخت وهي قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍالبقرة: 184.

والذي عليه الجمهور أنها غير منسوخة في حق الكبير ومَن في حكمه، مستدلين لذلك بما رواه البخاري من حديث ابن عباس أن قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍالبقرة: 184 «لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ هُوَ الشَّيْخُ الكَبِيرُ، وَالمَرْأَةُ الكَبِيرَةُ لاَ يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا، فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا» أخرجه البخاري (4505) .

وقد جاء عن أنس رضي الله تعالى عنه أنه أطعم لكبره علَّقه البخاري في صحيحه من قول الحسن وإبراهيم، بصيغة الجزم (6/ 25) .

فثبت هذا عن اثنين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قول ابن عباس وما جاء عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه.

فقوله: (وأطعم) هذا دليله الآية وما جاء من تفسير ابن عباس وعمل أنس بن مالك وعليه جمهور العلماء.

وقوله: (أطعم) أي: أخرج طعامًا (عن كل يوم مسكينًا) أي: لزمه أن يطعم عن كل يوم يفطره لعجزه مسكينًا، ولم يذكر - رحمه الله - نوع الطعام، إنما ذكر قدره فقط.

  

مقدار ما يطعم العاجز عن الصوم:

فقال: (مد بر أو نصف صاع من غيره) بمعنى أنه لم يذكر لزوم نوع معين من الطعام بل ذكر قدره، فإن كان من البر فمدُّ بر؛ وهو ملء اليدين المتوسطتين.

(ونصف صاع من غيره) أي: مُدَّا طعام من غير البر من الشعير أو الأرز أو غير ذلك مما يأكله الناس أو التمر أو ما أشبه ذلك، ودليل الإطعام الآية، ودليل أنه يطعم مسكينا أيضًا الآية؛ لقوله تعالى: ﴿فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍالبقرة: 184؛ فجعل الله تعالى الفدية طعامًا لمسكين، هذا من حيث جهة الإطعام وأنه في المسكين، والمسكين المراد به الفقير، فالمسكين والفقير معناهما واحد وهو من لا يجد الكفاية بالكلية أو يجد بعضها.

وأما تقديره بمد من البر أو نصف صاع من غيره فلا دليل عليه، وإنما لأن أقل ما ورد به الشرع من الإطعام هو هذا القدر، فأحيل ما لم يذكر قدره من الإطعام إلى أقل الوارد في الشرع، واضح؟ أقل الوارد في الشرع إطعامًا نصف صاع، فكل ما لم يرد فيه تعيين للإطعام، تقدير للإطعام، رُدَّ إلى أقل ما ورد؛ لأنه لم يرد في الشرع أقل من ذلك، ولأن الكفاية إنما تحصل بهذا القدر غالبًا، ولا يشترط في هذا إلا التمليك، فلا يشترط الإعداد والتجهيز للطعام، إنما يملِّكه هذا القدر الذي يحصل به الإطعام، ولو لم يكن مطبوخًا، ولكن لابد أن يملَّك هذا القدر.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق