كتاب الصيام من دليل الطالب

من 0000-00-00 وحتى 0000-00-00
فقرات المساق مناقشات حول المساق إشعارات تعريف بالمساق البث المباشر الاختبار العام الشهادات

عداد المشاهدات : 1485

التاريخ : 2018-05-07 08:08:31

طباعة الصفحة   

(وسننه ستة: تعجيل الفطر) شرع في ذكر السنن، والسنن المقصود بها ما نَدَبَ إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأقوال والأعمال والأحوال حال الصوم.

وإضافة السنن إلى الصوم؛ لورود الندب إليها في الصوم على وجه الخصوص.

وقوله: (ستة) هذا على وجه الاستقراء كما تقدم.

بدأ أولًا فيما يتعلق بسنن الصوم بتعجيل الفطر، وتعجيل الفطر من سنن الصوم؛ دلَّ على ذلك أحاديث عديدة:

من أشهرها ما في الصحيحين من حديث سهل بن سعد - رضي الله تعالى عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الفِطْر» أخرجه البخاري (1957)، ومسلم (1098) فهذا دلَّ على استحباب تعجيل الفطر.

وأيضًا جاء في الترمذي من حديث أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ أَحَبَّ عِبَادِي إِلَيَّ، أَعْجَلُهُمْ فِطْرًا» أخرجه الإمام أحمد في المسند (8360)، والترمذي في السنن (700)، وصححه ابن خزيمة (2062)، وابن حبان (3507)، وتُكلِّم في قرة بن عبد الرحمن، لكن قال عنه ابن حبان: من ثقات أهل مصر. هذا الحديث في إسناده مقال، لكن استدل به الفقهاء على استحباب تعجيل الفطر.

وهذان الحديثان يستدل بهما على هذه السنة، وهي سنة تعجيل الفطر.

    

إلا أنه ينبغي أن يُعلم أن استحباب تعجيل الفطر إنما هو عند تيقُّن غروب الشمس؛ ولذلك قال العلماء - رحمهم الله -: فضيلة تعجيل الفطر إذا حلَّت صلاة المغرب، وذلك بأن يتحقق غروب الشمس، والتحقق من غروب الشمس يكون بأمرين:

الأمر الأول: الرؤية المباشرة.

والأمر الثاني: خبر عدلين يخبران بغروب الشمس.

وهذا محل اتفاق.

وكذا عدل واحد على الأرجح؛ فلو أخبر عدل بغروب الشمس، فإنه يسن عند ذلك تعجيل الفطر، فتعجيل الفطر إنما هو في حال تيقن غروب الشمس.

وأما في حال الشك فإنه لا يجوز الفطر اتفاقًا، ولا يستحب التعجيل بل يحرم التعجيل عند ذلك.

ومثله حال الظن الذي لا يستند إلى اجتهاد؛ فإذا ظنَّ ظنًّا لا يستند إلى اجتهاد فهو كما لو شك.

إذًا هذان حالان يحرم فيهما التعجيل:

الحال الأولى: أن يشك، وهذا لا خلاف فيه بين العلماء أنه لا يجوز له الفطر.

الحال الثانية: أن يظن ظنًّا لا يستند إلى اجتهاد، وهذا كالشك.

وهناك حال ثالثة: حال ما إذا ظنَّ ظنًّا يستند إلى اجتهاد يتعذر معه اليقين؛ كما لو كانت السماء مغيمة، فهل يستحب تعجيل الفطر أو لا؟ للعلماء في هذا قولان:

القول الأول: أنه في هذه الحال إذا ظنَّ غروب الشمس باجتهاد حال عدم القدرة على اليقين، فإنه لا يسن له التعجيل، هذا ما ذهب إليه جماعة من أهل العلم. لكن بعضهم قال: لا يسن، لكنه يجوز له التعجيل، البحث في السنية، أما الجواز فيرون الجواز.

القول الثاني: قالوا: لا يستحب التأخير للتيقن، بل يُفطر على غالب ظنه، فالتعجيل يستحب في هذه الحال عند قوة الظن بغروب الشمس.

واستندوا في هذا إلى ما جاء في البخاري من حديث هشام بن عروة عن فاطمة عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنها، قالت: «أَفْطَرْنَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ غَيْمٍ، ثُمَّ طَلَعَتِ الشَّمْسُ» أخرجه البخاري (1959) .

وهذا الحديث الذي يحكي عمل الصحابة - رضي الله تعالى عنهم - يدل على استحباب التعجيل بغلبة الظن المستند إلى اجتهاد عند تعذُّر اليقين؛ فإنهم لم يفعلوا ذلك إلا بعلم منه - صلى الله عليه وسلم -، فحصوله في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وعدم إنكار النبي - صلى الله عليه وسلم - عليهم، وإقراره لهم، وَهُمْ مَنْ هُمْ - رضي الله تعالى عنهم - في الاحتراز للطاعة والاحتياط للعبادة - يدل على أن الاستحباب قائم حتى في هذه الصورة.

فتلخص لنا من قوله - رحمه الله -: (وسننه ستة: تعجيل الفطر) أن تعجيل الفطر سنة بالاتفاق فيما إذا تيقن غروب الشمس، إما برؤية أو بخبر عدلين بالاتفاق، أو عدل على القول الراجح.

أيضًا يسن التعجيل عند تعذُّر اليقين مع وجود غلبة ظن يستند إلى اجتهاد، ودليله فعل الصحابة زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - في يوم الغيم، هذه الحال الثانية.

الحال الثالثة: أن يكون الفطر مستندًا إلى ظن، لكنه لا يعتمد على اجتهاد صحيح، فهذا يحرم معه التعجيل.

الرابعة: أن يشك، حال الشك في غروب الشمس؛ فهنا لا يجوز له الفطر اتفاقًا، ولا يسن له التعجيل، هذا ما يتعلق بقوله - رحمه الله - (وسننه ستة: تعجيل الفطر) فتبين أنه يسن في حالين: حال اليقين، وحال غلبة الظن التي يتعذر معها اليقين.

    

وقوله - رحمه الله -: (يسن تعجيل الفطر) سيأتينا ببيان ما يتعلق بماذا يحصل الفطر في كلام المؤلف، والصواب أن سنية تعجيل الفطر تُدرك بكل ما يكون من المفطرات، واستثنى بعض الفقهاء الجماع، ولكن الصواب أن سنية تعجيل الفطر تحصل بكل ما يكون من المفطرات، وسيأتي ما الذي يسن أن يفطر عليه؟

    

ثم قال - رحمه الله - بعد ذلك: (وتأخير السحور) أي: ويُسنُّ تأخير السحور، وتأخير السحور سُنَّة ثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فقد جاء عنه في الصحيح من حديث أنس - رضي الله تعالى عنه - قال - صلى الله عليه وسلم -: «تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَة» أخرجه البخاري (1923)، ومسلم (1095) «فِي السَّحُورِ» و«فِي السُّحُورِ»؛ السَّحور بالفتح هو اسم لما يتسحر به من الطعام والشراب، والسُّحور بالضم هو الفعل، والسحور وقتٌ مبارك فهو وقت التنزُّل الإلهي، والذي أثنى الله تعالى فيه على المستغفرين: ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُون الذاريات: 18.

وأما السَّحور فهو أيضًا مبارك بما يحصل به من تقوية البدن ونفعه وإعانته على العبادة واتباع سنة النبي –صلى الله عليه وسلم - وغير ذلك من الفوائد.

  

اختبر تحصيلك

يجب تسجيل الدخول اولا لتتمكن من مشاهدة الاختبار التحصيلى

التعليقات


التعليق